جبل طارق واحة اقتصادية مزدهرة وسط الركود الإسباني
تعيش جبل طارق واحة اقتصادية مزدهرة وسط الركود الإسباني المستمر منذ سنوات، ويتناقض ما تشهده المنطقة البريطانية التي تطالب إسبانيا بالسيادة عليها، من نمو هائل وانعدام البطالة وكثرة الشركات المزدهرة، بحسب ''الفرنسية''.
وأفادت الغرفة التجارية المحلية في تقريرها السنوي أنه ''بينما تواجه بريطانيا وإسبانيا نموا بطيئا يتوقع أن يستمر لسنوات طويلة، ويبدو أحيانا أن جبل طارق عالق خارج الفضاء والزمن الاقتصاديين''.
وفيما كانت لندن تشهد العام الماضي نموا متواضعا بنسبة 0.2 في المائة ومدريد تواجه تراجعاً اقتصادياً بنسبة 1.4 في المائة، كان جبل طارق على النقيض يبدو فعلا في كوكب بعيد وقد تمثل ذلك في قفزة لإجمالي الناتج الداخلي بلغت 7.8 في المائة إلى 1.2 مليار جنيه استرليني (1.4 مليار يورو).
وفي هذه المنطقة، التي تبلغ مساحتها سبعة كيلومترات مربعة يعتبر إجمالي الناتج الداخلي للفرد الواحد من الأكثر ارتفاعا في العالم.
وقال بدرو اثنار الأستاذ في مدرسة التجارة ''ايسادي'' في مدريد إن الوضع الاقتصادي في جبل طارق في هذه الفترة مريح، ويتناقض ذلك كلية مع وضع جنوب إسبانيا، الذي يتسم بركود اقتصادي كبير ونسبة بطالة عالية.
وفي حين تكاد تبلغ نسبة التوظيف مائة في المائة في هذه المنطقة التى حصل عليها البريطانيون سنة 1713، إذ يوجد 2.5 في المائة فقط من العاطلين عن العمل بها، تضم منطقة الأندلس المحيطة به، أكبر عدد من العاطلين عن العمل 35.8 في المائة في إسبانيا.
وأشار الناطق باسم الحكومة المحلية ستيوارت جرين إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية لم تطل جبل طارق، وذلك بفضل ركائزها الأربعة وهي الخدمات المصرفية والمالية والسياحة والنشاط المرفئي والرهانات على الإنترنت، حيث تدر النشاطات الثلاثة الأولى ما بين 25 إلى 30 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، والرابعة نحو 15 في المائة.
ويضيف جون فليتشر الباحث في جامعة بورنماوث في المملكة المتحدة ''إنني أدرس اقتصاد جبل طارق منذ 35 سنة ورأيته ينمو وينتقل من اقتصاد دعم لوزارة الدفاع البريطانية، الذي كان حينها يدر 60 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي إلى اقتصاد يعتمد كثيرا على مهنيين أكفاء.
ومع انسحاب القسم الأكبر من القوات البريطانية من جبل طارق أصبح الجيش لا يأتي سوى بـ 6 في المائة من الثروة المحلية.
لكن مدريد تقول إنه إذا كانت ''الصخرة'' كما تلقب المنطقة، تضم اليوم 18 ألف شركة ناشطة ومسجلة رسميا مقابل نحو 30 ألف ساكن، فذلك لأنها ملاذ ضريبية، ويشتبه في أن العديد من الشركات الإسبانية تختار نقل مقرها لجبل طارق للاستفادة من ذلك.
لكن إدوارد ماكيستن المدير العام لغرفة التجارة في جبل طارق ينفي ذلك قائلا ''بإمكاني القول إن الناس والشركات هنا يدفعون ضرائبهم. إن قول عكس ذلك خداع''.
ويشاطره الرأي ستيوارت جرين بالقول ''إننا بوضوح لسنا في ملاذ ضريبي لكن الضرائب التي ندفعها على الموارد والشركات أدنى بقليل مما يدفعه العديد من الدول الأوروبية''.
وقد أزيلت منطقة جبل طارق التي لا تطبق نظام القيمة المضافة في2009 عن ''اللائحة الرمادية'' لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عندما وافقت على تبادل المعلومات الضريبية مع نحو عشر بلدان.
وفي مطلع 2011 ألغت نظامها، الذي يعفي من الضرائب بعض الشركات لكن النسبة المطبقة (10 في المائة) تظل متدنية جدا، مقارنة بجارتها إسبانيا (30 في المائة).
واعتبر بدرو اثنار أن جبل طارق ''تطبق نظاما ضريبيا يجلب الأموال، وبالتالي فإنها تشبه منجنة ضريبية بدون أن تكون ملاذا ضريبياً''.