الشمس تشرق على الاقتصاد الإبداعي في 2021 .. قطاع ناشئ قوي تعززه الرقمنة

الشمس تشرق على الاقتصاد الإبداعي في 2021 .. قطاع ناشئ قوي تعززه الرقمنة
معدل نمو صادرات الإقتصاد الإبداعي تجاوز نمو الصناعات الأخرى.

بعد عام من الإغلاق الناجم عن وباء كوفيد - 19 وظهور الاقتصاد الإبداعي بين أكثر فروع الاقتصاد تضررا، برز الوقت الأفضل لتثمين هذا الاقتصاد. هذا ما تقوم به الأمم المتحدة تماما وهي تحتفل بعام 2021 بوصفه السنة الدولية للاقتصاد الخلاق من أجل التنمية المستدامة.
مع إغلاق الجائحة مجالات تقليدية من الحياة، لجأ أغلب الناس إلى القيام بموهبة، وحرفة، وقراءة الكتب، ومشاهدة المسلسلات والأفلام أو الحفلات الموسيقية الرقمية، أو التسوق عبر الإنترنت. هؤلاء ساعدوا على الحفاظ على الاقتصاد الإبداعي، الذي نال أخيرا يومه الخاص به - أو على نحو أدق، "عام الاقتصاد الإبداعي في الشمس"، حسب تسمية الأمم المتحدة.
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، اعتمدت المنظمة الدولية قرارا أعلن عام 2021 "السنة الدولية للاقتصاد الإبداعي من أجل التنمية المستدامة". وقد دعمها 81 بلدا، وهو تأييد وصفته الأمم المتحدة بأنه "رنين لقطعة من الاقتصاد العالمي يساء فهمها وتفسيرها في كثير من الأحيان".

ما الاقتصاد الإبداعي؟

الاقتصاد الإبداعي ليس جديدا ولا هو رواية. إذا كنت تحصل على البث الخاص بك على الإنترنت أو شراء الأخبار الخاصة بك من موقع الأخبار، أو الاشتراك في خدمة بث الترفيه، أو الذهاب إلى السينما المحلية، وشراء الملابس أو الأثاث عبر الإنترنت، أو في مركز تجاري، وقراءة كتاب أو الاستماع إلى الموسيقى في حفلة موسيقية حية أو عبر الإنترنت، فإنك تستهلك منتجا إبداعيا أو خدمة.
الناس يتصورون ثم يرتبون وينظمون هذا العمل الإبداعي، أولا، قبل أن ينتجوه أو ينشروه بهدف الحصول على أموال. لا يختلف هذا النشاط، في الواقع، عن عمليات الإنتاج الأخرى، باستثناء أن المدخلات الرئيسة تنبع من الملكية الفكرية الأصلية أو القابلة لحقوق الطبع والنشر.
يغطي الاقتصاد الإبداعي الأنشطة الاقتصادية القائمة على المعرفة التي تقوم عليها "الصناعات الإبداعية". تشمل هذه: الإعلان، والعمارة، والفنون والحرف، والتصميم، والأزياء، والأفلام، والفيديو، والتصوير الفوتوغرافي، والموسيقى، والفنون الأدائية، والنشر، والبحث والتطوير، والبرمجيات، وألعاب الحاسوب، والنشر الإلكتروني، ونشاطات التلفزيون والإذاعة.

تضرر الصناعات الإبداعية من الوباء

تقول الأمم المتحدة إن كوفيد - 19 وجه ضربة رهيبة للصناعات الإبداعية، التي توظف أكثر من 30 مليون شخص على مستوى العالم، معظمهم من الشباب. في 2020، كلف إلغاء العروض العامة وحده المؤلفين ما يقرب من 30 في المائة من العوائد العالمية لحقوق الملكية الفكرية للأفراد، في حين خسرت صناعة السينما العالمية سبعة مليارات دولار من الإيرادات.
من خلال تتبعها التجارة في السلع والخدمات الإبداعية لما يقرب من 20 عاما، تقول "أونكتاد" إن معدل نمو صادرات الاقتصاد الإبداعي، تجاوز في كثير من الأحيان معدل نمو الصناعات الأخرى.
وتضيف، "لا توجد تقديرات جديدة للاقتصاد الإبداعي في 2020 حتى الآن، لكن بسبب كوفيد - 19، تبدو الآفاق قاتمة. من هنا تأتي الحاجة الملحة إلى تعزيز وحماية الصناعات الإبداعية التي تشكل الاقتصاد الإبداعي، ولا سيما في العقد الذي تركناه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. من دونها، من غير المرجح تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية وتمكين المرأة والأهداف الثقافية والأهداف الخاصة بتخفيف حدة الفقر".

العصر الذهبي

يمثل الاقتصاد الإبداعي نحو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقا لدراسة أجرتها شركة الخدمات المهنية "إيرنست آند يونك EY" في 2015. لكن تقديرات الأمم المتحدة أعلى من ذلك بكثير عندما تضاف القيمة الثقافية إلى مكاسبها التجارية.
في إندونيسيا، التي طرحت القرار على الجمعية العامة للأمم المتحدة، يسهم الاقتصاد الإبداعي بنسبة 7.4 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويوظف 14.3 في المائة من القوى العاملة في البلاد - من الحرف إلى الألعاب، والأزياء إلى الأثاث. لكن الأمم المتحدة تقول، إن الإمكانات غير المستغلة في الاقتصاد الإبداعي، ضخمة.
وفي بريطانيا، قدمت الصناعات الإبداعية مساهمة قياسية في الاقتصاد في 2017، حيث أسهمت في رفد خزائن البلاد بما لا يقل عن 101.5 مليار جنيه استرليني. وقد نمت هذه الصناعات بمعدل ضعف معدل نمو الاقتصاد تقريبا منذ 2010.
ويقول خبراء "أونكتاد"، إن الاقتصاد الإبداعي قطاع اقتصادي ناشئ قوي، تعززه الرقمنة والطفرة في الخدمات، وأسهم كوفيد - 19 في هذا التعزيز. يتوقع هؤلاء أن تنمو مساهمة الاقتصاد الإبداعي في الناتج المحلي الإجمالي بقوة، وإذا أمكن تسخير الاتجاهات الرئيسة لهذا الاقتصاد، "فقد نعيش في عالم أكثر إبداعا في المستقبل".

ما معنى قرار الأمم المتحدة والأنشطة الرئيسة

أنيطت "أونكتاد" بتنفيذ القرار، بوصفها وكالة رائدة تقود الاحتفالات السنوية، إلى جانب منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو"، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية "ويبو"، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "يونيدو"، ومنظمة التجارة العالمية، وغيرها من المنظمات الدولية الرئيسة.
وتعمل هذه المنظمات بشكل وثيق مع إندونيسيا والإمارات وعمان وأستراليا والصين والفلبين والهند، وغيرها، على تنفيذ الفعاليات الكبرى على مدار العام، وتبلغ ذروتها بعقد قمة في إندونيسيا في كانون الأول (ديسمبر) 2021.
خلال هذا العام، ستعمل البلدان والمنظمات معا على تعزيز جمع البيانات لقياس الاقتصاد الإبداعي. تقول، ماريسا هندرسون، رئيسة برنامج الاقتصاد الإبداعي في "أونكتاد"، "ستساعدنا البيانات المنتظمة والموثوقة والقابلة للمقارنة حول مساهمة الاقتصاد الإبداعي على فهم أفضل لمساهماته الاجتماعية والاقتصادية على جميع المستويات - العالمية والإقليمية والوطنية. ستعمل "أونكتاد" هذا العام مع خبراء من البلدان النامية والمتقدمة على تعزيز جمع البيانات عن السلع والخدمات الابتكارية.

دقة في الوقت المناسب

تقول إيزابيل دورانت نائبة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، إن "القرار جاء في الوقت المناسب. الصناعات الإبداعية حاسمة لجدول أعمال التنمية المستدامة. فهي تحفز الابتكار والتنويع، وتشكل عاملا مهما في قطاع الخدمات المزدهر، وتدعم ريادة الأعمال، وتسهم في التنوع الثقافي".
بينما تقول هندرسون، "عندما كان يجري التفاوض على قرار الأمم المتحدة والموافقة عليه، لم يكن لأحد أن يتوقع ما يمكن أن يحمله العام التالي: وباء شرس يحطم الوضع الراهن. "أدركنا أننا نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التفكير الإبداعي والابتكار وحل المشكلات. الصناعات الإبداعية، التي هي شريان الحياة للاقتصاد الإبداعي، هي في وضع تحتاج فيه إلى المساعدة الماسة".
ستجري الاحتفالات في عام الاقتصاد الإبداعي وفقا للأولويات الوطنية لكل بلد في عديد من مدن العالم، منها: أونكتاد في جنيف - حوار حول تنمية حجم تجارة الاقتصاد الإبداعي، من 19 كانون الثاني (يناير) إلى 25 من الشهر، وجامعة الفنون الإبداعية سري/ بريطانيا - حوار حول دور العالم الرقمي في تنمية الفنون، في سري من 15 إلى 21 آذار (مارس)، والإمارات وأونكتاد في أبو ظبي - قمة ثقافية بمشاركة عدة مؤسسات ومنظمات دولية، من السابع إلى 11 آذار (مارس).
كما يجرى احتفال المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية في جنيف - ندوات مستمرة حول حقوق الملكية الفكرية والاقتصاد الإبداعي، خلال أيار (مايو) وحزيران (يونيو)، وإندونيسيا وأونكتاد - المؤتمر العالمي الثاني للاقتصاد الإبداعي، في أيار (مايو)، في بالي/ إندونيسيا، وفي نيويورك - عدة ندوات دولية حول الاقتصاد الإبداعي، طوال أيار (مايو)، وتموز (يوليو) مع عقد اجتماع وزاري محتمل للاقتصاد الإبداعي على هامش الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول (سبتمبر).
وفي بربادوس منتدى الاقتصاد الإبداعي الـ15 لـ"أونكتاد" والمائدة المستديرة الوزارية، في تشرين الأول (أكتوبر). وأونكتاد في جنيف - اجتماع لجنة الخبراء الخاصة بشأن الاقتصاد الإبداعي والتنمية المستدامة في تشرين الأول (أكتوبر). وفي دبي - المؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإبداعي، في كانون الأول (ديسمبر). وفي أديس أبابا، جنيف، بانكوك - اجتماعات اللجان الاقتصادية الإقليمية "اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، واللجنة الاقتصادية لأوروبا، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا"، في كانون الأول (ديسمبر).

الأكثر قراءة