التعافي الاقتصادي المنشود مستبعد في ألمانيا .. الفيروس خارج نطاق السيطرة
استبعد خبراء ألمان أن تؤدي نهاية إغلاق كورونا إلى حدوث التعافي المنشود للاقتصاد بشكل تلقائي، طالما استمر الفيروس خارج السيطرة، وفقا لـ"الألمانية".
ويتوقع تيمو فولمرسهويزر، الباحث الاقتصادي في معهد "إيفو" أن يصل حجم الخسائر في القيمة المضافة في ألمانيا إلى نحو 1.5 مليار يورو أسبوعيا، فيما قدر معهد "آي دبليو كولونيا" هذه الخسائر تقريبيا بما يراوح بين 3.5 وخمسة مليارات يورو كل أسبوع.
وفي المقابل، تتوخى معاهد أخرى الحذر في هذه التقديرات، ويقول كلاوس ميشلزن، رئيس قسم سياسة الاقتصاد في معهد "دي آي دبليو"، "إن مقدار الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التأخيرات، تقوم بقوة على افتراضات، والسؤال يدور حول ما الذي يمكن اتخاذه كقيمة مرجعية: فإذا ما أخذنا الوضع الاقتصادي قبل تفشي الجائحة كقاعدة للمقارنة، فإن الخسائر ستكون كبيرة جدا".
يأتي ذلك استنادا إلى دراسات مقارنة في دول اسكندنافية والولايات المتحدة، التي أظهرت أن الاقتصاد انهار في المرحلة الأولى من الجائحة في دول ومناطق غير خاضعة لإجراءات إغلاق صارمة، كما انهار أيضا في دول طبقت قيودا صارمة.
وقال كليمنس فوست، رئيس معهد "إيفو" الاقتصادي الألماني "طالما أن الفيروس يثير حالة من عدم اليقين، فإن كثيرا من الشركات يتوقف عن الاستثمار، وعندما ينتشر فيروس خطير لا يذهب أغلب الناس إلى السينما أو المطعم أو الحفلات الموسيقية سواء كان مسموحا لهم بذلك أم لا".
وأجرى علماء من المعهد دراسة تناولت تطور الوضع في السويد التي رفضت تطبيق الإغلاق لمدة طويلة، وقال فوست "بدون إغلاق، يحدث الانكماش الاقتصادي متأخرا بعض الشيء وليس بهذه الدرجة من العمق التام، لكنك ستدفع مقابل ذلك لاحقا بارتفاع عدد الإصابات وبوقوع أضرار اقتصادية وصحية أكبر لم يتم احتسابها".
وفي الولايات المتحدة، بحث أوستان جولسبي وتشاد سيفرسون الخبيران الاقتصاديان التداعيات الاقتصادية على قطاع تجارة التجزئة في عديد من المقاطعات الأمريكية، منها ما طبقت الإغلاق ومنها ما لم تطبقه.
وكتب الخبيران عن نتيجة بحثهما "في حين تراجعت حركة العملاء بشكل مجمل بنسبة 60 في المائة، فإن 7 في المائة، فقط من هذا التراجع يرجع إلى القيود القانونية، فالقرارات الفردية "للمشترين" كانت أكثر أهمية بشكل كبير وترتبط فيما يبدو بالخوف من الإصابة بالعدوى".
وكان الاقتصاد السويدي سجل انكماشا بنسبة 8 في المائة في الربع الثاني من 2020 حسب بيانات هيئة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي، بينما سجل الاقتصاد في الدنمارك المجاورة، التي كانت تطبق الإغلاق، انكماشا بنسبة 7.1 في المائة في الفترة نفسها، وقد لعب الاضطراب المؤقت لسلاسل التوريد على المستوى الدولي دورا في هذه النتائج.
ولا يزال السؤال مفتوحا حول إذا ما كان الناس سيواصلون سلوكهم المتردد في مرحلة لاحقة من الوباء كما كانت عليه الحال في المرحلة الأولى. ويعني الإغلاق بالنسبة إلى القطاعات المتأثرة به بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر فقدانا في الإيرادات يوما بعد يوم، لكنه لا يوجد إجماع حول مقدار الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الإغلاق.
