الغرس الجميل
ينادي جارنا ابنه بالدكتور منذ أن كان في الـ 12 من عمره تقريبا. كنا نلعب كرة القدم في الحي معه وعندما يأتي والده ليرافقه إلى السوبر ماركت أو للقيام بزيارة عائلية يصيح بأعلى صوته: "دكتور، نحن في انتظارك". وسرعان ما يغادرنا هذا الصديق ويلتحق بوالده. حتى حينما يصطحبني والدي لزيارة والده في المنزل لتقديم التهنئة له بحلول العيد كان لا يدعوه باسمه بل بلقب الدكتور. لا أنسى عندما يقول له "يا دكتور، لا تنس أن تقدم القهوة لضيوفنا. يا دكتور أكرم جيراننا".
انتقل هذا اللقب إلينا نحن أبناء الحي. فأصبحنا نهتف حين يشرق علينا قائلين عاليا "جاء الدكتور". التصق هذا اللقب بصديقنا. وأعطاه حافزا كبيرا ليتفوق. فضلا عن التقدير الذي بات يحظى به بين أترابه.
وكان دافعا له لأن يصبح طبيبا ماهرا. لا يكتفي والداه وأبناء حارته بمناداته بهذا اللقب وإنما عدد كبير ممن عملوا ويعملون معه وكل من زار عيادته التي تشد إليها الرحال وتضرب باتجاهها أكباد السيارات.
لدي قناعة بأن نجاح الكثير منا يبدأ من المنزل. يستمد ثقته وقوته وإيمانه وتفاؤله من والديه وإخوته. عندما يحظى بوافر التقدير والاحترام والثقة سينعكس على شخصيته وسلوكه ومستقبله. دائما أرى تجربة جاري أمامي ماثلة. فحجم الدعم المعنوي الذي لقيه ابنه مبكرا انعكس عليه متأخرا.
نبخل في أحيان كثيرة على أحبتنا بالدعم المعنوي الذي هم في أمس الحاجة إليه. هذا العطاء سيعزز الطموحات ويبدد التحديات. كلما آزرت رأيت ثمار غرسك.
أعطوا أبناءكم ثقتكم وتقديركم وسيعطونكم تفوقا ونجاحا. ليس أبناؤكم فحسب. وزعوا الثقة والمحبة والتفاؤل على الآخرين وسيسعدونكم بتطورهم وبراعتهم.
لا شيء يعدل التشجيع فهو يسعد ويساعد ويولد قوة إضافية وحماسا منقطع النظير يزيل أي معوقات ويهدم أي عقبات.