«سناب شات» يغزو الشباب
في مقال سابق تحدثت عن علاقة السعوديين بوسائل التواصل الاجتماعي، وأشرت قبل عام واحد إلى أن الإحصائيات تشير إلى أن الـ"يوتيوب" يحتل المرتبة الأولى في المملكة، حيث إن 73 في المائة من السعوديين كانوا يتعاملون مع الـ"يوتيوب"، ثم 55 في المائة لديهم حسابات في الواتساب، ويومذاك حصل "سناب شات" على 36 في المائة، ووصل تطبيق تويتر إلى 30 في المائة.
ويبدو أن الإحصائيات خلال عام واحد تغيرت لمصلحة "سناب شات" نوعا ما وعلى حساب الـ"يوتيوب" وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أشار تطبيق سناب شات بزنس إلى أن المملكة تحتل المرتبة الأولى أو الثانية على مستوى العالم في استخدام تطبيق سناب شات، حيث إن حسابات السعوديين في هذا التطبيق وصلت إلى نحو 11 مليون مستخدم، وسجلت النساء النسبة الأكبر بمعدل 60 في المائة مقابل 40 في المائة للرجال. إن القفزة التي حققها "سناب شات" أخيرا تحتاج إلى أن نتوقف ونتأمل هذا الصعود المباغت من السعوديين، ولقد ثبت أن كثيرا من "الاسنابيين" لجأوا ـ مع الأسف الشديد ـ إلى تأليف قصص وهمية مثيرة عن حياتهم الشخصية ظنا منهم أن هذه القصص ستحسن المحتوى وتزيد من أعداد المتابعين لهم.
والمؤسف أنهم درجوا على المضي قدما في إقتحام الخصوصيات، وتأليف مزيد من القصص الوهمية، ولم يعبأوا بخطورة هذا الاتجاه على مستقبل حياتهم الأسرية، بل أكثر من هذا تجرأوا على المتاجرة بتصوير مناطق حساسة في داخل بيوتهم مثل تصوير غرف النوم والمطابخ والحديث عن تفاصيل عائلية يصعب الإفصاح عنها، الأكثر من هذا فإن بعض الأشخاص انتهكوا المحرمات وتحدثوا عن علاقاتهم بصديقات ما عرض بيوتهم للفتنة والتصدع.
ويبدو أنه كان الهدف من وراء هذا التجاوز والخروج على مبادئ الدين والعادات والأخلاق هو الركض وراء زيادة أعداد المتابعين، من أجل تحقيق مآرب كثيرة منها الحصول على أسعار مجزية من قبل المتاجر التي يتعاملون معها. وفعلا قدرت بعض المتاجر هذه الزيادات في أعداد المتابعين ودفعت أسعارا مجزية للراكضين وراء الشهرة والمال غير عابئين بالأخطاء والأخطار الشنيعة التي يرتكبونها. والجميل أن وزارة التجارة اتخذت موقفا قانونيا من بعض المتاجر، وأرسلت ملفات بعض القضايا إلى الجهات الأمنية للتحقيق والتثبت وإصدار العقوبات الرادعة. الأكثر من هذا أن بعض "الاسنابيين" لجأوا إلى دفع الأموال من أجل شراء مزيد من المتابعين بغية تضخيم أعداد المتابعين والأنصار. وهذا يعني أن "سناب شات" فتح المجال أمام المراهقين لرفع أعداد المتابعين بأساليب لا أخلاقية، ولم يقف هذا التطبيق ضد الأساليب الرخيصة التي ينتهجها بعض صغار العقول، بل ترك الحبل على الغارب وأصبح محاطا بمجموعات كبيرة من الأعضاء الوهميين. ولكن إدارة "سناب شات" زعمت أنها اتخذت بعض التدابير لمنع الشباب من ارتكاب بعض المخالفات إلا أن جهود الإدارة باءت بالفشل واستمر الشباب في طغيانهم يعمهون.
وهكذا تتجه بعض وسائل التواصل الاجتماعي مع الأسف إلى المتاجرة بأخلاقيات العمل الإعلامي، وسمحت للشباب ـ من الجنسين ـ بارتكاب بعض الانحرافات التي تخدش الأخلاق وتدمر مستقبل الشباب من أجل مكاسب رخيصة تلحق بهم وبأسرهم أضرارا بالغة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد رصد بعض الإخصائيين الاجتماعيين قائمة بالمثالب التي يرتكبها بعض مشاهير التواصل الاجتماعي، وأشاروا إلى أن بعض المشاهير أصابهم هوس التقاط الصور المسيئة للناس، وعرضها في منصاتهم وحساباتهم دون إذن من أصحابها مخالفين بذلك القانون والنظام العام، كما أكد أحد الإخصائيين أن الاستخدام السيئ للصور "الحساسة" بات يشكل النسبة الأعلى لدى "الاسنابيين" الذين استمرأوا عمليات التقاط الصور الشخصية ونشرها دون أن يستأذنوا أصحابها ودون أن يبالوا بمشاعرهم، وهو ما يعد خرقا للقوانين والآداب العامة. إن خروج بعض الشباب على مبادئ أخلاقنا الإسلامية القويمة يستوجب من الجهات المعنية أن تواصل حملاتها وتوقف كل الخارجين على القانون وعلى مبادئ أخلاقنا وقيمنا الإسلامية الخالدة. واضح مما سبق أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت تنحرف وتهدد السلوك العام في المجتمع السعودي، بل تخترق مبادئ حقوق الإنسان. ولذلك يتعين علينا إصدار مزيد من القوانين والأنظمة التي تحمي المجتمع من هذه التجاوزات اللاأخلاقية وتفرض على الشارع السعودي مزيدا من الانضباط وحماية السلوك العام من التحديات والتجاوزات.
إن برنامج جودة الحياة مطروح من خلال بيئة سعودية نظيفة تتمتع بأعلى درجات الانضباط وممارسة السلوك الحسن والأخلاق الكريمة، ولذلك فإن واجب المواطن أن يساعد على تحقيق الانضباط، وتثبيت الأخلاق، وبناء المجتمع الفاضل محاطا بمجموعة من النظم التي تحقق التوازن وتنشر حول المجتمع سياجا وهاجا من الحماية والشعور بالعزة والكرامة والمسؤولية.