التفاؤل يهيمن على تعاملات أسواق النفط .. الآمال معقودة على تعافي الطلب الصيني
توقع محللون نفطيون أن تواصل أسعار الخام تسجيل المكاسب في الأسبوع الجاري، بعد تسجيل أول مكسب أسبوعي منذ شهر وصعود خامي القياس برنت والأمريكي نحو 2 في المائة بفعل توقعات نمو الطلب في فصل الصيف واستمرار قيود الإنتاج المشددة.
وأوضحوا لـ"الاقتصادية" أن ارتفاع أسعار النفط الخام يعود إلى تحسن معنويات المخاطرة رغم قوة الدولار الأمريكي والإضافة الهائلة لمخزونات النفط الخام الأسبوعية، حيث هيمن التفاؤل بعد توقعات بوصول اتفاق أمريكي بشأن سقف الديون.
وقالوا إن الحرائق في منطقة ألبرتا (كندا) أدت إلى توسيع نطاق الدمار الذي أصاب الإمدادات مما أدى إلى خفض الإمدادات وتعزيز أسعار النفط الخام. وعلى جانب الطلب يتجه الطلب الصيني إلى الانتعاش بالتوازي مع تحسن بيانات سوق العمل في الولايات المتحدة.
وأشار المحللون إلى أن المخاوف من تشديد العرض اتسعت مع تعهد زعماء مجموعة السبع في اجتماعهم في اليابان بالالتزام بالحدود القصوى لأسعار النفط والمنتجات البترولية الروسية، مع تعزيز جهود مواجهة التهرب من هذه الحدود القصوى بالتوازي مع تجنب الآثار غير المباشرة والحفاظ على إمدادات الطاقة العالمية.
وفى هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إيه" لخدمات الطاقة إن أسعار النفط الخام أقرب إلى مواصلة الصعود خلال الأسبوع الجاري، خاصة مع اقتراب الاجتماع الوزاري لتحالف "أوبك +" في 4 حزيران (يونيو) المقبل، الذي سيكون حضوريا، حيث يتوقع البعض أن يسفر عن إضافة تخفيضات إنتاجية جديدة لدعم الأسعار في ظل بقاء مخاوف الركود الاقتصادي العالمي وفي ضوء تعافي الطلب الصيني بوتيرة أقل من التقديرات السابقة.
وذكر أن بيانات وكالة معلومات الطاقة الأمريكية ترى أن إنتاج النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة سيرتفع في نهاية العام المقبل، لكن في المقابل هناك بعض الإشارات المقلقة على أن الإنتاج قد يتباطأ بالفعل في المرحلة الراهنة، معتبرا أن الانخفاض الكبير في إنتاج الصخري سيضيف جانبا صعوديا كبيرا لأسعار النفط.
أما دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية فيقول إن الآمال معقودة على تعافي الطلب الصيني بوتيرة أفضل في النصف الثاني من العام الجاري، لافتا إلى اعتماد الصين بشكل كبير على واردات الطاقة من الشرق الأوسط وقد كافحت في الأعوام الأخيرة لمواكبة طلبها المتزايد على الطاقة.
وأشار إلى أن زيادات في المعروض تحدث من دول خارج "أوبك" وأيضا من بعض الدول المعفاة من قيود الإنتاج في "أوبك" مثل ليبيا التي تهدف إلى زيادة إنتاج النفط بنحو 8 في المائة بحلول كانون الأول (ديسمبر) المقبل وهو مستوى من شأنه أن يرفع إنتاجها إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عقد، حيث ستكون قادرة على ضخ نحو 1.3 مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام الجاري وذلك إذا تم تجنب إغلاق الحقول ومع خطوات مثل تحسين رواتب عمال النفط التي ساعدت بالفعل في زيادة الإنتاج بنحو الربع منذ كانون الثاني (يناير) 2022 إلى 1.2 مليون برميل في اليوم الآن – وذلك بحسب بيانات مؤسسة النفط الوطنية – التي أكدت أيضا أن استثمارات بقيمة 17 مليار دولار في 45 مشروعا ستسمح للبلاد برفع الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا في غضون خمسة أعوام.
من ناحيته، يتفق بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة مع أن أزمة الطاقة في العالم ما زالت مستمرة رغم جهود المنتجين الواسعة وعلى رأسهم تحالف "أوبك +" في ضبط المعروض وتحقيق التوازن مع الطلب، مشيرا إلى تأكيد فاتح بيرول رئيس وكالة الطاقة الدولية، أن أوروبا تحديدا ربما تكون قد تجنبت أزمة طاقة في الوقت الحالي، لكنها "لم تخرج من مرحلة الخطر" بعد وربما تظهر الأزمة بشكل أوسع في الشتاء المقبل.
ونوه إلى تأكيد وكالة الطاقة الدولية أن نحو 60 في المائة من الزيادة في الطلب على النفط الخام من المتوقع أن تأتي من الصين، رغم تعثر انتعاشها الاقتصادي في المرحلة الراهنة وضعف بيانات النشاط الصناعي بوجه خاص، مشيرا إلى أن مخاطر الطاقة التي تواجهها أوروبا كبيرة لأن الانفصال عن الإمدادات الروسية من الطاقة بعد عقود من الاعتماد عليها بشكل كامل ليس بالمهمة السهلة وأن البدائل المتاحة ليست وفيرة وربما تكون أعلى في التكلفة.
وترى، أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، أن أسعار النفط الخام تلقت دعما من انقطاعات الإمدادات الكندية، حيث دفعت حرائق الغابات المشتعلة في أنحاء غرب كندا بعض شركات النفط والغاز إلى الحد من الإنتاج مع اقتراب الحرائق من خطوط الأنابيب، مشيرة إلى أنه كان للحرائق تأثير ملحوظ على صناعة النفط في المنطقة.
ولفتت إلى أن فرص حصد مكاسب أوسع للنفط الخام خلال الأسبوع الجاري واسعة، خاصة في ضوء استمرار تقلص المعروض النفطي، سواء من تحالف "أوبك +" أو خارجه، مشيرة إلى أنه في المقابل فإن القلق من الركود والتباطؤ الاقتصادي لا يزالان يحدان من المكاسب، خاصة في ضوء المخاوف بشأن أزمة الائتمان الأمريكية والانتعاش الباهت للصين اللذين سيستمران في التأثير في المعنويات في القطاع النفطي.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، انخفضت أسعار النفط عند تسوية تعاملات جلسة الجمعة، لكنها سجلت أول مكاسب أسبوعية منذ شهر. وعند التسوية، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 0.8 في المائة إلى 75.58 دولار للبرميل، كما انخفضت عقود الخام الأمريكي بنسبة 0.4 في المائة مسجلة 71.69 دولار للبرميل، ومع ذلك سجل الخامان مكاسب أسبوعية بنحو 2 في المائة.
وجاء تراجع أسعار النفط في جلسة الجمعة بفعل توقف مؤقت لمحادثات سقف الدين بين الجمهوريين والديمقراطيين، ومع ذلك صرح مسؤول في البيت الأبيض بأن التوصل لاتفاق لا يزال ممكنا. وأكد الفيدرالي الأمريكي في الوقت نفسه على أن استقرار الأسعار هو أساس الاقتصاد القوي، مشيرا إلى أن ذلك يقع ضمن مسؤولية البنك.