المملكة تفند تقرير الظنون والاستنتاجات

التقرير الذي أصدرته المخابرات الأمريكية أخيرا ورفعته إلى الكونجرس الأمريكي عن قضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي يعتمد مع الأسف على كثير من الظنون والاستنتاجات غير الموضوعية، وحاول التقرير المزعوم أن يتهم الحكومة السعودية ــ من قريب أو بعيد ــ بصلتها بالحادث رغم أن الإدارة السعودية اتخذت كل الإجراءات القانونية إزاء مخالفات ارتكبها المحققون.
ولقد تم تفنيد التقرير والرد عليه من قبل وزارة الخارجية السعودية، بموضوعية كاملة بأن تقرير المخابرات الأمريكية الذي رفع إلى الكونجرس الأمريكي حول مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، هو تقرير ظني واستنتاجي ولا يرقى إلى مستوى التحقيقات التي تتسم بالصدقية والشفافية والنزاهة.
ولذلك قام عديد من الدول والمنظمات الدولية بالإعلان عن تضامنها مع المملكة في مواجهة تقرير ظني مشوه بكثير من التلميحات الاستنتاجية غير الموضوعية. والحقيقة أن قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي انتهت في السابع من سبتمبر 2020، حيث قضت المحكمة الجزائية في الرياض بالسجن لثمانية أشخاص بفترات تراوح بين 27 عاما. وقامت السلطات التنفيذية في المملكة بمباشرة تنفيذ الأحكام، وأكدت الحكومة السعودية أن الأحكام صدرت ضد مجموعة خارجة على القانون، وتستحق العقاب الرادع، وهكذا أثبت القضاء السعودي أنه يتمتع باستقلالية كاملة ولا يتهاون في إصدار الأحكام العادلة والناجزة، أما بالنسبة لعائلة خاشقجي فكانت مطلعة وعلى علم بكل خطوات التحقيقات. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الواقعة سعودية جرت بين سعوديين، وعلى أرض تعد سعودية، وتداولتها محاكم سعودية وفق القوانين العادلة للمملكة، ولذلك فإنه ليس من حق أي دولة أجنبية التدخل في الشأن السيادي للدولة، ولا يحق لكائن من كان أن يشكك في أحكام القضاء السعودي العادل والشامخ والمستقل.
ولقد أجريت كل التحقيقات والإجراءات في مناخ قانوني طبيعي لا تشوبه شائبة شك أو تدليس، ولكن مع هذا فوجئنا بتقرير المخابرات الأمريكية محملا بالكثير من الظنيات وبعيدا عن الأدلة المادية الدامغة، وحاشرا نفسه في قضية لا تمت إليه بأي صلة، ولذلك لا يحق للولايات المتحدة أن تتدخل في أحكام صادرة من المحاكم السعودية وفي قضية أطرافها سعوديون بنسبة 100 في المائة، وهنا يؤكد الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز في معرض رده على تقرير المخابرات الأمريكية، حيث قال: إن الولايات المتحدة سبق أن تمسكت بحقها السيادي في رفض محاكمة جنود أمريكيين أمام قضاء غير القضاء الأمريكي، كما أن تجاوزات المحققين تحدث في كل دول العالم، إلا أنه يتحتم على الدولة صاحبة الشأن محاكمة ومعاقبة مرتكبي تلك التجاوزات، واتخاذ أشد الإجراءات تجاههم إحقاقا للحق والعدل، وهو ما قامت به حكومة المملكة في حينه وأصدرت محاكمها أحكاما عادلة وقوية.
وبالنسبة للداخل السعودي فإن الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء رفضت الاستنتاجات والظنون الخاطئة والمسيئة الواردة في التقرير الأمريكي الذي زود به الكونجرس الأمريكي مؤكدة في هذا الصدد وقوفها التام مع بيان وزارة الخارجية الذي رفض محتوى التقرير رفضا قاطعا، وأن هذا التقرير لم يبن على أي أدلة أو حقائق، ودعمت ثقتها التامة فيما اتخذه القضاء السعودي بشأن هذه القضية، كما أن تعقب الأحكام القضائية إساءة للنظام العدلي في المملكة الذي يحظى باستقلالية تامة وترى الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء أن شعب المملكة يقف خلف قيادته الحكيمة، والمملكة بثقلها العربي والإسلامي والدولي ركيزة أساس في حفظ حقوق الإنسان ودعم الأمن والاستقرار في العالم بما تتبناه من سياسة الاعتدال والوسطية ونبذ العنف والتطرف.
كما رفضت رئاسة مجلس الشورى وأعضاؤه ما ورد في التقرير الذي تم تزويد الكونجرس الأمريكي به بشأن قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي وما تضمنه من استنتاجات مسيئة واتهامات للمملكة لا أساس لها من الصحة، ولا يمكن القبول بها بأي حال من الأحوال، وأكد مجلس الشورى رفضه القاطع لأي محاولة تهدف للمساس بسيادة المملكة وقيادتها أو التدخل في شؤونها بأي شكل من الأشكال، مشددا على أن الشعب السعودي يرفض بشدة التعرض للمملكة وقيادتها أو النيل من دورها ومكانتها، وأبان رئيس مجلس الشورى أن المملكة وعبر جهاتها المختصة في هذه القضية أدانت في حينه الجريمة النكراء التي شكلت انتهاكا صارخا لقوانين المملكة وقيمها على يد مجموعة تجاوزت الأنظمة كافة، حيث اتخذت بحقهم كل الإجراءات القضائية اللازمة لتقديمهم للعدالة، وصدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية في تأكيد واضح على استقلالية القضاء السعودي وعدالته وشفافيته ونزاهته وحرصه على قيمة الإنسان وروحه.
ورأى المجلس أن المملكة منذ تأسيسها وحتى اليوم تقوم على نهج راسخ من أساساته صون الإنسان وحمايته وحفظ حقوقه، كما دعا رئيس مجلس الشورى المجالس والبرلمانات والاتحادات والتجمعات البرلمانية القارية والدولية لشجب كل أشكال الانتقائية الهادفة إلى إخراج مبادئ حقوق الإنسان من سياقها الإنساني النبيل. والآن المطلوب من الإدارة الأمريكية أن تتخذ مسارا إيجابيا باتجاه ترميم العلاقات ودعمها مع السعودية التي أثبتت دائما أنها دولة تراعي حقوق الإنسان وتطبق الشرائع العدلية باهتمام بالغ، وعلى الإدارة الأمريكية أن تحافظ على علاقات الصداقة مع المملكة ولا تمارس وسائل مصطنعة لتخريب هذه العلاقة التي شهدت تعاونا مثمرا طوال ما ينوف على أكثر من 50 عاما.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي