3 حروب أكدت حنكة السياسة النقدية السعودية في ربط الريال بالدولار
لم يكن ربط الريال بالدولار وليد اللحظة، بل إن أكثر من ثلاثة عقود من الارتباط المستمر والثابت، شاهد على ذلك، حيث استطاع الريال خلالها تحقيق استقرار وثبات للعملة في ظل التوترات التي شهدتها المنطقة على فترات مختلفة، من حرب أكتوبر عام 73 في مصر، مرورا بحرب الكويت، إلى حرب اليمن أخيرا، والريال متماسك وقوي لارتباطه بالدولار.
وقد ثبت عبر التاريخ حنكة وحكمة السياسة النقدية في المملكة من خلال ربط عملتها بالدولار، ومن المتوقع أن يستمر ربط الريال بالدولار إلى "رؤية 2030".
ففي عام 1971 عندما انخفض الدولار، قررت المملكة رفع قيمة الريال من 4.5 إلى 4.14 ريال للدولار، وفي عام 1973 قررت السعودية في شباط (فبراير) عام 1973 رفع قيمة الريال إلى 3.73 ريال للدولار، ثم رفعت سعر صرفه مرة أخرى في آب (أغسطس) من العام نفسه إلى 3.55 ريال للدولار، وأمام التراجعات التي كان يشهدها سعر صرف الدولار، كانت استجابتها سريعة للتغيرات التي تشهدها أسواق الصرف العالمية، وكانت تقوم مباشرة برفع الريال عند كل تخفيض في سعر صرف الدولار.
وفي عام 1975 قررت المملكة فك ارتباط الريال بالدولار، نظرا لعدم استقرار سعر صرف الدولار، وأصبح الريال السعودي مربوطا بحقوق السحب الخاصة، أي سلة عملات، واستمر الوضع 12 عاما، ثم عاودت الربط من جديد في عام 1986، بتثبيته عند سعر 3.75 ريال للدولار، وهو الوضع الذي ما زال قائما حتى الآن.
وأوضح الدكتور أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، أن المملكة اتخذت خطوة جيدة لربط الريال بالدولار، داعيا إلى استمرار ربط الريال بالدولار لتحقيق "الرؤية 2030".
وأشار إلى حكمة السياسة النقدية في المملكة التي أعادت ربط الريال بالدولار بعد فك الارتباط لفترة من الوقت لتحقيق استقرار العملة في الأسواق العالمية، إضافة إلى ارتباط المملكة بالتجارة مع أمريكا.
وقال "إن كثيرا من الاستثمارات والدول تطمئن بالتعامل مع المملكة لارتباطها بالدولار وبشكل خاص المستثمرون، حيث حققت الأمن المالي لهم".
وذكر أن المملكة تعرضت لثلاثة مواقف عزز وضعها ارتباطها بالدولار، تتصدرها حرب أكتوبر 73 في مصر، حيث استطاعت المملكة دعم الاقتصاد المصري والوقوف معها لتحرير قناة السويس.
وأكد أن ثاني المواقف حرب الكويت، التي بسببها انهار الدينار الكويتي، لكن الريال السعودي استمر قويا لارتباطه بالدولار، وأخيرا حرب اليمن، حيث لم تؤثر الحرب في الريال نظرا لارتباطه بالدولار.
وأشار عشقي إلى أن ارتباط المملكة بالدولار عنصر جذب للاستثمارات، فرغم ضعف البيئة الاستثمارية في المملكة إلا أنها استطاعت جذب استثمارات عالمية لديها، وفي المقابل لم تلمس المملكة أي تأثر سلبي لارتباطها بالدولار. وحول مدة ارتباط الريال بالدولار، قال "إن المملكة ما زالت بحاجة إلى ربط الريال بالدولار، وتزداد حاجتها لذلك إلى أن تحقق "رؤية 2030"، التي تسهم في نهضة اقتصادية قوية من خلال تنوع مصادر الدخل، وبعدها تصبح المملكة قاعدة اقتصادية عالمية تستطيع أن تتحرر من الدولار، بعد تقويم وضعها ودراسته.