لا مكان للمتحرشين بيننا
لا شك أن موافقة مجلس الشورى أمس الأول على مشروع نظام مكافحة التحرش، يعد حدثا تاريخيا انتظره الشارع السعودي طويلا، وهو قرار يجسد رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عندما أكد في خطابه التاريخي تحت قبة مجلس الشورى في كانون الأول (ديسمبر) الماضي أنه لا مكان بيننا لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال، وبلا أدنى شك أن التحرش من أقوى صنوف الانحلال ويتنافى مع شريعتنا السمحة والإنسانية أيضا.
بالطبع، القانون وإن تأخر كثيرا إلا أنه جاء في الوقت المناسب الذي تشهد فيها بلادنا تطورات على كل الأصعدة، وتتضمن تمكين المرأة من الاعتماد على نفسها في كل شؤونها - بما لا يتعارض مع شريعتنا السمحة ــ وتعزيز مكانتها في المجتمع، خاصة وهي أكثر عرضة للتحرش، ليأتي القانون الذي ينتظر أن يصادق عليه مجلس الوزراء قريبا حاميا لها ونصيرا ومعينا لها في ممارسة حياتها العملية والاجتماعية دون خوف أو وجل من أصحاب النفوس الضعيفة، الذين وجدوا في التحرش طريقا إلى التسلية دون رادع.
القانون جاء وفق التطلعات التي ينشدها المجتمع السعودي، ذكورا وإناثا، وبعقوبات مغلظة ورادعة تصل إلى السجن سنتين وغرامة 100 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ورفع العقوبة إلى السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وغرامة لا تزيد على 300 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حال كان المجني عليه من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه، أو وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية، أو كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد، أو كان المجني عليه نائما أو فاقدا للوعي أو في حكم ذلك، أو وقعت الجريمة في حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث.
القانون الصارم يتطلب التوعية والإرشاد من الجهات المختصة، ومن الأسر كذلك، فالقانون عندما يحمي المتحرش بهم، يجب أن يصاحبه تحرك من وسائل الإعلام لحماية المتحرشين من أنفسهم، وهنا يأتي دور الأسر في توعية أبنائها من المراهقين ــ الأكثر تحرشا في المجتمع ــ وتوعيتهم بالعقوبات التي قد تطالهم في حال قيامهم بمضايقة الآخرين والتحرش بهم، وتبيان العواقب الوخيمة التي قد تقع عليهم في حال سولت لهم أنفسهم الإقدام على مثل هذا الفعل المشين، فما قبل "قانون التحرش" ليس كما بعده.