مدن عائمة لتعزيز الاستدامة «1 من 2»
أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس إدارة شركة نيوم الثلاثاء الماضي إنشاء مدينة صناعية عائمة فوق الماء تقع في الركن الجنوبي الغربي من منطقة نيوم. وقد أطلق على المشروع اسم "أوكساجون" وهو الشكل الهندسي ذو الثمانية أضلاع في إشارة إلى أن حدود المدينة العائمة ستأخذ هذا الشكل. ستعيد "أوكساجون"، حسب ما أعلن عنه في تصريح ولي العهد مفهوم مراكز التصنيع في المستقبل، وإعادة صياغة مفاهيم المدن الصناعية بارتكازها على مبادئ كالاستدامة، والمشاريع الصديقة للبيئة، وتوظيف التقنيات الحديثة التي تأتي متسقة مع مفاهيم مشروع مدينة "ذا لاين". يهدف تصميم المشروع بشكله الثماني وبناء هيكله العائم فوق مياه البحر لتقليل أي آثار سلبية على البيئة الطبيعية المحيطة، وتوظيف مفاهيم الاقتصاد الأزرق في الاستفادة من البحار في تحقيق نظام بيئي مستدام.
ولفهم أعمق لهذا المشروع الطموح الذي سيكون أكبر مشروع عائم في العالم، سأتوقف على بعض المشاريع المائية العائمة في العالم وأسباب إنشائها، وما طريقة تنفيذ تلك المدن العائمة وكيفية تشغيلها لتكون مأهولة بالسكان؟
يشكل الاحتباس الحراري أحد التحديات العالمية الذي تتجاوز آثاره السلبية الارتفاع في معدلات درجات الحرارة إلى الارتفاع في مناسيب مياه البحار والمحيطات. فارتفاع الحرارة يعني مزيدا من ذوبان الصفائح والأنهار الجليدية كالموجودة في قطبي الكرة الأرضية، وكذلك التمدد الحراري لمياه البحار. كل تلك العوامل تزيد من منسوب المياه وقد تعرض مساحات من اليابسة لأن تكون مغمورة بالمياه تماما، خصوصا المناطق الساحلية أو بعض الجزر الاستوائية. ومن المتوقع أن يزيد منسوب مياه البحر بمعدل يصل إلى 25 سنتيمترا بحلول عام 2050 ويعني أن بعض المدن أو المناطق لن تكون ضمن اليابسة.
من الجزر التي تواجه خطر الاختفاء تحت سطح البحر جزر المالديف الاستوائية التي يرتفع سطحها عن مياه البحر بمقدار متر واحد فقط. ولمواجهة هذا التحدي البيئي فقد أعلنت حكومة المالديف في شهر مارس من هذا العام خطتها لإنشاء مدينة عائمة فوق مياه المحيط، تبعد ميلا واحد من العاصمة ماليه. سيقوم بتنفيذ هذا المشروع الذي يطلق عليه "مدينة جزر المالديف العائمة" شركة دوكلاندز الهولندية والمختصة في إنشاء الهياكل والبنى التحتية العائمة.
يعتمد بناء الجزيرة على إنشاء صفوف عائمة موزعة هندسيا لتشكل ما يشبه قرص العسل. ويحيط بتلك الصفوف عدد من الجزر الترابية الصغيرة تعمل كمرتكزات وعوامل تثبيت للهياكل العائمة. تبلغ مساحة المشروع كيلومترين مربعين وسيشمل مناطق سكنية وتجارية منخفضة الارتفاع. ومن المخطط أن تبدأ أعمال تنفيذ المشروع عام 2022 وستصمم بشكل معياري modular ليسمح بإضافة امتدادات أخرى لتلك المدينة العائمة حال الحاجة إلى التوسع.
مشروع آخر لمدينة عائمة ومدعوم من الأمم المتحدة يطلق عليه مدينة أوشنكس سيتي، مكون من عدد من الجزر الصغيرة تأخذ شكلا سداسيا، وتبلغ مساحة كل جزيرة ما يقارب ثلاثة أضعاف ونصف مساحة ملعب كرة القدم. سيشمل المشروع في مرحلته الأولى تطوير وبناء ست جزر صغيرة، تتسع كل منها لـ 300 شخص، وستزود بجميع الخدمات الرئيسة التجارية والصحية والتعليمية.
ولتعزيز النظام البيئي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في تلك الجزر، سيخصص جزء من المساحات للإنتاج الزراعي وأخرى للحماية من الأمواج والأعاصير بزرع غطاء نباتي، إضافة إلى بناء الألواح الشمسية لتوفير الطاقة الكهربائية. النموذج الأولي لهذا المشروع سيكون قريبا من خط الاستواء وسينشأ قريبا من مقاطعة جوانجدونغ الصينية.