القول الفصل في متعاوني الهيئة

شرفت بالعمل الميداني في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نهاية عام 1404هـ، وكان رئيس الجهاز آنذاك الشيخ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ - يرحمه الله - وفي ذلك الحين كانت الهيئة تتمتع باستقلالية تامة، وتفسح المجال لعمل المتعاونين غير الرسميين وتمنحهم إذناً بذلك، ونتيجة لوجود بعض الاجتهادات الفردية تم إيقاف باب التعاون في العمل الميداني تحت مظلة الهيئة من ذلك الحين، وتم تصحيح أوضاع المتعاونين ليقتصر العمل الميداني على أعضاء الهيئة الرسميين فحسب، وبعد تقلد الشيخ الدكتور عبد العزيز السعيد - وفقه الله - رئاسة الهيئة سعى للنهوض بالعمل الميداني، وكان من أعماله البارزة استقطاب نخبة من منسوبي وزارة المعارف - آنذاك - للعمل رؤساء لمراكز الهيئة وبعض هيئاتها وفروعها، وكان لهذه الخطوة أثر في ملموس في تحسين أداء العمل يشهد بذلك من عاصر تلك الفترة، وتلا هذه المرحلة إسناد رئاسة الهيئة للشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن الغيث - وفقه الله - الذي عاصر مراحل الجهاز من بداية حياته الوظيفية إلى حين تقلده الرئاسة، فسعى للتطوير في الجهاز من خلال الاستعانة بمستشارين وأكاديميين من بعض الجامعات، فمع محدودية عددهم إلا أن الجهاز استفاد من خبراتهم وبرامجهم العملية، وأسس مركز البحوث والدراسات في الرئاسة الذي بدأت الهيئة تقطف ثمار إنجازاته أخيرا من خلال البحوث والدراسات الميدانية، التي أسهمت بشكل فاعل في خدمة الجهاز وأعماله، وبعد تقلد الشيخ عبد العزيز بن حمين الحمين - يحفظه الله - الرئاسة عمل بكل دأب على النهوض بعمل الجهاز فنقل أعماله نقلة نوعية من خلال الاستفادة من بيوت الخبرة المتخصصة للنهوض بأعمال الهيئة وفق منهجية علمية مدروسة، ومن أهم المشاريع التطويرية التي نفذتها الهيئة الخطة الاستراتيجية للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (حسبة) الذي أسند لمجموعة من الخبراء المتخصصين من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وغيره من المشاريع والكراسي البحثية، والبرامج والدورات النوعية التي أسهمت في تطوير العمل بشكل ملموس.
فمن خلال هذا العرض الموجز للحقبة الزمنية التي عشتها عن قرب مع جهاز الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف لما يزيد على ربع قرن من الزمن، عملت خلالها عضواً ورئيساً لعدد من المراكز والهيئات ومستشارًا غير متفرغ بالرئاسة، لم أقف على إقرار أو تقنين جهاز الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على تعاقب المشايخ الذين تقلدوا رئاستها لعمل متعاونين من خارج جهاز الهيئة، ولا يوجد في نظام الهيئة ولا لائحتها التنفيذية ولا أنظمتها وتعليماتها الداخلية ما يسمح بتمكين غير أعضاء الهيئة الرسميين في الجهاز من العمل الميداني ومباشرة أعمال القبض والاستيقاف للمخالفين! فأين هم المتعاونون الذين يزعم أنهم يعملون مع الهيئة؟
أما التعاون في الإبلاغ عن القضايا والمخالفات - دون القبض على مرتكبيها - فهذا ما يجري عليه عمل جميع جهات الضبط الجنائي بما فيها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقر ذلك الشرع والنظام، بل إن جهات الضبط تخصص مكافآت مالية ترصد للمتعاونين في هذا الباب نظير إسهاماتهم في القضاء على الفساد والإبلاغ عن المفسدين، ومن آخر الجهات التي تبنت ذلك وأعلنته هيئة مكافحة الفساد، فكلنا في هذا الوطن نتعاون على البر والتقوى، ونسعى لإزالة المنكر وأوجه الفساد بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة التي تباشر أعمال الضبط وفق مهامها واختصاصاتها التي حددها النظام.
وختاماً أجزم بأن الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، سليل الإمام المجدد، سيواصل المسير نحو النهوض بأعمال جهاز الرئاسة وتطوير أداء العاملين بما يرضي الخالق - عز وجل - ويحقق آمال وتطلعات ولاة أمرنا - وفقهم الله لكل خير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي