مؤثرو "تيك توك" ينقلون شركة حلي من حافة الإفلاس إلى الازدهار

مؤثرو "تيك توك" ينقلون شركة حلي من حافة الإفلاس إلى الازدهار

بحلول أغسطس من 2020، اتخذت تريسي كامبل وأدريان نابي قرارا بتصفية متجرهما في ويليامسبورغ وكشك تديرانه في سوق تشيلسي بمانهاتن، حيث تبيعان منتجات علامتهما التجارية "بروكلين تشارم"، وذلك بعد 10 سنوات قدمتا خلالها أساور وقلائد وأقراطاً يمكن للزبائن تصميمها بأنفسهم مقابل ما بين 35 و 75 دولارا.

لقد تسببت جائحة كورونا في تراجع أعداد مرتادي المتاجر وكانتا قد فقدتا الحماس، فقررتا الإعلان عن تصفية نهائية عبر حساب المتجر على إنستغرام.

في البداية كانت الحسومات تجذب 10 زبائن يوميا إلى متجرهما الرئيسي في بروكلين، ولكن لم يمض سوى أسبوع حتى بدأ الزبائن يتوافدون على المتجر، وارتفع عدد مرتاديه إلى 10 أضعاف ذلك العدد يوميا.

تبين أن عارض ومنسق الأزياء مارك سيباستيان، الذي يتابعه مليوني شخص على "تيك توك"، نشر مقطع فيديو عن زيارته إلى المتجر الذي يتيح للزبائن اختيار حلي ثم يعلقها موظفوه إلى سلاسل القلائد والأساور.

وعلق على مقطع الفيديو، الذي حصد 50 ألف إعجاب و 172 ألف مشاهدة "لديهم كل ما قد تتخيلون من أنواع الخرز والحلي والأصداف والزجاج.. إن كنتم في نيويورك، توجهوا لدعم مؤسسة صغيرة ضربتها الجائحة!".

تمكنت كامبل ونابي من الصمود لعدة أشهر بفعل ذلك ومن المبيعات عبر الإنترنت بعد إغلاق متجريهما في نيويورك. لم تكن تلك المرة الأخيرة التي استفاد فيها مشروعهما من مشاهير الإنترنت.

تملك شركتهما "بروكلين تشارم" متجراً آخر في فنتورا بولاية كاليفورنيا وقد واصلت كامبل تشغيله خلال الجائحة، في مطلع 2021، انتشر مقطع فيديو آخر على "تيك توك" لمؤثرة تتحدث عن المتجر، فجلب ذلك انتعاشا كبيرا مؤقتا آخر في المبيعات. قالت كامبل: "بين ليلة وضحاها، ازدهرت الأعمال لأشهر".

مد هذا الازدهار كامبل بما احتاجته لتحوّل متجرها في كاليفورنيا إلى مشروع مدر للربح، فيما منح نابي التي بقيت في نيويورك الثقة لتعيد إطلاق علامتهما التجارية في المنطقة. وهكذا في مايو 2021، أعادت نابي افتتاح الكشك في "أرتيستس آند فليز" وهي شركة في سوق تشيلسي توفر مساحات للباعة المحليين. بعد تحقيق مبيعات مستقرة لعامين، افتتحت متجراً آخر، في حيّ غرينبوينت في بروكلين.

ثم جاء مقطع فيديو ثالث انتشر عبر "تيك توك" في يونيو 2023، في أسبوع افتتاح متجرهما في غرينبوينت، إذ شاركت "أرتيستس آند فليز" مقطعا مصورا تسويقيا يتناول "بروكلين تشارم" عبر حسابها على "تيك توك"، وفيه قالت المعلقة فيما كانت تستعرض صواني مليئة بالحلي "رافقوني فيما أصنع مجوهراتي الخاصة"، وكان بعضها على شكل أحرف صغيرة وأخرى على شكل فطر وكعكات محلاة ورموز للأبراج، ثم صنعت قلادة صممتها بنفسها.

في المرتين السابقتين، وفرت الشهرة دعما ماليا لـ "بروكلين تشارم"، لكنها هذه المرة قلبت نموذج عملها رأساً على عقب. قالت نابي إنه في الشهر الذي تلا مقطع الفيديو، زادت المبيعات في متجر سوق تشيلسي بنسبة تلامس 300 % مقارنة بالشهر نفسه من 2022. (رفضت "بروكلين تشارم" تقديم أرقام دقيقة).

قالت نابي: "كان ذلك أصعب أعوام حياتي. لقد كان حافلاً بالفوضى". لم يكن لديهما ما يكفي من الموظفين للتعامل مع توافد الزبائن على كشك العلامة التجارية الذي لا تتجاوز مساحته 4 أمتار مربعة في "أرتيستس آند فليز"، ولم تكن لديهما كميات كافية من الحلي.

في إحدى المراحل، بعدما تراكمت طلبيات شهرين، اضطرت "بروكلين تشارم" إلى وقف تلقي الطلبات عبر الإنترنت. ومن أجل تلبية الإقبال الكبير الذي نشأ عن هذه الشهرة المكتسبة مجدداً، اضطرت نابي وكامبل لزيادة عدد موظفيهما في متاجرهما الثلاثة إلى 20، واعتمدتا قائمة انتظار تستند إلى تطبيق تستخدمه المطاعم في إدارة الزبائن الذين يأتون بلا حجز مسبق.

موضة تجذب الجيل "زد"

لكن ما سرّ هذا الهوس بالحلي المتدلية؟ قالت زبونة اسمها لورا هورنبي، تبلغ 26 عاماً، وتعمل في مجال العلاقات العامة في نيويورك، إن فكرة "بروكلين تشارم" التي تتيح للزبائن صنع أكسسواراتهم بأنفسهم تجذب الشباب الذين يبحثون عن أنشطة إبداعية بأسعار معقولة نسبيا، كما يمكنهم أن يفعلوا ذلك برفقة أصدقائهم. أضافت: "هذا نشاط مثالي لتصنع شيئاً بنفسك بسعر مقبول نسبياً".

ترى نيكيتا واليا، الخبيرة في استراتيجيات العلامات التجارية في نيويورك، أن الأساور ذات الحلي المتدلية تتماشى مع كثير من الصيحات المحببة لدى أبناء الجيل "زد"، بما فيها موضة التسعينيات وبداية الألفية، ومع توقهم لتجارب حياتية حقيقية بعد الوباء.

قالت: "يظهر السوار ذو الحليّ المتدلية كل جوانب شخصيتك من خلال لقطة واحدة تشابه ما تعرضه على واجهة حسابك على إنستغرام... يرغب أبناء الجيل زد أن يُنظر إليهم بطريقة معينة من خلال استهلاكهم، ومن هذا المنطلق يحاولون إقامة روابط عبر هذه المجتمعات الاستهلاكية الصغيرة التي تجمعهم".

توقع زيادة الإقبال بفترة الأعياد

بعد عام على نشر مقطع فيديو "أرتيستس آند فليز"، تقول كامبل إن علامتهما التجارية ما تزال تستفيد من الدعاية. ويواصل الزبائن الحديث عن منتجاتها عبر "تيك توك" وغيرها من المنصات، فيما ينتشر على إنستغرام نحو 24 ألف تعليق مع وسم (brooklyncharm#). في غضون ذلك، ما يزال متجر غرينبويت يستخدم قائمة الانتظار.

في عطل نهاية الأسبوع، على الزبائن الوصول قبل 12:30 ظهراً من أجل ضمان حصولهم على الخدمة. في حين استقرت المبيعات نوعاً ما، تتوقع كامبل أن ترتفع مجدداً مع دنو موسم الأعياد، بما أن أعمال العلامة التجارية تستند بشكل أساسي إلى الهدايا.

تخطط كامبل ونابي لزيادة عدد موظفيهما ومخزونهما في هذا الموسم، وزيادة طلبياتهما من الحلي الأكثر رواجاً إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف، ويشمل ذلك أشكال الكرز ورموز الأبراج والرموز المرتبطة بمدينة نيويورك.

رغم الزيادة الكبيرة في المبيعات بفضل تسليط الضوء على العلامة التجارية، فإن إدارة شركة لها شهرة واسعة على الإنترنت ليست سهلةً. لقد أغلقت نابي وكامبل كشكهما في سوق تشيلسي هذا الصيف بسبب الضغط الناتج عن التعامل مع أعداد كبيرة من الزبائن ضمن مساحة صغيرة.

ولا تزالان تواجهان صعوبة في استشراف الإقبال على منتجاتهما عند إعداد طلبيات من المصنّعين، كما أن اتساع شعبية علامتهما التجارية صعّب عليهما مهمة العثور على الحلي القديمة المستعملة التي كانتا تشتريانها بالجملة من قبل.

في غضون ذلك، استفادت مؤسسات تجارية محلية أخرى أيضاً من موضة هذه الأساور، يقول كين بيون، صاحب متجر "بييدكرافت" للمجوهرات في مانهاتن، إن حركة الزبائن تضاعفت على الأقل خلال العام الماضي، وهو ما يعزوه مباشرة إلى الموضة التي أطلقتها "بروكلين تشارم". قال: "يبحث الناس عن مزيد من التجارب... وهنا يكمن كثير من القيمة التي نعوّل عليها في هذا الاقتصاد".

الأكثر قراءة