إلى ذلك انتهى باحثون ألمان إلى أن الإغلاق الحالي بسبب كورونا أثر بشكل ملحوظ في شعور الناس في ألمانيا بالارتياح وفي صحتهم النفسية مقارنة بتأثرهم بالتدابير التي تم اتخاذها في بداية الأزمة في الربيع الماضي.
وتوصل إلى هذه النتيجة الأولية باحثون من جامعة زارلاند، غربي ألمانيا، عكفوا على دراسة التداعيات النفسية والاجتماعية لجائحة كورونا منذ عام. وشملت الدراسة التحليلية التي حملت اسم "كل شيء مختلف" استطلاع آراء 1500 امرأة ورجل بصورة منتظمة.
وقالت دوروتا رايس، رئيسة فريق الباحثين، "إن تقديرات الناس لسلوك المجتمع في الأزمة اختلفت بشكل جذري"، مشيرة إلى أن الأشخاص الذين شملتهم الدراسة كانوا يرون في البداية أن المجتمع متقارب من بعضه بعضا، لكنهم وصفوا سلوك المجتمع بعد ذلك بأنه "يميل إلى الأنانية والتباعد".
وأضافت رايس أن "الرضا عن الحياة تراجع على نحو ملحوظ، فيما ارتفع معدل القلق والضغط العصبي والاكتئاب، إجراءات التخفيف في الربيع الماضي سرعان ما أعقبتها حالة من التحسن، لكننا لا نعرف بعد إذا ما كان الأمر سيحدث هذه المرة".
وتناولت الدراسة البحث فيما يشغل الناس في أزمة كورونا وكيف يتعاملون مع حياتهم اليومية وكيف تغيرت العلاقات مع الآخرين. ومن المنتظر أن تبحث الدراسة في الشهور المقبلة إذا ما كان للجائحة تأثيرات مختلفة في شرائح مختلفة من الناس وإلى أي مدى تطورت الحالة المزاجية والشخصية للناس على المدى الطويل في ظل الجائحة. وكانت الحكومة الألمانية والولايات قررت مساء الأربعاء الماضي تمديد إغلاق كورونا حتى السابع من الشهر المقبل بعد أن كان مقررا استمراره فقط حتى منتصف شباط (فبراير) الجاري.
بدورها قررت السلطات الألمانية استمرار صرف المساعدات الطارئة التي تقدم للطلاب الألمان على خلفية انتشار عدوى فيروس كورونا بعد انتهاء الفصل الدراسي الشتوي.
وأكدت وزارة التعليم الألمانية البارحة الأولى، تقريرا في هذا الصدد نشرته مدونة الصحافي يان-مارتن فياردا. وبناء على ذلك، يتعين أيضا منح مساعدات كورونا للمتضررين على مدار الفصل الدراسي الصيفي المقبل. وجاء في خطاب من الوزارة إلى اتحاد الطلاب الألماني، المسؤول عن دراسة طلبات المساعدة الطارئة المقدمة للطلاب، أنه من الضروري "أن يحصل الطلاب ذوو الحاجة، بشكل خاص، على أمل يدفعهم إلى عدم قطع دراستهم لأسباب مالية". ورحبت رابطة الطلاب المسيحيين الديمقراطيين بهذه الخطوة. وقال زباستيان ماتيس رئيس الرابطة، وهو أيضا عضو في اللجنة التنفيذية الاتحاية للطلاب "يسعدنا أن تقوم وزيرة التعليم بالتصرف هذه المرة بالسرعة المطلوبة، وسيتلقى الطلاب تأمينا ماليا لخططهم ومن ثم لا يتكرر الموقف الفوضوي الذي حدث قبل عام". كان صرف المساعدات الطارئة مقتصرا فعليا فقط على نهاية الفصل الدراسي الشتوي. يتم تحويل ما بين مائة إلى 500 يورو، كحد أقصى، شهريا إذا كان من الممكن استخدام كشف حساب مصرفي لإثبات وجود حالة طارئة.