طفرة اقتصادية تتجاوز الحدود

شهد العالم في السنوات الأخيرة تحولات جذرية على صعيد التكنولوجيا والأسواق الاقتصادية، ويُعد الذكاء الاصطناعي أحد أهم أبرز هذه التحولات، ولنا أن نتصور أن الذكاء الاصطناعي أضحى محركًا رئيسا لطفرة اقتصادية جديدة مقبلة، كونه يؤدي دوراً مؤثراً وأساسياً في أداء كثير من الشركات وأسواق العمل في الصناعات والمجالات المختلفة. وفي هذا المقال، سأستعرض كيف يُعد الذكاء الاصطناعي طفرة اقتصادية، مع تقديم بعض الأمثلة والأرقام الاسترشادية.

كثير من الشركات بمستوياتها المختلفة، أصبحت تستخدم تطبيقات وحلول أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل واسع لتحسين وتطوير عملياتها التشغيلية والإنتاجية، ما وفر لها كثيرا من مليارات الدولارات سنويًا، والأمثلة على ذلك كثيرة لا داعي لسردها. ويظهر تأثير الذكاء الاصطناعي بشكل بارز في تحسين كفاءة وإنتاجية كثير من الصناعات الحديثة المختلفة، حيث يمكن الأنظمة الذكية من مراقبة ومتابعة جودة الإنتاج في الوقت الفعلي وتقوم بتعديل العمليات تلقائيًا لتحسين الكفاءة والإنتاجية بنسبة قد تصل إلى نسب مئوية عالية، ومن المتوقع أن يسهم ذلك في تحقيق زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 15.7 تريليون دولار بحلول 2030، والشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي يمكن أن تحقق زيادة في الإيرادات بنسبة تصل إلى 10 % ما يعزز من قدرتها على النمو والابتكار ومن زيادة قدرتها التنافسية في السوق، حسب ما أشارت إليه بعض التقارير والدراسات من الشركات الاستشارية والتحليلية مثل ماكينزي وبرايس ووترهاوس وكابجيميني وغيرها في هذا الخصوص.

التقدم المتسارع من خلال البحث والتطوير والابتكار، خاصة في مجال قطاع الذكاء الاصطناعي جعلت من دوره بارزاً في عديد من الصناعات.

فعلى سبيل المثال في الزراعة، يمكن دوره في تحسين الإنتاجية الدورية بشكل كبير من خلال تحليل بيانات الطقس والتربة واستخدام الطائرات دون طيار لرصد ومتابعة المحاصيل، نحن كفريق بحثي من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية نعمل بمشروع تقني للإسهام في أتمتة هذا القطاع بشركة ناشئة بمسمى المستقبل المتقدم لتقنية المعلومات وقد تم إجراء عديد من الدراسات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الزراعة الذي يمكن أن نقول إن مثل هذه التقنيات نطمح أن تمكن من زيادة الإنتاجية بما يصل إلى 30 %، ما يسهم في تحسين الأمن الغذائي وتقليل الهدر. ومن المجالات الأخرى أيضاً مجال الطب، تقارير من منظمة الصحة العالمية وعديد من الدراسات البحثية التي نشرت في مجلة نيتشر، تشير إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن من دقة التشخيص ويزيد من فاعلية العلاجات، ما يسهم في تحسين صحة المجتمع بشكل عام وتقليل تكاليف الرعاية الصحية.

لا شك أن العمل في مجال الذكاء الاصطناعي يتطلب مهارات تطويرية متقدمة في الأنظمة وإدارة البيانات وبرامج تدريبية متخصصة ومتزايدة بشكل مستمر، ما يوجد فرص عمل جديدة في مجالات مختلفة، ووفقًا لتقرير صادر من منتدى الاقتصاد العالمي أخيرا، من المتوقع أن يتم إدراج واستحداث نحو 97 مليون وظيفة جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي والرقمنة والأتمتة الإلكترونية بحلول 2025، هذه الوظائف تشمل تطوير البرمجيات، وتحليل البيانات وأمن وسلامة خصوصية المعلومات، وإدارة الأنظمة الذكية وغيرها. وأرى أن مع استمرار تطور التقنيات الإلكترونية، يمكن أن يشهد المستقبل مزيدًا من الابتكارات التي تعزز من قيمة الذكاء الاصطناعي وتوسع نطاق استخداماته، ما يزيد من أهميته في الاقتصاد العالمي ويجعل منه طفرة اقتصادية تتجاوز جميع حدود القطاعات التقليدية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي