الرحلات الداخلية المظلومة

ضمن جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الإثنين الثالث من صفر لهذه السنة، كلف المجلس الهيئة العامة للطيران المدني بعمل دليل إرشادي لتحديد أسعار التذاكر الداخلية ليحل محل الأسعار الحالية. كما أمر المجلس بتشكيل لجنة من وزارة المالية ووزارة البترول والثروة المعدنية ووزارة الاقتصاد والتخطيط، والهيئة العامة للطيران المدني، لمراجعة أسعار الوقود في المطارات السعودية ومقارنتها بالأسعار المعمول بها في مطارات المنطقة، والرفع إلى المقام السامي بما يتم التوصل إليه. أسعار تذاكر الخطوط الجوية لدى الناقلات التي تعمل في بيئة حرة وتنافسية ــــ مثل خطوط ''لوفتهانزا'' و''الخطوط البريطانية'' و''خطوط سنغافورة'' على سبيل المثال ــــ نتاج بحت لعلم تسعير المنتج التجاري القائم على العرض والطلب ومواصفات وجودة المنتج. وعندما ترتفع الأسعار قد يرتفع العائد، ومن ثم تزيد الأرباح أو قد يحصل العكس حين يعزف الناس عن الطائرة ويتجهون إلى وسائل نقل أرخص. نموذج النقل الجوي الداخلي لدينا له خصوصية أيضا، فالدولة تتبنى خططا خمسية تهدف إلى تحقيق الرفاهية للشعب، والدولة هي المالكة للمورد شبه الوحيد المحرك لعجلة الحياة لدينا وهو النفط. النقل الجوي لدينا مختلط بين الحاجة الأساسية للبعض كالمرضى وقاطني المناطق البعيدة، وبين الرفاهية لدى البعض كالرحلات السياحية والاجتماعية. العامل الاجتماعي/ الاقتصادي يجب إعادة نمذجته من قبل اللجنة التي عليها إدخال عوامل قد تغيب عنهم وعدم حصر نموذج التسعير بوقت الرحلة مثلا أو المسافة بين مطارين. المسافر بين الرياض والدمام، مثلا، لديه وسائل نقل بديلة ولهذا فإن تكلفة ساعة الطيران يجب أن تختلف عن الرحلة بين الرياض وعرعر أو الرياض وجيزان مثلا حيث تنعدم وسائل نقل فاعلة ويبقى النقل البري، حيث عامل العناء الذي يجب أن يدرج في النموذج أعلاه. في الرحلات الدولية نجد أن الخطوط السعودية تعي هذا العامل وتمتثل مجبرة للمنافسة على الرحلات الطويلة ذات القدرة الشرائية المتدنية مثل الرحلات إلى مدن شبه القارة الهندية، حيث التعرفة المنخفضة قياسا على طول الرحلة بالساعات. رغم الدعم الكبير من قبل الدولة للخطوط بالوقود والتذاكر الحكومية عالية التعرفة، إلا أنها لم تنجح في الوصول إلى ربحية ومن ثم زيادة عدد طائراتها وإعطاء السوق الداخلي حقه المشروع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي