موازنة 2018 .. بداية المسار الصحيح لتحقيق مصادر دخل ثابتة

موازنة 2018 .. بداية المسار الصحيح لتحقيق مصادر دخل ثابتة

قال لـ "الاقتصادية" عدد من الاقتصاديين، إن الآلية المعتمدة لميزانية 2018، فيما يتعلق بالإيرادات والمصروفات وتنويع مصادر الدخل، وتنمية إيرادات خزينة الدولة بعيدا عن اتجاهات أسعار النفط الصاعدة والهابطة، تعد خطوة في المسار الصحيح للاقتصاد السعودي لتحقيق مصادر ثابتة، وتوفير الوظائف وجذب الاستثمارات وتعزيز الشفافية ورفع كفاءة الإنفاق في الدولة، وفرصة لنمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تشكل ثلثي المنشآت في المملكة.
وأوضح الدكتور محمد العنقري، المحلل والكاتب الاقتصادي، أن اعتماد الميزانية بحجم مصروفات يعد الأكبر في تاريخ المملكة بمبلغ 978 مليار ريال، ستصب بشكل كبير في دعم الاقتصاد وتحفيزه للنمو ولتطوير الخدمات العامة، لدعم جذب الاستثمارات وتحقيق الرفاهية لأفراد المجتمع، بتوفر الوظائف والخدمات، ورفع كفاءة الإنفاق على تلك المشاريع، ما يعزز من معدلات الشفافية ويساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى داخل البلاد.
ولفت، إلى أنه في موضوع رفع كفاءة الإنفاق، يُقصد به الإنفاق في المواضع الصحيحة وبالطريقة الصحيحة حتى في النفقات الثابتة المتعلقة بالأمور التشغيلية والعلاوات السنوية وغيرهما، علاوة على أن الميزانية اعتمدت بنسختها الجديدة على استدامة التنمية، ونحن أمام ميزانية توسعية تخدم رفع معدلات النمو الاقتصادي وخفض معدلات البطالة بنهاية العام المقبل، بما يسهم في توليد الوظائف وجذب الاستثمارات وتحريك الاقتصاد من جديد.
وأبان، أن الميزانية مستمرة في دعم التنمية من خلال القطاعات الصحية والتعليمية، إذ بقي الإنفاق عند مستويات مرتفعة باعتبار أن النسبة الكبيرة من أفراد المجتمع هي من الشباب الذين يحتاجون تطوير الخدمات الصحية والتعليم، علاوة على المشاريع الاجتماعية، والقطاعات الأخرى كالسياحة والترفيه والإسكان والنقل والخدمات اللوجستية والمشاريع الجاذبة للقطاع الخاص، ما سيدعم نمو الاقتصاد وتطور الخدمات العامة التي تعد جزءا من جذب الاستثمارات.
وأشار، إلى أنه لتنمية الايرادات اتخذت الدولة عديدا من الأمور بشكل تراتبي من ضمنها فرض الضرائب على بعض السلع الضارة، وفرض الرسوم على الخدمات التي كانت تُقدم بأسعار زهيدة مقارنة بالخدمات المقدمة مثل خدمات البلديات، علاوة على تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي ستطبق مع العام المقبل.
وأكد، أن موضوع مكافحة الفساد الذي أعلنت عنه المملكة أخيرا، واتخذت حياله إجراءات صارمة خلال الفترة الماضية يعد موضوعا مؤثر جدا في زيادة كفاءة الإنفاق، بحيث تصبح تكلفة المشاريع عادلة جدا ومنطقية وواقعية بعيدا عن المبالغات دون احتكار لصالح أشخاص بعينهم، ما يساعد على جذب الاستثمارات وتهيئة القطاعات الحكومية الأخرى لتكون جاهزة للخصخصة.
من جانبه، قال الدكتور سالم باعجاجة، أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، إن ما أعلن عنه حول الميزانية العامة للدولة أظهر تطورا ملحوظا لم تشهده المملكة خلال الموازنات السابقة، إذ سجلت المملكة عجزا في ميزانية عام 2017 قدره 195 مليار ريال، وهي أقل بنحو 50 في المائة عن السنوات الثلاث السابقة، كما بلغت الإيرادات 696 مليارات ريال، بزيادة نحو 11 في المائة، والمصروفات 978 مليار ريال، وفيما يخص موازنة عام 2018، فقدرت وزارة المالية الإيرادات المتوقعة بنحو 783 مليار ريال، منها 492 مليار ريال إيرادات نفطية، و291 إيرادات غير نفطية.
وأوضح باعجاجة، أن هذا يدل على السياسة التوسعية للدولة في الإنفاق، كما أن الميزانية تمثل بداية برنامج عمل متكامل وشامل لبناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة، حيث إن الحكومة سترفع كفاءة الإنفاق العام وستراجع منظومة الدعم الحكومي.
وأضاف، أن بيانات الميزانية التي تم الإعلان عنها أمس الأول، أظهرت انخفاضا في حجم الدين العام مع نهاية العام 2017 ، وهو ما يمثل نحو 10 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، ويعد أقل من 8 في المائة من الناتج المحلي، وزيادة الإنفاق بنحو 4 في المائة بشكل عام، كما خصصت الحكومة في ميزانية 2018 مبلغ 147 مليار ريال لقطاع الصحة، حيث تنعكس ملامح الموازنة إيجابا على الناتج المحلي الإجمالي وعلى دفع دفة النمو الاقتصادي المحلي المتواصل، والرفع من متانته وقوته وتنوعه أمام الاقتصادات العالمية الكبرى، بناء على تحليلها للبيانات الرسمية المعلنة من قبل الجهات المعنية، أن تشهد الموازنة السعودية للعام تغيرا في أبرز أربعة ملامح، وهي؛ الإنفاق الحكومي لتوسعي، حيث من المتوقع أن تكون الموازنة توسعية، لكن بوتيرة أقل من الأعوام السابقة، وذلك علاوة على أبرز القطاعات الرئيسة المكونة للناتج المحلي الإجمالي، التي ستشهد في أغلبها نموا في المبالغ المرصودة لها، المتضمنة قطاع النقل، والتعليم والصحة، إضافة إلى إنشاء مطارات جديدة. بدوره، أوضح الدكتور عصام خليفة، عضو جمعية الاقتصاد السعودية، أن الميزانية تواجه تحديات تنموية عديدة تؤثر فيها، يأتي في مقدمتها التحدي السكاني المتزايد، فالعلاقة بين السكان والتنمية هي علاقة تفاعلية يؤثر في المكون السكاني على إمكانات التنمية.
وقال، إنه إذا كان معدل نمو عدد السكان أكبر من معدل النمو الاقتصادي فإن ذلك يؤثر سلبا في الموارد والخدمات التعليمية والصحية والمرافق الحكومية وفرص العمل وانخفاض مستوى المعيشة، والعكس صحيح، فإذا كان معدل التنمية الاقتصادية أعلى من معدل نمو تعداد السكان، فإن ذلك سيسهم في تحسن مستوى متوسط الدخل، وزيادة حصة الفرد المخصصة للإنفاق، بسبب تحسين الخدمات الصحية والتعليمية والمرافق وزيادة فرص العمل.
وتابع، أن الإحصائيات تشير إلى أن نمو السكان السعوديين يتناسب مع معدلات التنمية الاقتصادية، إلا النمو السكاني للسعوديين بدأ يتباطأ على حساب زيادة أعداد الوافدين في المملكة بمستوى أعلى ما كان مقدرا له، فقد فاق معدل نمو الوافدين ضعفي معدل نمو السكان السعوديين، حيث يمثل تعداد الوافدين ثلث تعداد السعوديين ومعظمهم عمالة عاملة وترضى بمستوى أجور أقل من السعوديين، وهي قضية سيكون لها انعكاسات مهمة، وسيصبح إيجاد الوظائف المناسبة للسعوديين من التحديات التي ستواجه المملكة.
من جانبه، ذكر بارع عجاج، مستشار ومحلل اقتصادي، أن الميزانية التوسعية التي أعلنت عنها المملكة تركز على جوانب تنموية عدة، تهدف لزيادة ضخ الاستثمارات وزيادة توافد أعداد الحجاج والمعتمرين في المملكة عبر الاهتمام بالنواحي الخدمية واللوجستية في بناء منظومة المطارات والنقل العام مثل القطارات وغيرها، مما يحفز نمو الاقتصاد ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، خصوصا بعد الإعلان عن تخصيص مبلغ مالي كبير لدعم المنشآت الوطنية التي تشكل أكثر من ثلثي الاقتصاد السعودي.

سمات

الأكثر قراءة