يعجبني من يجد حلا
مع أنني من أشد المؤيدين لهذا العنوان إلا أنني لست من قال هذه العبارة، بل قالها المفكر الأمريكي الشهير رالف والدو إيمرسون Ralph Waldo Emerson تعليقا على عجزه عن التصرف في موقف صادفه ذات يوم، بينما استطاعت خادمته أن تجد حلا، فقد كانت للمفكر حظيرة للأبقار فخرج منها عجل صغير، وقد حاول إيمرسون أن يشده بقوة لإرجاعه للحظيرة فلم يتمكن، ثم بدأ يتذمر ويصرخ فتجمع أولاده ليحاولوا معه فلم يستطيعوا, فما كان من الخادمة إلا أن وضعت إصبعها بهدوء في فم العجل الذي راح يرضعه, وسار وراءها إلى الحظيرة.
يعجبني ذلك النوع من الناس والذي يجد حلا .. وسيلة .. طريقة .. مخرجا, فإذا اعترضته الصخور لف حولها, وإذا استوقفه الجدار تسلقه, وإذا واجهته الأمواج استقل زورقا, فهو يقضي 10 في المائة من الوقت في التفكير في المشكلة ويستبقي الـ 90 في المائة الباقية لإيجاد الحل.
ينقسم الأشخاص في عالمنا إلى صنفين رئيسين هما: الإيجابيون والسلبيون, حيث يمثل الصنف الأول 10 في المائة من المجموع, ورغم أنهم النسبة الأقل إلا أنهم هم الذين يحركون الركود في كل مجال, لأنهم يتحملون مسؤولية أنفسهم ونتائج ما يقومون به, ولديهم الجرأة لأن يتقدموا لمواجهة الاحتمالات غير المحددة ولصناعة قراراتهم بشجاعة, أما السواد الأعظم من الناس – مجموعة الـ 90 في المائة- فيميلون إلى السلبية في أغلب استجاباتهم وردود أفعالهم تجاه الحياة, فهم يتمنون أن تتحسن أحوالهم ويأملون على الدوام أن يحدث لهم أمر طيب, لكنهم لا يفعلون شيئا لتغيير ذلك, بل يشتكون الأحوال والناس والظروف والطقس وكل ما تقع عليه عيونهم, وينقمون على الناجحين ويشككون في نتائجهم وجهودهم ويمضون معظم أوقاتهم في مشاهدة التلفزيون وتجاذب الأحاديث على الهاتف, دون أن يكون لديهم الاستعداد لأن يبذلوا الجهود التي بذلها الآخرون من أجل أن يبلغوا ما بلغوا, ومثلهم كمن يريد ركوب القطار لكنه يقف في المحطة الخطأ التي لن يمر منها القطار يوما.
لقد اطلعت أخيرا على قصة الفتاة الكويتية عائشة الحشاش, التي تمكنت رغم إعاقتها وبتوفيق من الله, وإصرار مؤمن مسؤول من والدتها على أن تتحدى هذه الظروف وتخترق حصارها, وأن تتمكن من اكتساب مهارات لا يتقنها معظم الأصحاء ممن هم في مثل سنها, وأن تجيد القراءة والكتابة بسبع لغات, وأن تؤلف كتابها المسمى "إعاقتي سر نجاحي" المملوء بالحكم الإيمانية والدروس القوية المؤثرة المهمة لكل من تسول له نفسه يوما أن يسب الظروف أو يلوم الأحداث.
إن طبيعة حياتنا تتحدد من خلال الموقف الذي نختار انتقاءه, فالموقف يحدث الفرق, وأمامنا خياران, إما موقف الفائز وإما موقف الخاسر, لأن معظم الحدود التي تمنعنا من تحقيق قواتنا الكامنة هي اصطناعية, وترتبط بالطريقة التي نرى بها أنفسنا والعالم الذي حولنا, فمواقفنا السلبية هي التي تمنعنا من أن نصبح كل ما خلقنا من أجله.
يمكن أن نكون جميعا فائزين من خلال السيطرة على المواد التي نزود بها كمبيوتراتنا, أي عقولنا, وحين تتزود عقولنا بما يكفي من النوع الصحيح من الزاد, تبدأ بالسيطرة على مشاعرنا التي ستوجهنا للتفكير باستجابات سلوكية إيجابية بدلا من أن تسيطر علينا بسلبية, وحين نقرأ سير الناجحين سنصل إلى نتيجة مفادها أن الجيبين الفارغين لم يعوقا أحدا يوما, لكن الرؤوس الفارغة والقلوب الصدئة هي التي استطاعت وتستطيع دوما ذلك.
استشارية برامج تمكين المرأة
[email protected]