في سوق قيمته تقترب من 50 مليار دولار .. تطبيقات الصحة النسائية تتخذ منحى تجاريا
بعدما كانت مهملة طويلا، تشهد التطبيقات الرقمية المرتبطة بالصحة النسائية نموا مطردا، على وقع تعاظم نفوذ شركات التكنولوجيا العاملة في هذا المجال... لكن القطاع بدأ يتجه نحو التخمة لدرجة بات يمكن تشبيهه بسائر القطاعات التجارية الأخرى.
ويؤكد تقرير حديث أصدرته شركة ماكنزي للاستشارات أن الأمور بدأت تتغير في المسائل المرتبطة بصحة النساء والتي لطالما اعتبرت "سوقا متخصصة"، مع أن النساء يمثلن نصف البشرية، وذلك نتيجة اعتبار المستثمرين أن هذه السوق تمثل "فرصا جديدة".
وتنضوي الشركات الناشئة المتخصصة في هذا المجال والتي نشأت مع ظهور تقنيات جديدة تحت تسمية "فيمتيك"، وهي كلمة مركبة من كلمتي "فيمايل" (أنثى) و"تكنولوجي" (تكنولوجيا). ويتوقع أن تبلغ قيمة هذه السوق 50 مليار دولار سنة 2024، بحسب شركة "فروست أند سوليفان".
لكن عند دمج الصحة، وهو قطاع منظم جدا، ووسائل الراحة التي لا تخضع لقواعد واضحة، تصبح الاختراعات الممكنة هائلة وغير محددة بقواعد معينة.
- نقص في الإثبات العلمي -
إلا أن نقص الإثباتات العلمية يشكل إحدى المسائل التي يطرحها اهتمام الشركات المتزايد بصحة المرأة. كما أن أي وسيلة طبية ينبغي أن تخضع لمعايير صارمة.
وأثبتت إيميلين هان، وهي مؤسسة شركة "فيزيميد" التي طورت مسبارا يستخدم لإعادة ترميم منطقة العجان، فعالية منتجها من خلال إخضاعه لتجارب سريرية.
وتقول "لا تعتمد كل الشركات المنافسة الخطوة نفسها"، مشيرة إلى أن "التجارب السريرية من شأنها تأكيد فائدة الجهاز، لكن بما أنها تحتاج إلى تمويل كبير، لا تجريها كل الشركات".
وتشير هان إلى علامة "سي إي" التي "تمنح لأي منتج مطابق لمعايير السلامة المعمول بها، لكن هذه العلامة ليست دليلا على أن المنتج أخضع لتجربة سريرية تثبت فعاليته، وهو ما قد يكون مضللا للمستهلكات".
وتشكل السرية إحدى المسائل المطروحة والخاصة بالتطبيقات الالكترونية. ومع أن النظام الأوروبي العام لحماية البيانات يوفر حماية للبيانات الصحية، إلا أن هنالك "صورة غير واضحة بالنسبة إلى الشركات" التي تفضل أحيانا الإشارة إلى البيانات الصحية على أنها معلومات مرتبطة براحة المرأة، على ما تؤكد ليديا مورليه -هايدارا، وهي مديرة معهد القانون والصحة التابع لجامعة باري سيتيه المتخصصة في المسائل الرقمية.
وتضيف "عندما تحمل المرأة تطبيقا ما، فهي تقبل شروط استخدامه العامة وتعطي موافقتها عليها، لكن كل شيء مرتبط بما توفره المرأة من معلومات"، ومن هنا ضرورة قراءة شروط استخدام التطبيق بتمعن.
- إهمال -
ويفضي تطوير هذه التطبيقات إلى إيجاد حلول بصورة شبه جدية لمشاكل صحية تركت لفترة طويلة من دون طرح علاجات لها، لأن الأطباء الذين يكونون في العادة ذكورا غالبا ما ينظرون إلى النساء على أنهن مريضات توجه إليهن اتهامات ليست بالضرورة صحيحة. وتطرقت دراسات عدة إلى هذه المسألة، مشيرة تحديدا إلى تمثيل ناقص للمرأة في التجارب السريرية.
ويلفت الطبيب توماس بوريل، وهو مدير الشؤون العلمية في اتحاد شركات الأدوية (ليم)، إلى "نقص معين في التحليلات التي تجرى على أساس الجنس"، مع أن ليس هنالك حاليا اختلاف في الرغبة بإشراك الرجال أو النساء في التجارب السريرية.
ويشير تقرير ماكينزي إلى أن النساء "أكثر عرضة بمرتين من الرجال لاختبار آثار جانبية نتيجة تناول الأدوية"، لافتا إلى نحو 1 في المائة من الأنفاق المستخدمة في الأبحاث والتطورات الخاصة بطب الأورام مخصصة للأمراض النسائية.
وأصبح الانتباذ البطاني الرحمي حديثا حالة صحية معروفة ومشخصة بشكل دقيق، وهو مثال آخر على الإهمال المرتبط بصحة النساء. وفيما يشكل هذا المرض إحدى المسائل التي تتطرق لها التطبيقات، تبقى الأبحاث المرتبطة به تسير بصورة بطيئة.
وتقول الأستاذة في علم الوراثة والعضو في أكاديمية الطب كلودين جونيان "يقال إن صحة النساء تلقى اهتماما بسبب التطرق للانتباذ البطاني الرحمي، ولكن ماذا عن الأمراض الأخرى كأمراض المناعة الذاتية التي فيها اختلافات كبيرة بين الجنسين؟".
وتشير البروفيسور المتخصصة في أمراض القلب كلير مونييه-فييه إلى المخاطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء والتي لا تزال غير مفهومة بصورة واضحة لعامة الناس. وتقول "في حال تم التطرق إلى هذه الأمراض بلغة يفهمها الجميع فستتعلم النساء كيف يمكنها إدراك الأعراض".
وتقول إيملين هان إن التطبيقات الصحية النسائية الجديدة "تمثل خطوة تقدمية، لكن أي مشكلة تواجهها المنتجات غير الخاضعة للتجارب السريرية ستضر بكامل القطاع".