بطالة الأزواج.. عامل جديد يدفع السعوديات إلى التمسك بالوظيفة

بطالة الأزواج.. عامل جديد يدفع السعوديات إلى التمسك بالوظيفة

أكدت لـ"المرأة العاملة"مختصات وأكاديميات أن بطالة الأزواج باتت من العوامل الجديدة التي تدفع بالموظفات السعوديات إلى تحسين أدائهم في بيئات العمل والجد والمثابرة بغية المحافظة على الوظيفة، مشيرين إلى أنه ورغم كل الأعباء الاقتصادية للأسرة بسبب بطالة الزوج والضغوط النفسية الصعبة إلا أن ذلك قد ينعكس إيجابا على أدائها في العمل فيدفعها لبذل جهد أكبر للحصول على الترقية أو حتى للتمسك بالوظيفة.
وتقول دراسة سعودية أجرتها كلية خدمة المجتمع إن ظاهرة المرأة المعيلة ظاهرة عالمية تعمل الهيئات المتخصصة على رصدها بشكل دوري، حيث تشير الدراسة إلى أن ظاهرة الإعالة النسائية للأسر في دول العالم المتقدم والنامي هي على السواء.

المرأة المعيلة عالميا

وكشفت الدراسة التي نفذتها الدكتورة نوف العتيبي باحثة في كلية خدمة المجتمع أن المؤشرات توضح تزايد هذا النمط من الأسر، ففي أوروبا وأمريكا الشمالية تقدر نسبتهن بنحو 20 في المائة وتصل إلى 24.6 في المائة في كل من شمال غرب أوروبا وأستراليا، و28 في المائة في النمسا، و15في المائة في اليابان وترتفع إلى 30 في المائة في جنوب آسيا ودول الصحراء الإفريقية.
وعلى الصعيدين العربي والمحلي تقول الدراسة إن الأسر التي تعولها امرأة تصل إلى 11 في المائة في المغرب و12.6 في المائة في كل من اليمن والسودان، و12في المائة في لبنان، وتشير البيانات والدراسات في مصر إلى أن حجم الأسر التي تعولها نساء بصورة كاملة وتنفرد بتحمل العبء تقدر بنحو 22 في المائة من إجمالي الأسر التي تتركز في الشرائح السكانية الأكثر فقراً.

الإعالة النسائية خليجيا
كما تؤكد الدراسة أن تقارير دول مجلس التعاون الخليجي لم تذكر نسب الأسر التي يترأسها امرأة إلا القليل والمتاح، إذ تبلغ وفق بعض التقديرات نحو 2 في المائة في الإمارات سنة 1985 و10 في المائة كحد أعلى في البحرين 1991.

المرأة السعودية كمعيلة
وهنا تقول الباحثة العتيبي إن الاهتمام بموضوع النساء المعيلات للأسر حديث نسبياً على المستوى المحلي، رغم أن هذه الظاهرة تنتشر، ولكن لا يوجد لها نسب مدونة، مرجعة ذلك إلى طبيعة المجتمع السعودي الذي ينظر للمرأة نظرة خاصة مرتبطة بخصائص المجتمع وثقافته وقيمه وعاداته.
وزادت" تستند مسؤولية إعالة الأسرة والتكفل بها في المجتمع السعودي على عاتق الرجل الذي يحتل بمقتضى هذا الدور مركز الرئاسة وما يتبعه من سلطة اتخاذ القرارات التي تحمي حياة الأسرة ومصالحها ويتحمل هذه المسؤولية الأب أو الزوج أو من يقوم مقامهما من الذكور، هذا إضافة إلى ولاية الأمر لمن يقوم بحفظ نظام الأسرة ورعايتها حيث لا يتم خروج المرأة للتعليم أو العمل إلا بموافقة من ولي الأمر".
من ناحيتها تقول الدكتورة أمال الفريح باحثة اجتماعية إن تحمل المرأة لجميع الأعباء الاقتصادية يزيد من الضغوط النفسية إلا أن تلك الضغوط لا تؤثر في أدائها لعملها بل على العكس قد يدفعها لبذل المزيد من الجهد للحفاظ على وظيفتها أو للحصول على علاوة.
وتابعت" إلا أن بطالة الزوج خاصة لو كانت اختيارية تدفع الزوجة لطلب الطلاق مبينة أن استقلال المرأة المادي يعد أحد أسباب الطلاق في حال وجود مشكلات كعدم تحمل المسؤولية المالية وذلك حسب دراسة سابقة أجرتها على شريحة من السعوديات، خاصة أن المرأة في مجتمعنا اعتادت أن يتحمل الرجل المسؤولية سواء كان زوجا وغيره هذه المهمة".
من جانبها ذكرت الدكتورة هويدا عبد المنعم أستاذة الاجتماع في كلية الخدمة الاجتماعية أن عمل المرأة وبطالة الزوج يحدث خللا في الأسرة وتأثيره يطول جميع أفرادها بما فيهم الزوج والأبناء, مبينة أن هذا الوضع قد يؤثر في أداء المرأة عملها وذلك وفقا لشخصيتها فهناك موظفة تستطيع أن تفصل بين مشكلات المنزل والعمل بينما موظفة أخرى لا تستطيع ذلك.
وأشارت عبد المنعم إلى أن هذا الوضع قد يؤثر سلبا أو إيجابا في أداء السعوديات في أعمالهن.
وأضافت"إلا أنني لا أتفق مع أن مثل هذا الوضع يمكن أن يكون عاملا جيدا على المدى البعيد لما ستعانيه المرأة العاملة من ضغوط الموازنة بين واجبات المنزل والعمل والتي ستكون مضاعفة في حال كان الزوج عاطلا عن العمل".
وهنا تعود الدكتورة الفريح لتؤكد أن إحساس الموظفة بأنها مستغلة كربة منزل في البيت ومسؤولة عن أعباء الأسرة إضافة إلى الأعباء المالية وأن العمل بالنسبة لها ضرورة وليس اختيارا سيؤثر في حالتها النفسية إلا أنه قد يدفعها في الوقت نفسه لبذل جهد مضاعف في العمل لتحسين وضع الأسرة الاقتصادي.
وقالت " الإنسان كل مركب لذلك إذا واجه مشكلات في جانب معين لابد أن يؤثر ذلك في جوانب أخرى, فمثلا بطالة الزوج قد تدفعها للبحث عن مصدر آخر للدخل يساعدها إلى جانب وظيفتها الرسمية ففي هذه الحالة تضطر لبذل مجهود كبير في المنزل وتذهب للعمل بنفسية غير جيدة مما يؤثر بدورة في تعاملها مع زميلاتها في العمل أو العملاء الذين تتعامل معهم من خلال عملها".
وأوضحت الفريح أن بعض الموظفات اللاتي يمررن بمثل هذه الظروف الصعبة في المنزل تعتبر الخروج للعمل وسيلة للترويح عن النفس والبعد عن المشكلات, خاصة إذا كانت موظفة في جهة حكومية فقد تلجأ للتكاسل والتهرب من المهام الموكلة إليها, مضيفة أن انعدام الحوافز والعلاوات في الوظائف الحكومية يساعد أيضا على تكاسل الموظفة المجهدة نفسيا في المنزل عن بذل مزيد من الجهد في العمل.

رأي موظفات معيلات
وفي استطلاع لرأي موظفات معيلات قالت نادية محمد إنها كانت تعمل في وظيفة حكومية إلا أنها اضطرت للاستقالة لرعاية أبنائها وبسبب انتقالهم لمدينة أخرى.
وتضيف " بعد مرور 15عاما على زواجنا ترك زوجي عمله وتوقعت أنها فترة مؤقتة إلا أنها استمرت وبعد أن نفدت كل مدخراتنا وزادت المشكلات, اضطررت للبحث عن وظيفة ولم أجد سوى وظيفة إدارية في إحدى المدارس الأهلية براتب يقل بمعدل النصف عما كنت أتقاضاه في وظيفتي الحكومية التي استقلت منها وحاولت العودة لها لكن دون جدوى وعندها انفصلت عن زوجي وتفرغت لتربية أبنائي وعملي الذي أحاول أن بذل فيه قصارى جهدي حتى لا أفقده فهو مصدر الدخل الوحيد للأسرة".
وتتابع "ورغم المشكلات التي مررت فيها إلا أنني لم أقصر يوما في عملي, فالظروف أجبرتني على أن أتحمل كل الضغوط سواء في العمل أو المنزل لكي أحافظ على مصدر رزقي".
فيما تقول فاطمة عبد الله التي تعمل معلمة إنها كانت تتشارك مع زوجها في بداية حياتهما الزوجية في مصروفات المنزل, وشيئا فشيئا أصبح زوجها يتخلى عن واجباته الأسرية وبعد أن تعرض لظرف صحي أقعده في المنزل فترة لم يحاول أن يعود لممارسة عمله السابق أو البحث عن عمل بديل فأصبح عبئا ثقيلا على الأسرة. وتضيف فاطمة "إن شعوري بأنه أصبح يستغلني كزوجة ومسؤولة في الوقت نفسه عن جميع الأعباء المادية للأسرة جعلني في وضع نفسي سيئ أثر بشكل كبير في أدائي عملي فلم يترك لي خيارا وأصبحت بطالته واقعا لم تجد محاولاتي في تغييره, وفي الوقت نفسه لم أستطع الانفصال عنه بسبب الأبناء".

الأكثر قراءة