للتذكير فقط
حلّ موسم الأمطار وكالعادة غرقت المدن الكبرى ونجت الصغرى. توزعت الحفر بالتساوي بين الأحياء الحديثة والقديمة، وساوى الأداء الرديء بين كل أركان المدن الكبيرة. لعل أكبر إحصائية قرأتها كانت عن حفر مدينة جدة التي قاربت 700، وأتصور أنها تجاوزتها مع الأمطار الأخيرة.
ردة فعل المواطنين في كل موقع أكدت الثقة بأن الحفر هي التي ستفوز في النهاية، وأن ضحاياها سواء بشرا أو ممتلكات ستزيد على الأعوام السابقة، إن كانت هناك شفافية مع الإعلام. وصلتني رسالة ساخرة تقول "من أجل سلامتك عزيزي السائق: إذا كنت لا تعلم الحفر بالطريق أثناء السيول فامش خلف السيارة التي أمامك فإذا سقطت، فاعرف أنها حفرة وابتعد عنها. مع تحيات أمانة جدة ... نعمل لراحتكم".
جدة ليست المدينة الوحيدة التي يعاني سكانها كلما نزلت قطرة من رحمة الله، بل أكاد لا أستثني مدينة من تلك المعادلة المؤلمة. المعروف أن الأعمال التي تتعلق بالشوارع وصلاحيتها ومناسيبها هي جزء من عقود تنفذها شركات متمرسة، كما أن التشغيل والصيانة لتلك الشوارع يتمّان من خلال عقود كذلك، فلمَ لا تكون مواصفاتنا علمية، وتسلّمنا للمشاريع صحيحا؟ سؤال متكرر.
يقول البعض إن السبب هو الانفجار السكاني الذي يعوق التخطيط، والطفرة المالية التي تريد كل الجهات أن تستفيد منها، حتى وإن أدت العمل بشكل غير مرضٍ. تلك الحجة الواهية هي من قبيل الضحك على الذقون ومحاولة فاشلة لتبرير الفشل. المتأمل في حال الوزارات والهيئات والأمانات والبلديات يخشى أن تصبح الحجج البعيدة عن الواقع الوسيلة الأسهل لتبرير الإخفاقات وسوء الأداء.
لهذا اقترح زميل أن توزع لوحات كبيرة في تقاطعات وشوارع المدينة، خصوصاً تلك التي يمر أمامها المسؤولون تحمل توقعات المواليد لخمسين سنة مقبلة، وأعداد الخريجين وتخصصاتهم. لعل مثل هذه الإحصائيات تدفع بمختصي الصحة والبلديات والتعليم والنقل والإسكان وغيرها من الخدمات للتخطيط للآتي، حتى لا يصدموا بواقع غريب مثل أن 80 من السكان سيتخرجون ويتزوجون خلال السنوات العشرين المقبلة.
قد تكون تلك الإحصائيات حبيسة الأدراج، أو بعيدة عن التحديث الذي يجب أن يتم يوميًّا على لوحات الطرق التي تذكر المسؤول.