شراكة ناجحة لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة

يعد برنامج كفالة المنشآت الصغيرة والمتوسطة «كفالة»، أحد أفضل الشراكات الناجحة بين القطاعين الحكومي والخاص لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتفعيل دورها ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.
تأسس برنامج كفالة عام 2006 برأسمال مشترك (مناصفة) بين وزارة المالية والمصارف السعودية المشاركة، بغرض التغلب على معوقات التمويل التي تواجهها المنشآت الصغيرة والمتوسطة المجدية اقتصادياً، ولا تملك في الوقت نفسه القدرة على تقديم الضمانات المطلوبة لجهات التمويل. من هذا المنطلق تم تأسيس البرنامج بغرض تغطية نسبة من مخاطر الجهة الممولة في حالة إخفاق النشاط المكفول في سداد التمويل أو جزء منه. ولتشجيع المصارف على تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تمتلك مقومات النجاح ولا يمكنها تقديم الضمان اللازم أو السجلات المحاسبية التي تثبت أهليتها للحصول على التمويل، أسندت إدارة البرنامج إلى صندوق التنمية الصناعية السعودي SIDF.
واستندت رؤية البرنامج إلى تفعيل التعامل والتعاون بين المصارف السعودية المشاركة بالبرنامج وقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بهدف دعم تنميتها واستقرارها، ومحاولة الإسهام في توسيع قاعدة المتعاملين مع المصارف من خلال هذه المنشآت بتوفير التمويل اللازم لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة عن طريق المصارف بغض النظر عن معيار الضمانات التقليدية، التي تقدمها المنشآت لجهات التمويل، وذلك كما أشرت عن طريق تغطية نسبة من مخاطر الجهة الممولة قد تصل إلى 80 في المائة من قيمة التمويل المقدم من قبل جهة التمويل، وذلك في حالة إخفاق النشاط المكفول في سداد التمويل أو جزء منه.
وبغرض إحداث تغيير نوعي في القرار الائتماني للمصارف المشاركة في البرنامج، هَدف البرنامج إلى مساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الحصول على التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية، وإلى تشجيع المؤسسات المالية على التعامل مع قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بغرض جذب شريحة جديدة من أصحاب المنشآت، التي لم تعتد على التعامل مع جهات التمويل، وذلك بغية المساهمة في تنمية وتطوير قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتتمكن من أن تحقق دورها المهم في الاقتصاد الوطني، المتمثل في توفير فرص عمل جديدة باستخدام أقل قدر من رأس المال، بما في ذلك تنمية المحافظات الأقل نمواً اقتصادياً.
وشهد البرنامج منذ انطلاقته حتى عامه الثامن أداءً متميزاً، إذ اعتمدت إدارة البرنامج خلال العام الماضي 2,515 كفالة مقابل 1,670 كفالة تم اعتمادها في عام 2012، بمعدل نمو بلغت نسبته 50 في المائة، وبقيمة إجمالية للكفالات بلغت 1,286 مليون ريال مقابل 949 مليون ريال خلال عام 2012، وبزيادة بلغت نسبتها 36 في المائة، في حين بلغت قيمة التمويل المقدم من المصارف المشاركة في البرنامج 2,348 مليون ريال في العام الماضي مقابل 1,768 مليون ريال في العام الذي سبقه، بزيادة بلغت نسبتها 33 في المائة.
وخلال الفترة من عام 2006 (بداية تأسيس البرنامج) حتى نهاية العام الماضي، اعتمدت إدارة البرنامج 7,280 كفالة، بقيمة إجمالية بلغت 3,580 مليون ريال، وقيمة تمويل قدمت من المصارف المشاركة بالبرنامج، بلغت قيمتها 7,184 مليون ريال، استفاد منها 4,082 منشأة صغيرة ومتوسطة تعمل في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، التي تسهم بفاعلية في إضافة قيمة مضافة للاقتصاد، وفي استحداث وظائف للمواطنين والمواطنات السعوديين والسعوديات.
وفى إطار تحقيق هدف التنمية المتوازنة في جميع مناطق المملكة، فقد حرصت إدارة البرنامج على استفادة جميع المناطق الإدارية في المملكة من البرنامج بشكل عادل ومتكافئ، يحقق الأهداف المنشودة من البرنامج، إضافة إلى تحقيق التنمية المستدامة والشاملة للاقتصاد التي تنشدها الحكومة السعودية.
وما شجع على استمرار البرنامج في تحقيقه لتلك الإنجازات الطموحة منذ نشأته حتى نهاية العام الماضي، نسبة التعثر المنخفضة للغاية مقارنة بحجم محفظة التمويل المقدم من قبل المصارف، إذ لا تتجاوز نسبة التعثر 1 في المائة، التي تعد نسبة معقولة للغاية، حيث على سبيل المثال، شهد عام 2012 تسييل خمس كفالات بقيمة مليون ريال لمصلحة المصارف المشاركة في البرنامج، وبذلك ارتفع عدد الكفالات المسيلة منذ انطلاقة البرنامج حتى نهاية عام 2012 إلى 43 كفالة بقيمة إجمالية بلغت 18.5 مليون ريال.
جدير بالذكر أن نشاط البرنامج لم يقتصر على إصدار الكفالات لتوفير التمويل اللازم لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بل امتد ليشمل جانب التدريب والتثقيف والتطوير لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة والجهات ذات العلاقة، وذلك بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية IFC التابعة للبنك الدولي والمعهد المصرفي IOB التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي وبمشاركة المصارف السعودية والغرف التجارية الصناعية في المملكة. ومنذ بداية نشاط التدريب في البرنامج حتى نهاية عام 2012، نفذ البرنامج 59 دورة تدريبية في مختلف مناطق المملكة الإدارية، تحت اسم (أساسيات البداية في تشغيل وإدارة الأعمال التجارية)، التي وجهت إلى أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، واستفاد منها 1,400 متدرب من بينهم 1,045 متدربا و355 متدربة. كما نظم البرنامج عددا من الفعاليات التثقيفية تحت اسم (يوم المنشآت الصغيرة والمتوسطة)، وذلك بالتعاون مع الغرف التجارية والمصارف المشاركة، بهدف تعريف أصحاب المنشآت بالبرنامج، وشروطه، ومستلزمات وآليات العمل، إضافة إلى المشاركة في العديد من المنتديات والملتقيات والمعارض الخاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
دون أدنى شك وبالذات حين النظر إلى إنجازات برنامج كفالة، فإنه يعد من أفضل البرامج التنموية المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص، التي استهدفت تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وفي الوقت نفسه توسيع قاعدة الاقتصاد الوطني والمساهمة الفاعلة في القضاء على البطالة في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي