عصر جديد في «وول ستريت» .. هل ينهي دور الوسطاء؟
يؤكد رحيل لويد بلانكفين أحد أقوى المصرفيين في العالم، من مصرف جولدمان ساكس بدء عصر جديد في "وول ستريت"، حيث أدى التقدم الهائل في التكنولوجيا واستخدام الروبوتات حتى في صالات أسواق المال، إلى تراجع تأثير الوسطاء. وقبل بضعة أسابيع من الذكرى العاشرة لإفلاس مصرف ليمان براذرز الذي أدى إلى أخطر أزمة مالية منذ الانهيار الكبير، أكد "جولدمان ساكس" أمس الأول، أن بلانكفين "63 عاما" سيغادر المجموعة المصرفية بعد 12 عاما من وصوله إليها. وهذا الوسيط الذي استخدم وجهه خلال الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري دونالد ترمب في 2016 في إعلانات دعائية تدين تجاوزات رجال المال، كان أحد آخر "عمالقة" البورصة الأمريكية. وقال ريتشارد بوف المختص في مجموعة "هيلتون كابيتال مانيجمنت" المالية "إنها نهاية حقبة سيطر خلالها الوسطاء وبداية حقبة نجمت عن الثورة التقنية"، وفقا لـ "الفرنسية". وفي أكبر ستة مصارف في "وول ستريت"، لم يبق سوى جيمي ديمن رئيس مجلس إدارة "جي بي مورجان" الذي كان في هذا المنصب عند حدوث الأزمة. فلدى مجموعة "سيتي جروب"، رحل فيكرام بانديت في 2012 بينما تخلى كل من كين لويس "بنك أوف أميركا" وجون ماك "مورجان ستانلي" عن منصبيهما في 2010. وفي 2016 أطاحت فضيحة حسابات مصرفية وهمية بجون ستامبف في مصرف "ويلز فارجو". ورأى بوف أنه في هذا "العالم الجديد" لما بعد الوساطة، يجب على أي مصرف كبير أن يقيم علاقات "وثيقة" مع العائلات "لأنها هي التي تقوم بالادخار وبالإنفاق". قبل الأزمة المالية، كانت نشاطات الوساطة في المنتجات المالية مصدر المال. لكن أعيد توزيع الأوراق بعد تشديد الأنظمة المالية ودخول التكنولوجيا إلى قطاع المال ونجاح صناديق المؤشرات المتداولة الاستثمارية التي تسمح بالحد من المخاطر وخفض النفقات. وظهرت أيضا "التقنيات المالية" والشركات الناشئة التي تقدم خدمات مالية إلى الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة، وبينها "فينمو" التطبيق الذي يسمح بتحويل أموال بسرعة وبلا نفقات، أو "ويلثفرونت" الذي يجعل الإدارة الآلية للمحفظة الاستثمارية ممكنة. وفي مواجهة هذا التغيير، تحولت المصارف الكبرى التي تتمتع بوضع جيد حسب اختبارات الملاءة التي يجريها "الاحتياطي الفيدرالي"، إلى هذه التقنيات الجديدة وباتت تعهد بمهمات إلى روبوتات أكثر فأكثر. فقد أصبح من الممكن مثلا إيداع شيك عن طريق هاتف ذكي. وبفضل تقدم الذكاء الاصطناعي، يمكن لروبوتات أن تحلل المعطيات وتقوم بعمليات تحكيم وتمرير أوامر شراء أو بيع أسهم، وهي مهمات كان يقوم بها الوسطاء من قبل. ونتيجة لذلك، ستزول نحو 30 في المائة من الوظائف في القطاع المصرفي بحلول 2025 في الولايات المتحدة، حسب تقديرات مجموعة "سيتي جروب". وقال ريتشارد بوف، "إن أجهزة الكمبيوتر تقوم بقتل الوسطاء والمحللين الماليين". وقرر مصرف جولدمان ساكس الذي بات يدرك أن عمليات الوساطة لن تدر أموالا كما كانت في الماضي وسيحتفل العام المقبل بمرور 150 عاما على تأسيسه، تنويع نشاطاته وتحسين صورتها عبر الانفتاح على الجمهور. وأطلق مصرف الأقوياء الذي ترمز مراهناته المالية ضد زبائنه في أغلب الأحيان، إلى طمع الوسطاء "ماركوس"، وهي منصة افتراضية تعرض تقديم قروض وتستقبل ودائع من أفراد ومن شركات صغيرة ومتوسطة. وهو يقوم بفتح فروع له في مدن متوسطة الحجم في الولايات المتحدة. وقال مارتي موسبي المحلل في مجموعة فاينينج سباركس، "إن "جولدمان ساكس" يريد أن ينطلق من جديد بصفحة بيضاء. إنه يريد التحرر مما فعله في السنوات الماضية وإظهار أنه يمكن أن يتطور".