الآمنون والإرهاب البشع

كنا نشجب الإرهاب، ونعتبره جريمة غدر أيا كان موطنه وموقعه، ومهما كان مبرره ولم نتخيل أن يصل أمر الإرهاب لقتل القريب، أو تفجير المساجد بالمصلين، فهذه جرائم عظيمة غصت بها حلوقنا، وعجزنا عن الكلام عنها لشناعتها، فلا يوجد أسوأ من غدر بقريب آمن واغتياله، كما فعل المراهق الذي قتل خاله الذي رباه، وصرف عليه بعد طلاق أمه، ولا يوجد أخس من غدر بمصلين توجهوا لله متعبدين، ونسوا الدنيا، فيأتي من يفجر بينهم ليموتوا وليس بينه وبينهم ثأر ولا غرم.
وفوق هذا فإن من يقتل، أو يفجر يزعم أنه يفعل ذلك باسم دين، وهو دينه هو ودين جماعته الذي أنزل لهم ليرضي شهوتهم للقتل وزعزعة النظام.
المتدين عنصر خير في المجتمع، وله دور في الفرح والترح والشدة والرخاء والمتدين مقدر، ومحترم لخلقه المفترض ثم جاء هؤلاء الفاسدون ليغيروا دور المتدين فيخلوا بالتركيبة الاجتماعية ويجعلوا عين الريبة تنظر للمتدين. إن قتل دور المتدين في المجتمع وجعله مريبا هو قتل الثقة في المجتمع البسيط فما بالك عندما يلبس المتدين حزاما ناسفا في مسجد، ويقتل المصلين، أي ثقة تبقى في فئة المتدينين؟ هذا هو هدف هذا الشر الذي أصابنا تحت مسمى الإرهاب، فالناس يتقاتلون في كل مكان إلا أماكن العبادة التي يفترض أنها ملجأ آمن للمؤمنين، وألا يقتل في المسجد متعبد.
التفجير في المساجد ليس اغتيالات أو طعنا؛ إنه أسلوب جديد للقتل الجماعي المبرمج الذي يهدف إلى زعزعة علاقة المواطن بالدين؛ الذي هو ضابط الأخلاق المرعية في المجتمع، والمتدين الذي هو تجسيد للأخلاق المفترض.
إن السؤال: ما هذا الدين الذي هدفه دور العبادة؟ مع العلم أن النبي وصحابته - عليه الصلاة والسلام وعليهم رضوان الله - لم يتعرضوا لدور عبادة النصارى واليهود فكيف بدور عبادة المسلمين ومساجدهم؟! وليت من يفجرون كفارا، لقلنا شيئا من الكفر وليس بعده ذنب لكن من يفجرون منا، ويزعمون الإسلام ويزعمون أنهم بأفعالهم يدخلون الجنة.
الإرهاب استطاع أن يوظف شبابا منا، هل سنبحث في السبب بشكل جاد وليس مجاملة للواقع الاجتماعي؟ فتفاقم الظاهرة يلزمنا بكثير من البحث الجاد وتجاوز أساليبنا من مناصحة وبحوث غير متخصصين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي