الإشارات المتضاربة تثير التقلبات في سوق النفط

سيطرت التقلبات الشديدة على حركة أسواق النفط الأسبوع الماضي، حيث دفعت المؤشرات الاقتصادية المتضاربة والتوترات الجيوسياسية الأسعار في اتجاهات متعاكسة. حقق خام برنت مكاسب أسبوعية هامشية لم تتجاوز 0.02 % وأغلق دون مستوى 80 دولارا للبرميل، تحت ضغط تباطؤ الاقتصاد الصيني على الرغم من البيانات الاقتصادية الإيجابية في الولايات المتحدة والمخاوف من انقطاع الإمدادات من الشرق الأوسط. وتنقل المتداولون في سوق عالقة بين المخاطر الجيوسياسية المحتملة ومخاوف الطلب الهبوطية.

بالفعل، أثقلت الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الصين كاهل أسواق النفط العالمية طوال الأسبوع. سلطت بيانات الاقتصاد الصيني الأخيرة الضوء على نقاط ضعف رئيسة، حيث انخفضت أسعار المساكن الجديدة بأسرع معدل لها في 9 سنوات، تباطأ الناتج الصناعي، وارتفع معدل البطالة.

دفعت هذه التطورات المصافي الصينية إلى خفض معدلات التشغيل بشكل حاد، ما يعكس ضعف الطلب على الوقود وتفاقم المخاوف بشأن استهلاك النفط العالمي. وعلى الرغم من هذا الانخفاض، استمرت الصين في بناء مخزوناتها، حيث يضاف نحو 280 ألف برميل يوميا للمخزون.

يشير هذا البناء إلى أن الصين قد تقلص وارداتها بشكل أكبر إذا ارتفعت أسعار النفط العالمية. وردا على ذلك، خفضت أوبك توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2024 من 2.25 إلى 2.11 مليون برميل يوميا، مشيرة إلى الاستهلاك الصيني الأضعف من المتوقع.

على الصعيد الجيوسياسي، قدم الصراع المستمر في الشرق الأوسط دعما متقطعا لأسعار النفط. تُعَد المنطقة مهمة لإنتاج النفط، وأي خلل في الإمدادات قد يكون له تأثيرات كبيرة في أسواق النفط العالمية.

يخلق الخوف من الاضطرابات المحتملة في الإمدادات علاوة مخاطر في أسعار النفط. يمكن لأي تصعيد أن يهدد طرق نقل النفط الرئيسة، ما يعرض أكثر من 20 مليون برميل يوميا للخطر. وكان هذا الخطر الجيوسياسي العامل الرئيس في دفع أسعار خام برنت إلى ما يزيد على 82 دولارا للبرميل في وقت مبكر من الأسبوع الماضي.

لكن، مع تقدم الأسبوع تضاءلت علاوة مخاطر التوترات الجيوسياسية، مع امتناع إيران عن اتخاذ إجراءات تصعيدية فورية. سمح هذا بتركيز السوق على العودة إلى الاهتمام أكثر بضعف الطلب العالمي، خاصة من الصين.

في الولايات المتحدة، قدمت المؤشرات الاقتصادية الإيجابية بعض الدعم لأسعار النفط، لكن التأثير كان محدودا. وتشير التكهنات بخفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، مدعومة ببيانات التضخم الأقل من المتوقع، إلى دعم محتمل للطلب على النفط في أكبر اقتصاد في العالم.

لكن بيانات مخزونات الخام الأمريكية أظهرت زيادة غير متوقعة، ما يشير إلى أن الطلب المحلي قد لا يكون قويا كما كان متوقعا، ما أضاف إلى نبرة السوق الهبوطية.

من ناحية أخرى، أظهر منحنى العقود الآجلة لخام برنت علامات ضعف، مع تقلص حالة التراجع (backwardation) - وهي حالة السوق عندما تكون الأسعار الحالية أعلى من الأسعار المستقبلية. يشير هذا التحول إلى أن المتداولين يتوقعون توقعات أكثر توازنا بين العرض والطلب، متأثرة إلى حد كبير بضعف بيانات واردات الخام الصينية وانخفاض تشغيل المصافي.

تتماشى توقعات السوق الأكثر ليونة مع المراجعة الهبوطية الأخيرة التي أجرتها أوبك لتوقعاتها للطلب العالمي على النفط لعام 2024، مشيرة إلى انخفاض التوقعات للصين.

بصورة عامة توقعات أسعار النفط إلى حد ما الآن هبوطية، حيث تستمر مخاوف الطلب العالمي، وخاصة من الصين، في الهيمنة على معنويات السوق. في حين، ستظل المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط تشكل خطرا محتملا.

إلا أن غياب الاضطرابات الفورية في الإمدادات واستمرار إشارات الطلب الضعيفة يشيران إلى أن أسعار النفط الخام قد تكافح لاكتساب الزخم الصعودي، على الرغم من المؤشرات الاقتصادية الأمريكية الإيجابية.

من المتوقع أن تستمر الضغوط على أسعار النفط، ما قد يؤدي إلى اختبار مستويات الدعم المنخفضة إذا استمرت مخاوف الطلب. وعلى المتداولين أن يظلوا يقظين لأي تطورات في السياسة الاقتصادية الصينية أو التصعيدات الجيوسياسية غير المتوقعة التي قد تغير هذه التوقعات الهبوطية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي