قمة الرياض واستقرار الاقتصاد العالمي
بدأ العد التنازلي لانعقاد الدورة الـ15 لقمة مجموعة العشرين G20 في العاصمة الرياض، وستبدأ اجتماعات القمة خلال الفترة 21 - 22 نوفمبر 2020، وهذه القمة هي أول قمة تستضيفها السعودية، وثاني قمة تعقد على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
ونذكر جميعا أن السعودية حينما تسلمت رئاسة القمة في الأول من ديسمبر 2019 صرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بأن المملكة ستسعى إلى تعزيز التوافق العالمي، وتعمل مع شركائها في المجموعة للتصدي لكل التحديات التي يواجهها العالم وترسخ مبادئ الأمن والاستقرار في كل أرجاء العالم.
بمعنى أن قمة مجموعة العشرين المقرر انعقادها في العاصمة الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ستهتم بقضايا عالمية على جانب كبير من الأهمية، أهمها تمكين الإنسان، خاصة النساء والشباب من الحياة الكريمة، والمساهمة في بناء مجتمع جديد يرسخ مبادئ الاستقرار والسلم، والحفاظ على سلامة كوكب الأرض من التلوث والتصحر، وتشكيل آفاق جديدة لمستقبل عالمي واعد ومزدهر فوق كوكب الأرض.
وسترفع القمة شعار بناء اقتصاد عالمي إبداعي وحيوي ومترابط وشامل، وكل كلمة من هذه الكلمات لها معنى عند الدول الـ20 المشاركة في القمة، فالاقتصاد الدولي الذي يمر بظروف صعبة بعد جائحة كورونا يحتاج إلى الإبداع والحلول غير التقليدية، ويحتاج إلى الحيوية والتعاون من قبل جميع الدول الـ20.
وإذا نظرنا إلى شعار القمة من خلال رؤية المملكة 2030، نلاحظ أن هذا الشعار مهم لبرامج "رؤية المملكة"، حيث أكد الأمير محمد بن سلمان حرص المملكة على إيجاد شراكات وتحالفات مع عديد من الشركات العالمية للمساهمة في تنفيذ مشاريع وبرامج رؤية السعودية 2030.
وبعبارة أخرى فالاقتصاد الدولي لا تمثله اليوم مجموعة الثماني، وإنما أصبحت تمثله مجموعة العشرين، فالصين، والهند، والبرازيل، وكوريا الجنوبية، والمكسيك، والسعودية، والأرجنتين أصبحت من الدول المؤسسة والمؤثرة في الاقتصاد العالمي، بل إن الناتج المحلى الإجمالي لهذه الدول أصبح أعلى من الناتج المحلى الإجمالي لبعض دول الثماني، وبالتالي فإن مساهمتها في النشاط الاقتصادي الدولي أعلى من مساهمة بعض دول مجموعة الثماني.
ولذلك نستطيع القول بكل ثقة، إن انعقاد قمة مجموعة العشرين في الرياض لم يأت من باب البترول كما يقول بذلك بعض المغرضين، بل أتى من خلال حجم الاقتصاد السعودي الذي صنف في المركز الـ18 على مستوى العالم، كذلك استطاعت السعودية أن تدعم اقتصادها الوطني برؤية جديدة تتناسب مع الظروف التي يمر بها الاقتصاد الدولي، وهي رؤية السعودية 2030.
إن أكثر الناس تفاؤلا أكدوا أن قمة مجموعة العشرين المقرر انعقادها في الرياض في 21 - 22 نوفمبر 2020 ستتخذ قرارات مهمة لدعم الاقتصاد الدولي، وستنتشل الاقتصاد العالمي من الركود وتأخذه إلى التعافي من أمراض الكساد والفساد والانفلات، وحروب الإرهاب التي باتت تنتشر في أماكن كثيرة من العالم وتستنزف موارد الاقتصاد الدولي.
ومن المتوقع أن تعتمد القمة قواعد جديدة للرقابة والإنذار المبكر عن الأزمات قبل وقوعها، لكي لا يترك الاقتصاد العالمي ومؤسساته في مهب الريح.
وطبعا نحن السعوديون فخورون بأن تتبوأ المملكة هذه المكانة الرفيعة وتنظم ثاني قمة لمجموعة العشرين في منطقة الشرق الأوسط، وتصبح عضوا فاعلا في مجلس إدارة العالم، لأن هذا الوجود بهذا الحراك العالمي يضع المملكة في المكان المناسب بالاقتصاد المناسب.
والواقع أن السعودية كثيرا ما تثبت للعالم أنها بمنزلة رمانة الميزان في المنطقة، ونذكر جميعا بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قال حينما تسلمت المملكة رئاسة مجموعة العشرين في الأول من ديسمبر 2019: "ونحن مستمرون كذلك في القيام بدورنا في العمل على استقرار السوق البترولية، كما أننا واصلنا برنامجنا الاستثماري الضخم لزيادة طاقتنا الإنتاجية، حرصا منا على استقرار سوق الطاقة العالمية ولقناعتنا بأن ذلك يخدم مصلحتنا ومصلحة الاقتصاد العالمي، وندعو الدول المنتجة والمستهلكة للتعاون معنا في هذا المجال، وتفعيل الحوار بين المنتجين والمستهلكين لما فيه المصلحة المشتركة، وعدم استهداف البترول بسياسات تؤثر سلبا فيه، وحرصا منا على تفعيل الحوار، فقد بادرنا بالتعاون مع الدول الصديقة لإنشاء الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي في الرياض".
إن الاستعدادات التي وضعتها المملكة لانعقاد قمة العشرين سيضمن لها كثيرا من النجاح، وستكون قمة الرياض من القمم التي أسهمت في استقرار الاقتصاد العالمي، وفي خروج الاقتصاد الدولي من كثير من مشكلاته، وبالذات المشكلات التي سببتها جائحة كورونا، التي أدت إلى تعرض الاقتصاد الدولي للركود والإحباط، ولذلك فإن قمة الرياض ستكون - بإذن الله - علامة مضيئة في تاريخ قمم مجموعة العشرين.