التنوع الاستثماري
بعد عودته من روسيا اتجه ولي ولي العهد إلى فرنسا، في زيارة لتعزيز التعاون القائم مع دولة غربية لها طابع الاستقلال في قرارها السياسي والعسكري، وكان قد سبق في عهد الملك عبدالله -يرحمه الله- أن تم إعلان خطوات لبناء ونقل تكنولوجيا الطاقة النووية للأغراض السلمية. وفي نطاق التعاون المستمر بين المملكة وفرنسا، اتفق على مشاريع شملت طائرات إيرباص وهليكوبتر ومفاعلين نوويين من نوع متطور جدا واتفاقات صحية، ومجمل الاتفاقات 12 مليار دولار موزعة على عدة مشاريع عسكرية واقتصادية، وفي مجال السكك الحديدية ستوقع في أكتوبر المقبل 2015، ومشاريع أخرى مع رجال أعمال سعوديين.
لكي يسهل تصور هذه الرحلة وبرنامجها الاقتصادي، ففرنسا دولة عظمى تستطيع المساهمة بالاستقرار في المنطقة، وفرنسا أكثر انفتاحا من غيرها من دول الغرب التي تؤجل وتسوّف، ففرنسا تهتم بمصالح تنافسية مع غيرها، وتفتح أبواب التعاون في مجالات تتردد فيها دول أخرى. وتسهم فرنسا في أكبر المشاريع الاقتصادية في المملكة.
فقراءة زيارة ولي ولي العهد لفرنسا تقرأ بعين زيارة الأمير محمد لروسيا، فولي ولي العهد يذهب بتوجيه من الملك نفسه، ولذلك فبرتوكول الزيارتين واحد، والفارق بين الزيارتين هو وجود اتفاقات مسبقة للتعاون، فالزيارة رغم مستواها الأعلى ستكون في نطاق ما اتفق عليه من تعاون في اتفاقات مشهورة وقّعت في عهد الملك عبدالله -رحمه الله- ويجري استكمال هذه الاتفاقات، فالعلاقات مع فرنسا لها جذور تاريخية ولها ميزة عدم تعرضها للتذبذب، ولا يؤثر فيها تغير حزب حاكم في فرنسا أو آخر فهي ثابتة ومتسقة.
ولأن إيران حولت المنطقة لثكنة عسكرية، فلا بد من وجود تعاون في مجالات متطورة من الصواريخ، والصناعات الحربية المتقدمة، فإيران فرضت قواعد لعبة جديدة لا بد من الوقوف لها عربيا، وحصرها في حدودها الطبيعية دبلوماسيا وعسكريا إن لزم الأمر.
المملكة العربية السعودية يدعمها استقرارها، وثقلها السياسي لتكون محل ثقة، وتحصل على تقنيات متقدمة لا تعطى لغيرها من دول المنطقة، وباختصار هذه الزيارة هي استكمال لعلاقات استراتيجية مستمرة.