دروس رقمية لشمولية النمو الاقتصادي «2 من 2»
أنشأت شركة IBSL خلال عام 2019، على سبيل المثال، منصات Jio، وهي شركة تابعة مملوكة لها بالكامل، وتشمل الهواتف الذكية Jio، وخطط خدمات البيانات، إضافة إلى مجموعة متنامية من الأعمال الرقمية للمستخدم النهائي. ثم في النصف الأول من عام 2020، جمعت منصات Jio نحو 20 مليار دولار من شركات عالمية رائدة في مجال الخدمات الرقمية، بما في ذلك "فيسبوك"؛ "ميتا" الآن، و"جوجل" "ألفابيت"، و"إنتل"، وQualcomm، وقائمة ممتازة من المستثمرين في الأسهم الخاصة.
منذ إطلاقها، أنشأت منصات Jio قائمة طويلة من تطبيقات الخدمات الرقمية واستحوذت على حصص الأغلبية في عدد متزايد من الشركات التي تقدم خدمات مماثلة. عملت هذه الاستراتيجيات على تغذية النمو السريع في خدمات الإنترنت المحمولة في الهند، وهو ما ساعد على توسيع الفرص المتاحة للشركات البادئة ورواد الأعمال.
حتى وقتنا هذا في عام 2021، نجحت 38 شركة بادئة هندية في تحقيق مكانة متميزة "بمعنى أن قيمتها تقدر بأكثر من مليار دولار" في قطاعات مثل التجارة الاجتماعية، والتعليم، والخدمات المالية، والرعاية الصحية. ورغم وجود عدد قليل من الاكتتابات العامة الأولية المخيبة للآمال من قبل شركات الخدمات الرقمية الهندية في الأسابيع الأخيرة، فقد تسارع التمويل الإجمالي مع تحول تدفقات رأس المال العالمية بعيدا عن الصين، نظرا لإحكام القيود التنظيمية هناك.
من المفيد هنا أن نقارن بين قصة النمو الرقمي في الهند ونظيرتها في المكسيك، حيث نصيب الفرد في الدخل "معدلا وفقا لتعادل القوة الشرائية" أعلى بثلاث مرات. استغرقت المكسيك أكثر من 16 عاما لتحقيق مستوى تغلغل الإنترنت بنحو 72 في المائة، في حين نجحت الهند في توسيع تغطيتها من 16.5 في المائة إلى 41 في المائة في غضون خمسة أعوام فقط من وصول منصات Jio.
في الأعوام المقبلة ستتوالى الفصول في قصة الهند الرقمية. لكن الهند تقدم بالفعل دروسا مهمة لفهم وتكييف نماذج التنمية مع عصر تحل فيه الأتمتة "التشغيل الآلي" والذكاء الاصطناعي محل مصادر تشغيل العمالة التقليدية "خاصة التصنيع".
تشكل التكنولوجيات الرقمية المستندة إلى الإنترنت عنصرا شديد الأهمية لتحقيق الشمول الاقتصادي والمالي. وتظهر تجربة الهند أن التوسع السريع في خدمات الإنترنت المحمولة تنشئ الفرص لتشغيل العمالة، وتوجد القيمة، والنمو بما يتجاوز عائدات المستثمرين بأشواط. ومن الممكن الحصول على بعض هذه الفوائد الإضافية من خلال الاندماج المتقدم في فرص الخدمات الرقمية التي تنفتح مع توسع وترقية الإنترنت المحمولة "من حيث السرعة".
صحيح أن الاستثمارات الأولية ضخمة، وقد لا تحقق العوائد قبل أعوام عديدة. تعد Reliance شركة طاقة ضخمة ورابحة استخدمت مواردها لتمويل استثمارات طويلة الأجل في الإنترنت المحمولة، وهذا يمهد الساحة للتوسع السريع لمنصات Jio. لكن هذا النموذج، الذي لم يتطلب استثمارات كبيرة من جانب القطاع العام، قد لا ينجح في كل مكان.
مع ذلك، تبدو الحجة قوية للغاية لمصلحة توظيف دعم القطاع العام واستثماراته في الطرح السريع لخدمات الإنترنت المحمولة. وفي ظل الحوافز المناسبة، يمثل هذا فرصة كبيرة لتحقيق نمو أكثر شمولا، بفضل الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والإنمائية الأوسع.
تظهر تجربة الهند "جنبا إلى جنب مع تجربة دول أخرى" أن الوصول إلى الإنترنت المحمولة بسرعة عالية نسبيا وأسعار معقولة يشكل أصلا بالغ الأهمية في إيجاد أنظمة بيئية اقتصادية جديدة يمكن من خلالها نشوء وازدهار الإبداع، ونشاط ريادة الأعمال، وخدمات المستهلك الموسعة. الآن، يستفيد مئات الملايين من الهنود بالفعل من هذه العوامل الخارجية الديناميكية الإيجابية.
ينبغي لصناع السياسات في الدول النامية الأخرى أن ينتبهوا إلى هذه الحقائق. إن خدمات الإنترنت المحمولة لا تختلف عن الاستثمار في البنية الأساسية التقليدية التي توجد تأثيرات تنموية ديناميكية إيجابية من خلال زيادة العوائد على مجموعة واسعة من الاستثمارات الخاصة. تظهر التجربتان الصينية والهندية الأحدث عهدا أن محركات النمو الممكنة رقميا شديدة القوة، ومن الممكن تقديمها بسرعة أكبر وبمستويات من نصيب الفرد في الدخل أقل كثيرا مما كنا نتخيل سابقا... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.