فرص للمرأة السعودية في قطاع الطيران

عندما نتكلم عن عمل المرأة السعودية في قطاع الطيران، فلا يعني بالضرورة أن نجرها قسرا إلى قيادة الطائرة أو العمل مضيفة أو مهندسة صيانة طائرات، مع العلم أن هناك سعوديات يرغبن في العمل لو أعطت الحكومة "الضوء الأخضر" لتوظيفهن في مجال مثل الضيافة الجوية.
لكن في الوقت الراهن نكتفي بالمطالبة بتوسيع مشاركة المرأة في قطاع الطيران ضمن وظائف "إدارية" تتلاءم مع طبيعتها وتتيح لها إمكانية التوفيق بين العمل والتزاماتها الاجتماعية، فقطاع الطيران بكل أنشطته قادر على توفير فرص عمل هائلة، لا سيما أنه أحد أركان قطاع السياحة الذي يتشكل أيضا من ركنين آخرين، هما: قطاع الإيواء وقطاع الترفيه.
ولعلنا نستشهد بتجربة مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، حيث قرر القائمون منتصف عام 2013 توظيف نحو 500 فتاة سعودية على مراحل للعمل في إدارة خدمة الركاب داخل المطار، وهي تجربة إذا تحققت بشكل كامل، فإنها جديرة بالتعميم في بقية المطارات السعودية الدولية منها والمحلية.
قطاع الطيران.. قطاع واعد، يستطيع أن يستوعب أعدادا كبيرة من الباحثات عن عمل، إلى درجة ترفع نسبة التوطين في القطاع الخاص، فالإحصائيات تشير إلى أن عدد السعوديين العاملين "رجال ونساء" في القطاع الخاص يشكلون نسبة 15 في المائة من تعداد القوى العاملة "8.7 مليون عامل"، ونسبة السعوديات العاملات في القطاع تبلغ 3 في المائة مقارنة بـ 12 في المائة هي نسبة السعوديين العاملين.
ورغم أن نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل تعد ضئيلة، إلا أنها أفضل حالا من ذي قبل، حيث قفز عدد الموظفات السعوديات في سوق العمل من 48 ألف موظفة سعودية عام 2009 إلى أكثر من 290 ألف موظفة في عام 2013م، أي أن الرقم ارتفع بنسبة نمو تعادل 500 في المائة. في حين أن عدد السعوديين في سوق العمل زاد من 633 ألف موظف عام 2009 إلى 973 ألف موظف بنسبة نمو تقدر بـ 53.8 في المائة.
وكما نلاحظ فإن نسبة نمو القوى العاملة بين الجنسين لا تقارن، فأعداد السعوديات الداخلات إلى القطاع الخاص تتضاعف مقارنة بالسعوديين، ولعل السر في ذلك يكمن في أن المرأة السعودية أكثر إقداما على العمل في القطاع الخاص من الشاب السعودي الذي يفكر كثيرا في الأمان الوظيفي معتقدا أنه لا يتوافر إلا في القطاع الحكومي.
وبناء على ما تقدم، فإننا إذا أردنا توفير فرص عمل للمرأة السعودية في قطاع الطيران، يجب أن نحلل الوضع على مستويين:
المستوى الأول: حصر الشركات التي تعمل في قطاع الطيران بمختلف أنشطته، وتشمل: شركات الطيران ذاتها، وشركات صيانة الطائرات، وشركات التموين، والشحن، والخدمات الأرضية، والسفر والسياحة، وتأجير السيارات.
المستوى الثاني: حصر الوظائف التي من الممكن للمرأة السعودية أن تشغلها، فمثلا نجد أن الوظائف في شركات الطيران تنقسم إلى قسمين: وظائف الملاحين، ووظائف غير الملاحين. وتنقسم وظائف الملاحين إلى نوعين: وظائف قمرة القيادة "طيار ومساعد طيار"، ووظائف المقصورة "كبير مضيفين ومضيف". أما وظائف غير الملاحين، فتتوزع بدءا من العمل في إدارات المبيعات، والتسويق، وخدمة العملاء، ومرورا بالموارد البشرية، وتقنية المعلومات، والشؤون المالية، والمشتريات، والشؤون القانونية، والسلامة، وانتهاء بالعمليات الجوية وصيانة الطائرات.
ولو لاحظنا أنشطة الشركات السابقة "المطلوب حصرها في المستوى الأول"، نتيقن أن المرأة السعودية يمكن أن تؤدي دورا حيويا في الوظائف غير الشاقة "التي لا تتطلب مجهودا بدنيا"، أي الوظائف في الإدارات الأمامية "ذات التماس المباشر مع الجمهور" والخلفية "المساندة"، مع العلم أن 56 في المائة من السعوديات العاملات في سوق العمل ينتمين إلى الفئة العمرية 20 ــ 35 عاما، مما يعني أن عائد التدريب على هذه الفئة سيكون عاليا للشركات العاملة في مجال الطيران، والسبب يعود إلى سرعة تعلم الفتيات من تلك الفئة العمرية على أساليب العمل، وحرصهن على اكتساب مهارات تطوير الذات "مثل مهارات حل المشكلات، ومهارات التعامل مع الآخرين".
وعندما ننظر إلى قاعدة بيانات "حافز"، نجد أن هناك أكثر من 274 ألف باحث وباحثة عن عمل من حملة البكالوريوس، 92.4 في المائة منهم نساء درسن تخصصات نظرية لا يحتاجها سوق العمل مثل: الآداب والتربية، والدراسات الإسلامية، والعلوم الاجتماعية، لكن إذا توافرت برامج تدريب منتهية بالتوظيف في قطاع الطيران، فستنجح ـــ هذه البرامج ــــ في استقطاب العديد من الباحثات عن عمل وتزويدهن بالمعارف والمهارات اللازمة، وأبرزها تمكينهن من إجادة اللغة الإنجليزية بحكم أنها لغة التعاملات الورقية والإلكترونية داخل القطاع.
لذلك، ندعو وزارة العمل إلى أن تطلق مبادرة توطين جديدة من ضمن مبادراتها بالتعاون مع هيئة الطيران المدني والهيئة العامة للسياحة والآثار تستهدف زيادة مشاركة المرأة السعودية في قطاع الطيران، وتذليل الحواجز الاجتماعية والنظامية التي تعترض دخولها إلى هذا القطاع الحيوي من الاقتصاد الوطني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي