وهم القوة قوة الوهم
علماء إيران ومثقفوها منتشرون في العالم، بعد أن هَمَّشهم وطنهم، أو انتقى منهم من يناسبون مشروعه العسكري المجنون، الذي بدأ منذ قيام ثورة الخميني، حيث ركزت إيران جهدها ومالها في محاولة صناعة السلاح، وتخصيب اليورانيوم في طموح مجنون للدخول إلى النادي النووي الدولي، ووجد كثير من علماء إيران طريقهم لأمريكا وأوروبا؛ ليكونوا في مقدمة العالم، ولتخسر إيران كثيرا منهم لحساب هَمِّ الملالي في السيطرة على الشرق الأوسط.
جنون إيران بالسلاح جعلها تعلن قوة وهمية على نماذج كاذبة من غواصات ودبابات مصنوعة من صفيح للتصوير؛ حتى صارت مصدر سخرية للمواطن الإيراني الذي يعرف محدودية إمكانات دولته وفقرها، في ظل عقوبات جعلت المواطن الإيراني العامل تحت خط الفقر باعتراف مسؤولين إيرانيين.
إذا كانت إيران بمراهقتها السياسية، والتدخل في شؤون بلدان أخرى لنشر طائفيتها تحسب أنها سالمة في عقر دارها مما تفعل فهي مخطئة، وستتعلم أن تدخلاتها في شؤون الآخرين ستشجع على التدخل في شؤونها، وهي تعرف أن الداخل الإيراني هش بما يكفي لإثارة القلاقل بين قومياتها ومذاهبها، ولا أسهل من دعم معارضة الداخل الإيراني التي طال عليها الأمد، وهي تنتظر المساندة مثل الأحواز العربية والبلوش الباكستانيين.
ما لم تفهمه إيران أن الحروب والتدخلات لا يكسب منها أحد، والفراغ السياسي الذي عاشه العرب لعقود بدأ يملأ بفكر عربي جديد لم يعد يوافق على وجود تدخلات عبر ميليشيات، أو عبر غزو، وكانت "عاصفة الحزم" الصاعقة التي صعقت عقول إيران، وأرعبت ميليشياتها، فقد استمرأت إيران العبث بالعراق وسورية ولبنان، ثم هددتنا في عقر دارنا بميليشيا الحوثي، التي بنت نفسها لتكون جيشا يشكل خطورة على كل دول الخليج، فكان لا بد من تحالف عربي نادى له خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، فاستجاب للنداء عرب ومسلمون، وتشكلت قوة تقودها المملكة لتفتت قوة عصابات إيران وحلفائها.
وأخيرا صدر قرار مجلس الأمن المساند للتحالف، وينص على أن ينسحب الحوثيون ويسلمون أسلحتهم، ويرحل علي عبدالله صالح، وأعلن التحالف انتهاء "عاصفة الحزم" وبدء "إعادة الأمل"، والمسمى الثاني "إعادة الأمل" هو تفاؤل حذر، وفعلا لم يلتزم الحوثيون وحلفاؤهم، فهاجموا عدة ألوية كانت مع الشرعية والرئيس هادي، فاستأنفت الطائرات القصف لتحييد الحوثيين، وتحرشوا بحدود المملكة مضحين بعدد منهم.
إيران من الدول العظيمة في مفصل من العالم، ولكنها طردت علماءها وساستها في جنون أيديولوجي، وهوس عسكري نتمنى أن ينتهي بحكم رشيد.