الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة انتقالية «2 من 2»

وسط توقعات النمو مفرطة التفاؤل، أنتجت أسواق الأسهم تقييمات كانت لتعد غير واقعية في أفضل الأوقات. في وقت يتسم بارتفاع التضخم، وإحكام السياسات النقدية، وتراجع توقعات النمو، بدأت الأسواق عملية تصحيح. وليس من المستغرب أن تسجل أسهم النمو، التي تستمد قيمتها من التدفقات النقدية المتوقعة في المستقبل، وتميل إلى التركز في قطاع التكنولوجيا، انخفاضا حادا بشكل خاص.
لا تعني تقلبات السوق هذه أن التحولات الرقمية والتحولات في مجال الطاقة والطب الحيوي الجارية الآن تفتقر إلى الجوهر، أو أنها لن تكون لها تأثيرات اقتصادية طويلة الأمد. تميل الأسواق بطبيعة الحال إلى كونها أكثر تقلبا من الواقع الاقتصادي الأساسي الذي يفترض أن تعكسه. وتتسبب حوافز القوة الدافعة في إحداث تجاوزات في كلا الاتجاهين.
ستكون لتقلبات السوق متزايدة الحدة عواقب مهمة في الأمد القريب، لأن تمويل رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة الذي يضطلع بدور بالغ الأهمية في دعم الشركات المبدعة التي تتمتع بإمكانات النمو القوي، ليس بمعزل عنها. أثناء فترات الصعود، تكون التقييمات سخية، ولا تستثنى من التمويل بعض الشركات التي تقدم مزاعم مشكوكا في صحتها بشأن ديناميكيات النمو الدائم. وفي أوقات الانكماش، تتأخر التقييمات الخاصة عن تعديلات السوق بنحو ستة إلى تسعة أشهر "تقدير الخبراء"، ويرجع هذا جزئيا إلى مقاومة المستثمرين والشركات تعديل التقييمات نزولا إلى أن تفرض القضية فرضا بسبب الحاجة إلى جمع رأسمال إضافي. "حتى الآن، تحض شركات النمو على خفض التكاليف والحفاظ على رأس المال". خلال هذه الفترة، كانت أسعار الصفقات غير متماشية مع القيم الواقعية الأطول أجلا، ما يجعل التمويل صعبا ويعوق النمو والإبداع.
سؤال أخير يبدو أنه يشغل العقول أخيرا هو ما إذا كانت الحرب في أوكرانيا، وعزم أوروبا على تقليل اعتمادها على النفط والغاز الروسيين، وأسعار الوقود الأحفوري التي ارتفعت إلى عنان السماء، قد تعرقل التحول نحو الاقتصاد المنخفض الكربون. ما يدعو إلى التفاؤل أن هناك من الأسباب الوجيهة ما يحملنا على الاعتقاد بأن هذا قد لا يحدث، على الأقل ليس بشكل دائم.
بادئ ذي بدء، توجد أسعار النفط المرتفعة حافزا قويا لدى الدول والمستهلكين لتعزيز كفاءة الطاقة والاستثمار في حلول الطاقة المستدامة.
ستخلف أسعار النفط المرتفعة تأثيرات سلبية في التوزيع داخل الدول وبينها، على نحو أشبه بتأثير الضريبة التراجعية. لكن هذه التأثيرات يمكن تخفيفها، وعلى النحو الأمثل من خلال شكل ما من أشكال إعادة توزيع الدخل. ما لا ينبغي للدول أن تفعل هو دعم النفط من خلال تنظيم الأسعار النهائية دون مستويات السوق، لأن هذا من شأنه أن يضعف الحافز لملاحقة خيارات أكثر استدامة. الواقع أن الحجة قوية لمصلحة تثبيت استقرار أسعار الطاقة لتشجيع الاستثمار في البدائل. لكن هذا لا يعني خفض القمم مع ترك القيعان على حالها.
تساعد العوامل الجيوسياسية أيضا على تعزيز حافز الطاقة النظيفة، لا توجد مصادر الطاقة المتجددة تبعيات خارجية في الأغلب الأعم. وهذا يعني أن التحول الأخضر يشكل آلية قوية لزيادة القدرة على الصمود والحد من الضعف في مواجهة استخدام إمدادات الطاقة كسلاح.
إن التحول الأخضر، في نهاية المطاف، عملية تستغرق عدة عقود من الزمن، وفي غضون ذلك سيتحول مزيج الطاقة تدريجيا إلى البدائل النظيفة. في الأمد القريب، قد تلجأ الاقتصادات خاصة الاقتصاد الأوروبي إلى أنواع الطاقة الأخرى، بما في ذلك الفحم، لتلبية احتياجاتها. لكن هذا لا يعني بالضرورة كارثة تهدد تحول الطاقة، فضلا عن أجندة الاستدامة العالمية.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي