حملة التصحيح ودور الإعلام الخارجي

تَضمن برنامج حواري في قناة تلفزيونية ألمانية - كنت أحد ضيوفه - عديدا من المغالطات حول حملة تصحيح أوضاع العمالة الوافدة المخالفة لنظامي العمل والإقامة في المملكة.
من بين المغالطات والتصورات المخالفة للواقع ولحقائق حملة التصحيح وأهدافها السامية والنبيلة، أن الحملة عمدت إلى طرد العمالة الأجنبية من البلاد وإبعادها بأسلوب لا يكاد يخلو من القسوة والعنف الذي يتنافي ويناقض مع أبسط حقوق الإنسان، كما أن ترحيل العمالة المخالفة لنظام الإقامة في المملكة تم بأسلوب غير حضاري وعصري.
ومن بين المغالطات أيضاً التي تضمنتها المقابلة المذكورة، أن العمالة الأجنبية في بلادنا تُعامل أثناء وجودها في المملكة من قبل أرباب العمل بموجب نظام الكفالة، بأسلوب حياتي ومعيشي يغلب عليه طابع الاستعباد ويفتقد الرحمة والمحافظة على حقوق العاملين.
من الواضح جداً أن الصورة الحقيقية والأهداف التنظيمية لحملة تصحيح أوضاع العمالة المخالفة لنظامي الإقامة والعمل في بلادنا، لم تتجاوز حدود المملكة، ولا سيما حين النظر والأخذ في الاعتبار ما تحقق عن الحملة من إيجابيات عديدة انعكست على سوق العمل السعودية، وأيضاً على الحياة المعيشية والأمنية للمواطنين والمقيمين على حد سواء.
ومن الواضح جداَ أيضاً أن الجهود التي بذلتها الحكومة السعودية في معالجة أوضاع العمالة المخالفة لنظام الإقامة في المملكة، وما سخرته من إمكانات بشرية ومادية، لم تنقل للعالم الخارجي بالشكل الذي يعكس إنسانية المملكة ورقي تعاملها في ترحيل قرابة مليون عامل مخالف بعد انتهاء فترة التصحيح، ولا سيما أن الحكومة هيأت للعمالة التي تم ترحيلها مراكز للإيواء وسخرت لها جميع الإمكانات المعيشية والحياتية التي كفلت لها حياة كريمة منذ دخولها إلى تلك المراكز حتى يتم ترحيلها إلى بلدانها. كما وفرت الدولة رحلات مباشرة من المناطق التي ضبطت فيها العمالة المخالفة دون الاضطرار إلى التنقل بهم من مدينة إلى أخرى لظروف الطيران.
إن ما شهدته الفترة القصيرة للتصحيح من إجراء ثلاثة ملايين و900 ألف عملية إصدار أو تجديد رخصة عمل ومليونين وثلاث مائة وأربعة وسبعين ألف عملية تعديل مهنة، إضافة إلى مليونين و461 ألف عملية نقل خدمة، يدل بوضوح على أن المملكة ليست بلداً طارداً للعمالة الأجنبية وغير مضياف، بل على العكس من ذلك تماماً فالمملكة تعد من بين أفضل بيئات العمل للأجانب، ولا سيما في بيئة عمل ومعيشة خالية تماماً من فرض ضرائب على دخول الأفراد، كما يحظى فيها الأجنبي المقيم في المملكة بعديد من المزايا التي يحظى بها المواطن السعودي، وبالذات من حيث الدعم العام المباشر وغير المباشر الذي تقدمه الحكومة لعديد من السلع والخدمات، التي من بينها المواد الغذائية والخدمات الأساسية.
إنه لمن المؤسف جداً، أن النظرة الدولية السلبية لحملة التصحيح، تجاهلت تماماً الحق السيادي للمملكة كبقية دول العالم في عدم السماح لأي كائن كان أن يبقي على أراضيها وهو مخالف لنظام الإقامة، وبالذات لو كان متسللاً.
إن ما تحقق عن حملة التصحيح من إيجابيات عديدة للوطن والمواطن والمقيم على حد سواء لم تعكس للعالم الخارجي بالشكل المطلوب الذي يعزز مكانة المملكة وإنسانيتها في التعامل مع الأجانب المقيمين فيها، حيث على سبيل المثال، أكدت جهات أمنية في السعودية أن معدل الجرائم انخفض بنسبة 11 في المائة منذ بداية الحملة الأمنية لضبط المخالفين لنظامي العمل والإقامة. كما أن هناك مكاسب كبيرة تحققت لسوق العمل، التي لعل من بين أهمها وأبرزها، إتاحة فرص عمل للشباب السعودي ليحل مكان العمالة الأجنبية غير النظامية، حيث تم توفير فرص عمل للشباب بما يزيد على 250 ألف وظيفة.
إن حملة التصحيح لم تبرز بوضوح للعالم الخارجي على خط موازِ، جهود الحكومة السعودية الرامية للمحافظة على حقوق العمالة الوافدة المالية وغيرها، حيث على سبيل المثال، أطلقت وزارة العمل في وقت سابق، برنامجا لحماية الأجور، يهدف إلى المحافظة على الحقوق المالية للمواطنين والأجانب العاملين في منشآت ومؤسسات القطاع الخاص، لتكفل بذلك أنها تدفع بالكامل وفقاً لبنود عقد العمل وفي الوقت المحدد لذلك دون أي تأخير يذكر. كما أن عدم سماح وزارة العمل للشركات والمؤسسات بتشغيل العمالة في الأعمال المكشوفة تحت أشعة الشمس من الساعة الثانية عشرة ظهرًا إلى الساعة الثالثة مساءً وفرض عقوبات صارمة في حق الشركات المخالفة، يؤكد حرص الحكومة السعودية على حماية العمالة الأجنبية صحياً وجسدياً بعدم تعريضهم لضربات الشمس أو إلى غير ذلك من الأمراض المرتبطة بالتعرض لأشعة الشمس العمودية.
إن لإعلامنا الخارجي دوراً مهما في توضيح الصورة الحقيقية لحملة التصحيح والجهود التي تبذلها الحكومة السعودية بهدف المحافظة على حقوق العمالة الأجنبية، سواء تلك المرتبطة بحياتهم المعيشية في المملكة أو المرتبطة بوجودهم في سوق العمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي