في شوارعنا .. تتمنى ألا تسمع ولا ترى!

في الكثير من دول العالم ترى الناس في الصباح الباكر مبتسمين ويحاول بعضهم أن يستفتح صباحه مع أصدقائه أو حتى مع من لا يعرف بطرفة مضحكة أو يفسح الطريق لغيره إن كان يقود سيارته أو يفتح الباب لمن خلفه قبل دخوله الدوام، أما عندنا ونحن أصحاب أكبر رسالة أخلاقية والتي جعلت من التبسم في وجه من ترى صدقة، ونهت عن شح الأنفس وأوصت بالتفسح في المجالس، تشاهد في شوارعنا من الأمور ما يجعلك تتمنى ألا ترى ولا تسمع.
فعند إشارة المرور تلحظ من يقف أمام الإشارة أو يأتي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ولا يلتفت إلى غيره، وبعضهم ينظر إليك ولا يكلف نفسه برفع يده للسلام، كما ترى بعض الشباب قد رفع صوت المسجل حتى وكأن الأرض تتحرك من قوة الصدى، والويل لك إن نصحت بعضهم.
تعجب في شوارعنا ممن لا يتورع عن رمي المخلفات وأعقاب السجاير من سيارته بل وحتى أنك تشاهد بعض الوافدين يبصق (أعزكم الله) في الشارع، هذه التصرفات(Littering) في الدول المتقدمة تصل غرامتها إلى أكثر من ألفي ريال، ولكن من أمن العقوبة أساء الأدب.
في بعض شوارعنا الداخلية لا تكاد تمشي أكثر من خمسين متراً إلا وتشاهد مطباً تأديبياً وقد يحق لنا أن نحصل على الأرقام القياسية العالمية في عدد تلك المطبات، كما تعجب كيف يعاقب الجميع بسبب تصرف فئة قليلة من الناس شجعهم في تجاوزهم غياب التربية العائلية والمجتمعية وضعف جهاز المرور، والعجب الكبير أنه لا توجد نية صادقة في حل هذه المشكلة عدا المحافظة على معاقبة الأكثرية في الإبقاء على الظواهر غير الحضارية (تفحيط + مطبات) فهي لا تحتاج إلى جهد أو اجتهادات.

الحفاظ على الأنفس في الإسلام مبدأ لا تجد له مثيلاً في الكثير من الديانات والمعتقدات، ولكن كم هو مؤسف أن عبور الشارع لا يقدر عليه إلا من يتمتع بالفتوة وتكون سرعته كالغزلان، فأهم بند من بنود الحصول على رخصة القيادة في البلدان المتقدمة هو احترام المشاة، ويجب عليك أن تقف لمجرد مشاهدة رجل أو امرأة تنوي عبور الشارع حتى وإن لم يكن في المكان المخصص لعبور المشاة، لذا تجد أن نسبة الدهس في شوارعنا محزنة جداً كما أصبح عبور الشوارع من المغامرات.
واقع الحال في شوارعنا يحتاج إلى تضافر الجهود فنحن والله أشبه ما نكون في معركة الغلبة فيها للقوي، خسائرها فقدان بعض الأرواح ورفع ضغط الدم والاختناقات المرورية وكذلك التكلفة المادية في تنظيف الشوارع، فالحل لا يمكن أن يكون إلا بوجود أنظمة صارمة وكذلك نشر ثقافة احترام الآخر والمواطنة الصادقة المتمثلة بأن تحب لغيرك ما تحب لنفسك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي