القائد .. سنوات التحولات التنموية العميقة
يصادف يوم السبت الموافق السادس والعشرين من شهر نيسان (أبريل) من العام الجاري، مرور تسعة أعوام مباركة على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم في البلاد.
خلال تلك الفترة المباركة من تاريخ المملكة العربية السعودية المعاصر، شهدت البلاد العديد من الإنجازات التنموية والحضارية المتتابعة والمتلاحقة التي طالت شتى مناحي الحياة، الصحية والتعليمية والاجتماعية بما في ذلك الاقتصادية منها، والتي انعكست في مجملها على المسيرة التنموية والحضارية التي تشهدها البلاد بشكل إيجابي للغاية، وليس ذلك فحسب بل إنها انعكست بشكل أكبر وأوسع على الإنسان السعودي، الذي عاش خلال تلك الفترة، حياة كريمة وفي بحبوحة ورغد من العيش.
ومن بين أبرز ما شهدته تلك الفترة على الساحة الاقتصادية والمالية بالتحديد، تحقيق المالية العامة للدولة لحجم إيرادات، يعد الأعلى في تاريخ المملكة منذ أن بدأت الحكومة السعودية في إعداد أول ميزانية مالية عامة لها قبل أكثر من خمسة عقود، حيث تراوح حجم الإيردات العامة للدولة خلال الفترة 2005-2013 ما بين 564,335 مليون ريال و 1,239,500 مليون ريال، وبنسبة نمو للناتج المحلي الإجمالي للمملكة، تراوحت ما بين 31,7 و 56,5 في المائة.
هذه الإيرادات الضخمة سخرتها الحكومة ووظفتها بشكل مدروس ومتوازن للغاية لتغذية مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تشهدها البلاد في جميع مجالات الحياة، حيث تم تجنيب جزء كبير من تلك الإيرادات بأكثر من 1,5 تريليون ريال للإنفاق على مشاريع البنية التحتية والفوقية، ما انعكس بشكل كبير إيجابيا على مستوى أداء القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة بما في ذلك مستوى الخدمات العامة والأساسية التي تقدم للمواطنين والمقيمين في المملكة.
ولعل من بين أبرز الإنجازات العظيمة والجبارة، التي تحققت خلال الفترة منذ تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في البلاد وحتى تاريخه، تركيز جل اهتمام الحكومة بتوجيه من الملك عبدالله على بناء الإنسان السعودي، البناء الصحيح والسليم، الذي يمكنه ويجعله قادرا على المساهمة الفاعلة في المسيرة التنموية التي تعيشها المملكة، باعتبار أن الإنسان هو محور التنمية ومرتكزها الأساسي. ولتحقيق هذا المطلب التنموي توسعت الحكومة في بناء الجامعات والمعاهد والكليات بجميع أنواعها وفي مجالات علمية وتخصصات متعددة، حتى وصل عدد الجامعات الحكومية اليوم إلى 28 جامعة، من بينها جامعة إلكترونية، وهي الجامعة السعودية الإلكترونية، التي تعتمد في أسلوب تدريسها على ما يعرف بالأسلوب المدمج في التدريس Blended Approach، الذي يجمع ما بين التعليم التقليدي (وجها لوجه) والتعليم الإلكتروني. كما ركزت الدولة خلال الفترة الماضية على الابتعاث الخارجي من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي أضفى نوعية وجودة على مسيرة التعليم الجامعي والعالي في بلادنا، من خلال المزج بين مخرجات التعليم المحلي والتعليم العالمي، ولا سيما حين النظر إلى مستوى الجامعات التي استهدفها البرنامج على مستوى العالم، والتي تعد من بين أفضلها وأكثرها شهرة وعراقة. وقدد حقق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، قفزات عملاقة وطموحة، سواء كان ذلك على مستوى أعداد الطلاب والطالبات الذين التحقو بالبرنامج، والذين تجاوزت أعدادهم 150 ألف مبتعث، أم على مستوى الذين تخرجوا من البرنامج في مجالات وتخصصات علمية متعددة يحتاج إليها سوق العمل، ليشاركوا بفعالية مع من سبقهم في المسيرة التنموية والاقتصادية التي تعيشها المملكة.
لعله من اللافت للانتباه، حرص خادم الحرمين الشريفين خلال تلك الفترة ولا يزال، على أن يتم تنفيذ المشاريع الاقتصادية والمشاريع التي لها علاقة بالتنمية ولها علاقة أيضا ومساس مباشر بالمواطن والمقيم، بأن تتم في ظل بيئة اقتصادية واجتماعية وعلمية وعملية نزيهة ومنضبطة، ومن هذا المنطلق تم إنشاء العديد من الهيئات والإدارات الحكومية والجمعيات الأهلية التي تعنى بشؤون المواطنين ومصالحهم، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد (نزاهة)، وهيئة لحماية حقوق الإنسان، والهيئة العامة للغذاء والدواء وغيرها من الهيئات، إضافة إلى إنشاء وحدة رئيسية في وزارة التجارة والصناعة بمستوى وكالة تعنى بشؤون المستهلك.
وقد أثمرت جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نحو الإصلاح الاقتصادي والإداري والسياسي والاجتماعي الشامل، بأن حققت المملكة العربية السعودية، وحقق اقتصادها الوطني وبيئتها الاستثمارية والتجارية، بما في ذلك المالية لإنجازات طموحة وعملاقة، ليست فقط على المستوى المحلي فحسب، ولكن حتى على المستوى الدولي، حيث تميز الاقتصاد السعودي على سبيل المثال باستجابته المتسارعة للمتغيرات الاقتصادية على المستويين المحلي والدولي، وتمكن من تحقيق معدلات نمو جيدة، حتى أصبح الاقتصاد السعودي اليوم أحد أكبر الاقتصادات على مستوى العالم، إذ يحتل الاقتصاد الوطني المرتبة 19 على مستوى العالم، مما أهل المملكة لأن تكون أحد أعضاء مجموعة دول العشرين، واحتلت المملكة المرتبة الخامسة عالميا في “الحرية المالية”، وتعد من بين أسرع دول العالم نموا اقتصاديا، والذي بلغ 6,8 في المائة في عام 2012. كما احتلت المملكة المرتبة 18 من بين 144 دولة في مؤشر التنافسية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في العام الماضي، والمرتبة 22 ضمن 185 دولة في التصنيف العالمي من حيث سهولة ممارسة أنشطة الأعمال.