فلسفة البساتين

داخل كل فرد منا بستان حافل بالورد. يزدهر ذلك البستان أو يصيبه الجفاف، حسبما نرويه أو نهمله.
التحدي الذي يواجه تلك الزهور أنها زهور غير مرئية. فلا نعلم إن كانت تتفتح أو تذبل.
علينا أن نسقي تلك الحقول بماء أقوالنا، وانهمار أفعالنا، لضمان بريقها وانتعاشها.
نحن لا نروي أرواحنا تلك فحسب، وإنما نسقي أعماقنا، ونحشوها بالطمأنينة. هل جربت يا صديقي شعور المنزل المحاط بالورد والعبير والعشب؟ .. الإحساس ذاته يسكنك ويستوطنك عندما تزرع المحبة في صدور من حولك.
تمضي أيامك خضراء مؤنسة، عامرة بالود والورد.
ابتكر صديقي فكرة جميلة مع زملائه. اتفق مع مصور مبدع أن يأتي ويقوم بتصوير زملائه صورا جميلة، بعد تهيئة استوديو صغير في مقر العمل.
أبلغ رفاقه بأن يأتوا إلى الدوام بأجمل حلة لالتقاط صور حديثة لهم. هطلوا مشرقين، ثم سلط المصور ضوءه عليهم، وخرج بصور بديعة.
طبعها ووضعها في براويز أنيقة وأهداها لهم.
لم يكتف بذلك.
بل بعثها بجودة عالية على بريدهم الإلكتروني، ليستخدموها كيفما رأوا وارتأوا.
سال في اليوم التالي شلال من رسائل المحبة بينه وبين زملائه. اكتظت طاولاتهم بصورهم الشخصية المشعة بابتساماتهم. وامتلأت حساباتهم في شبكات التواصل الاجتماعي بصورهم الجديدة، المفعمة بالحماسة والبهجة. والأهم من ذلك، ازدحمت السعادة في أحشائهم، إثر تلك المبادرة اللطيفة.
أعطت تلك الصورة دافعا جديدا لزملائه.
ضخت في عروقهم طاقة إضافية.
بللت صدورهم بفرح خفيف، يشبه زخات المطر، التي تسقط فترتفع معنوياتنا ويسمو مزاجنا.
مروا بلحظات جميلة تؤرخ بالحبور، وتنساب إلى الجذور.
الآخرون لا يريدون منا كثيرا. فقط قطرات نابعة من داخلنا تنتشلهم وتصعد بهم.
جميل جدا أن نبتكر وسائل جديدة لإسعاد أحبتنا وزملائنا وأصدقائنا.
هذه السلوكيات الحميدة توطد العلاقة، وتجدد الطاقة وتكسر الرتابة، وتعمق الروابط وتعزز الوشائج.
أسعد القلوب بكلماتك ومواقفك وبشاشتك.
لا تستصغر أي فعل أو تلويحة، فربما ترمم روحا وتشفي ألما. ستمتد البساتين وتكبر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي