حراك الاستثمار في المملكة
انتهى أمس منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار" بنسخته الثالثة في الرياض الذي شهد حضورا كبيرا يزيد على 300 متحدث عالمي و49 شريكا كما أعلنت الإدارة المسؤولة عن المنتدى، والأكيد أن المنتدى أصبح متفردا بحجم ومكانة ضيوفه وموضوعاته وبتسليط الإعلام العالمي العين على فعالياته وشخصياته وما يطرح فيه.
والملاحظ هو سيطرة موعد طرح "أرامكو" على المنتدى في يومه الأول حين قالت وسائل إعلام إن إعلان موعد طرح "أرامكو" سيكون يوم الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) ليعود ويسيطر على أخبار المنتدى تأكيد الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة في كلمته في اليوم الثاني أن طرح "أرامكو" سيتم في الوقت المناسب وبالمنهجية المناسبة، وهو ما ينفي ضمنيا الموعد الذي نشرته وسائل إعلامية كثيرة.
بالطبع، المنتدى يعكس حجم الحراك الكبير الذي تشهده المملكة في مجال الاستثمار والشراكات الاستثمارية وطرح الفرص لاستقطاب الاستثمار الأجنبي، ولا شك أن الاستثمار يعامل عند الاقتصاديين تعاملا خاصا، فطريق التنمية المستدامة يقوم أولا وثانيا وثالثا وعاشرا ومائة ومليونا على زيادة الاستثمار وحجم التراكم الرأسمالي في المجتمع.
بالتأكيد، سمعنا وقرأنا عن توقيع اتفاقيات وشراكات بمليارات الدولارات خلال أيام المنتدى الثلاثة، إلا أن هذه الاتفاقيات لا تتعدى كونها مذكرات تفاهم MOU وتحتاج إلى فريق من الخبراء والمفاوضين الشرسين من طرفنا لتتحول مذكرات التفاهم هذه أو بعضها إلى مشاريع وشراكات حقيقية على أرض الواقع عندنا.
ولعل السؤال المهم الذي يجب أن نطرحه اليوم على أنفسنا هو: أي نوع من الاستثمارات نريد؟ لا شك أن الاستثمارات التي تنتج سلعا وخدمات تحمل قيمة مضافة كبيرة هي المفضلة عندنا حتى عند غيرنا، كما أن الاستثمارات التي تنتج سلعا تدخل في سلاسل الإمداد لإنتاج سلع أخرى لها أولوية كبيرة، فالعالم اليوم أصبح قرية واحدة وكل صناعة ضخمة فيه تعتمد على سلاسل إمداد من بلدان وقارات مختلفة من العالم؛ كما أن الاستثمارات التي تجد فرصا وظيفية ذات عوائد مجزية مفضلة على استثمارات أولية يستقدم لها عامل أجنبي ضعيف المهارة ورخيص الأجرة.
وهنا لا بد من التركيز على اختيار الاستثمارات التي نريدها ونحتاج إليها وفقا لخطتنا الاستراتيجية التي توضح أهدافنا وتدلنا على طريق تحقيق هذه الأهداف، إضافة إلى ضرورة أن نعمل على زيادة الاستثمارات في وسائل العصر الجديدة، وهي التقنية الرقمية التي تدعم الاقتصاد المعرفي والاقتصاد القائم على المعرفة، وهي سلعة القرن الجديد الأهم.
ختاما، منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار نجح خلال أعوامه الثلاثة الأولى نجاحا كبيرا وأصبح يحظى بسمعة واهتمام دوليين، وهذا شيء طيب، حيث يصاحبه حراك في مجال تنمية ودعم واستقطاب الاستثمارات في بلادنا، حيث يتم تحديد ماذا نريد؟ وأي نوع من الاستثمارات نبغي؟ وأي شريك نختار؟ حيث نكون قد مهدنا نصف الطريق ويبقى النصف الآخر وهو نتيجة الحراك وبدء العمل على أرض الواقع. وسلامتكم.