تسديد 585 مليار ريال من الدين العام في 10 سنوات
نجحت السعودية في تخفيض الدَّين العام لديها، للعام العاشر على التوالي، ليصل إلى 75.1 مليار ريال بنهاية 2013م، متراجعاً بنسبة 24 في المائة عن مستوياته في 2012م، والبالغة 98.9 مليار ريال، لتخفض الدولة دَينها العام، بقيمة 23.7 مليار ريال في آخر عام.
ووفقاً لتحليل وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة ''الاقتصادية''، تكون السعودية قد سددت 584.7 مليار ريال من دَينها العام في آخر عشر سنوات، لينخفض بنسبة 89 في المائة عن مستوياته في 2003م والتى كانت 660 مليار ريال.
وكانت أعلى قيمة تم سدادها من الدَّين خلال الفترة من 2004م وحتى 2013م، في عام 2005م حيث تم سداد 150 مليار ريال، ليصل الدَّين العام إلى 460 مليار ريال بعد أن كان بحدود 610 مليارات ريال في 2004م.
#2#
#3#
وكانت ميزانية 2005م، قد سجّلت فائضاً بحدود 218 مليار ريال. فيما كانت أدنى قيمة تم سدادها في الفترة نفسها، هي عشرة مليارات ريال في عام 2009م، عندما حققت ميزانية الدولة عجزاً بحدود 87 مليار ريال.
يُشار إلى أن الدَّين العام السعودي كان قد تراجع في 2012م للعام التاسع على التوالي، متراجعا بنسبة 27 في المائة عن مستوياته في 2011م، والبالغة 135.5 مليار ريال.
وكان الدَّين العام قد سجّل 660 مليار ريال في 2003م، ومنذ ذلك التاريخ والدولة تنتهج سياسة تخفيضه عاماً تلو الآخر، مستفيدة في ذلك من عوائد النفط المرتفعة والفوائض الكبيرة في سداد الدَّين، حتى تقلص إلى 135.5 مليار ريال في 2011م، أقل بنسبة 79 في المائة مما كان عليه في 2003م، وذلك بنسب تخفيض تُراوح بين 4 في المائة، كأقل نسبة في 2009م عندما حققت ميزانية الدولة عجزاً، و27 في المائة كأعلى نسبة في عامي 2012م و2007م.
وبلغت نسبة الدَّين 5.9 في المائة من الناتج المحلي بالأسعار الثابتة (الحقيقي) في 2013م، والبالغ 1264 مليار ريال. وتتراجع نسبة الدَّين من الناتج منذ عام 2003م حينما كان الدَّين 660 مليار ريال تشكل 96 في المائة من الناتج البالغ 686 مليار ريال حينها، حتى بلغت نسبته 8.1 في المائة من الناتج لعام 2012م والبالغ 1218 مليار ريال.
كما تراجعت نسبة الدَّين العام السعودي من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية (الاسمي) للعام العاشر على التوالي، لتصل إلى 2.7 في المائة في 2013م، وهي أقل نسبة في العقد الأخير، بعد أن بلغ الدَّين العام 75.1 مليار ريال، فيما الناتج المحلي الإجمالي بحدود 2795 مليار ريال.
وكانت نسبة الدَّين العام من ''الناتج المحلي'' متذبذبة قبل عام 2003م، لكن ومنذ عام 2004م ونسبته تنخفض بشكل منتظم، حتى تراجعت من 82 في المائة في 2003م، حينما كان الدَّين العام بحدود 660 مليار ريال، والناتج المحلي الإجمالي 805 مليارات ريال، إلى أن وصلت النسبة إلى 3.7 في المائة في 2012م، بعد أن سجّل الدَّين العام 98.8 مليار ريال، مقابل ناتج محلي بحدود 2666 مليار ريال، قبل أن تصل إلى 2.7 في المائة في 2013م.
ويدعم الحكومة السعودية في عملية تخفيض نسبة الدَّين العام من الناتج المحلي، عاملان رئيسان؛ هما الاستفادة من فوائضها الضخمة في السنوات الأخيرة في سداد الدَّين من جهة، وارتفاع معدلات الناتج المحلي الإجمالي من جهة أخرى، بفضل ارتفاع الإيرادات النفطية بشكل مستمر، إضافة إلى نمو الإيرادات غير النفطية، وتحديدا من القطاع الخاص.
وقد يتساءل البعض: كيف يكون لدى السعودية دَين عام رغم الفوائض الضخمة المتراكمة في ميزانياتها؟ والسؤال الآخر: هل يعني تراجع حجم الدَّين أنه يجب أن تصل قيمته إلى الصفر؟
للإجابة عن السؤالين، يمكن القول: إنه ليس بالضرورة أن يصل الدَّين العام إلى الصفر، بل قد يكون من المستحيل، ذلك لأن عملية طبع النقود لا يمكن أن تتم بدون وجود دَين عام، حيث تستخدم البنوك المركزية السندات الحكومية كغطاء للعملة المصدرة ضمن أصول أخرى، بعد أن كانت تستخدم الذهب مسبقاً.
بالتالي، مهما بلغت فوائض الميزانية السعودية، ستستمر الدولة في إصدار سندات للدَّين العام لتستخدمها في تغطية إصدار النقود.
وللدَّين العام فوائد عديدة ومهمة، منها إدارة السيولة في الاقتصاد، حيث يمكن استخدام أدوات الدَّين قصيرة الأجل لامتصاص السيولة من الاقتصاد في حالة التضخم، باستخدام أداة عقود إعادة الشراء التي استخدمتها مؤسسة النقد السعودي ''ساما'' عام 2007م، عندما ارتفع معدل التضخم.
والفائدة الأخرى للدَّين العام، هي توفير الفرصة للمؤسسات المالية، ومؤسسات التقاعد والتأمينات، ومؤسسات الإقراض المتخصصة، والأفراد أيضا، لتنويع أصولهم الاستثمارية.
فبدلا من الاستثمار فقط في أصول ذات مخاطر عالية مثل الأسهم، أو في الأصول منخفضة السيولة مثل العقار، يمكن استخدام السندات المصدرة من الحكومة لتنويع الأصول، ما يسهم في تخفيض مخاطر المحافظ الاستثمارية وتعظيم أصولها.
وأخيراً، يعتبر وجود دَين عام مصدرا في شكل سندات في كل دولة أهمية كبيرة، لأنه يعتبر مرجعية أساسية لتسعير الأصول الاستثمارية.
فسندات الحكومة المركزية هي الأقل مخاطرة بين درجات الأصول (سندات حكومات محلية، سندات شركات، سندات رهن عقاري، أسهم، عقارات، وغيرها)؛ بالتالي، فإنها تعد مرجعية أساسية في تسعير العائد على الأصول الأخرى.
* وحدة التقارير الاقتصادية