أمريكا والاستثمار في البنية التحتية «2 من 2»
لا شك أن بعض الانقسامات الواسعة تظل قائمة في الولايات المتحدة بشأن توزيع الدخل والثروة والفرص. لكن حتى هنا، يشير تشريع حديث ضمنا إلى الاعتراف بأن إبطال الاتجاهات الضارة يتطلب استثمارات عامة، خاصة في التعليم، وأجندة جانب العرض التي تساعد على إيجاد الفرص. وينبغي لنا ألا نستبعد إعادة التوزيع، لكنها ليست حلا كاملا.
قد يخشى بعض المراقبين أن هذا الإجماع الجديد الجزئي الهش على أهمية الاستثمار في الأصول الملموسة وغير الملموسة والبنية الأساسية الداعمة، يعتمد بشكل أساس على اعتبارات جيوسياسية، خاصة المنافسة مع الصين. الحق أن الحرب الباردة جلبت طفرة في الاستثمار العام في العلوم الأساسية والإبداع التكنولوجي. وعلى هذا فقد لا يدرك صناع السياسات بشكل كامل أهمية الأجندة الاقتصادية المتوازنة للأجل البعيد لدعم الثورة الرقمية، والتحول إلى الطاقة المتجددة، والتقدم نحو نمو مستدام وعادل.
على الرغم من خطر اتهامي بالإفراط في الحماس، أنصح كل من يعرب عن مثل هذه المخاوف بالامتناع عن التفتيش عن العيوب في مثل هذه المنحة. لا أقصد بهذا أن أجندة حرب باردة جديدة تتفق مع أجندة النمو المستدام. لكن الأجندتين متوائمتان بما يكفي لتمكين السياسات القائمة على مصلحة مشتركة في "الفوز" بالمنافسة الاستراتيجية مع الصين من جلب فوائد اقتصادية طويلة الأمد تعوض عن غياب التقارب بين الحزبين بشأن أجندة نمو قوية.
تظهر الانتصارات التشريعية الأخيرة التي أحرزها الديمقراطيون إمكانية التوصل إلى نتائج ملموسة بالاستعانة بأجندة وسطية والاستعداد لتقديم تنازلات. على الرغم من موافقة مجلس الشيوخ على قانون خفض التضخم في تصويت جرى على أساس الاتجاه الحزبي، كان لا بد من تعديل بنود أو إسقاط أخرى لتأمين الدعم المطلوب، خاصة من جانب جو مانشين من وست فرجينيا وكريستن سينيما من أريزونا. مهما كانت النتائج غير مرضية في نظر بعض أنصار مشروع القانون، فإن هذه هي طبيعة التسوية، التي تعد المفتاح إلى التقدم المشترك.
يشير التشريع الحديث أيضا إلى الرغبة في تعزيز المصلحة العامة العريضة في الأبعاد الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والبيئية، على الرغم من الاختلافات العميقة حول القضايا الاجتماعية. يبشر الفصل بين القضايا والأهداف بالخير على نحو مماثل بالنسبة إلى عملية صنع السياسات، لأنه يعمل على منع أجندة كاملة من الوقوع رهينة للمسائل الأكثر إثارة للجدال.
في حين لا يوجد ما قد يضمن استمرار إحياء الاستثمار العام الأمريكي، فلا يخلو الأمر من سبب للأمل. تشير تجارب عديد من الدول - بما في ذلك دول نامية ناجحة - إلى أن الجزء الأشد صعوبة من التحول الاقتصادي الكبير هو البداية. بمجرد أن تبدأ فوائد برامج الاستثمار في الظهور، يتنامى الدعم الشعبي لأجندة اقتصادية وسطية تطلعية، ما يقلل من فرص الانقلاب عليها.
لا أحد يستطيع أن يجزم ما إذا كانت عزيمة صناع السياسات الأمريكية لتدوم كل هذه المدة. لكن في الوقت الحالي، ينبغي لنا أن نثني على أولئك الذين أثبتوا قدرة القيادة البرجماتية الموجهة نحو إحراز النتائج على جلب التقدم الحقيقي على الرغم من الاستقطاب الحزبي العميق.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.