السعودية وكوريا الجنوبية .. علاقات متينة أساسها الثقة
أكد الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، في كلمة له ضمن جلسات منتدى مستقبل الاستثمار، الذي أقيم في الرياض أخيرا، أن العلاقات المشتركة بين الأمة الكورية وأهالي شبه الجزيرة العربية بدأت منذ طريق الحرير قبل 1300 عام، مقدما بلاده على أنها الشريك الاستثماري والاقتصادي، وواصفها بالشريك الموثوق.
وفيما يتعلق بالمملكة، قال الرئيس الكوري الجنوبي: "إن السعودية أول من وثق بكوريا الجنوبية"، مشيرا إلى الدور الكبير الذي يقوم به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأثره في العلاقة بين البلدين.
كما شهد منتدى الاستثمار السعودي- الكوري، أخيرا، توقيع 52 مذكرة تفاهم بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في مجالات عدة، تشمل السيارات، والتطوير العقاري، وتحلية المياه، والطاقة المتجددة، والسياحة، وسلاسل الإمداد، والتكنولوجيا وغيرها، ويشمل جدول أعمال المنتدى جلسات على المستوى الوزاري وجلسات عامة، إضافة إلى الاجتماعات الثنائية.
وخلال الزيارة، شهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الكوري الجنوبي، توقيع عديد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، وبلغ حجم الاتفاقات الموقعة نحو 15.6 مليار دولار.
وضمت الاتفاقيات إبرام مشروع مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية بين حكومة السعودية وحكومة كوريا، كما تم توقيع مبادرة واحة الهيدروجين للتعاون في مجال الهيدروجين الأخضر والنظيف.
وجرى خلال جلسة المباحثات الرسمية استعراض العلاقات الثنائية بين السعودية وكوريا، والجهود التنسيقية المشتركة لتعزيز أوجه التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وبحث فرص استثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين بما يحقق المصالح المشتركة، إلى جانب بحث المستجدات الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك والجهود المبذولة بشأنها.
وكذلك، أبرم الجانبان اتفاقية بين حكومة السعودية وحكومة كوريا بشأن الإعفاء المتبادل من متطلبات تأشيرة الإقامة القصيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والرسمية.
كما تم الاتفاق على تنفيذ برنامج تعاون إحصائي مشترك بين الهيئة العامة للإحصاء في المملكة وهيئة الإحصاء الكورية، إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للغذاء والدواء في المملكة ووزارة سلامة الغذاء والدواء في كوريا الجنوبية للتعاون في مجالات الغذاء والمنتجات الطبية.
تمتد العلاقات بين السعودية وكوريا الجنوبية لأكثر من 60 عاما، وزادت أهميتها مع تأسيس اللجنة السعودية- الكورية المشتركة قبل نحو أربعة عقود، لتعزيز العلاقات والمصالح بين البلدين، فيما تشهد العلاقة الثنائية تطورا مستمرا.
وسبق أن وقعت شركة النفط الكورية الجنوبية وشركة أرامكو السعودية معاهدة لتخزين النفط، وإنشاء احتياطي مشترك من الخام يبلغ 5.3 مليون برميل، كما تم توقيع اتفاقية بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة هونداي موتور الكورية لمشروع تصنيع السيارات في المملكة.
الشراكة السعودية- الكورية الجنوبية، دفعت نحو تعزيز العلاقات بشكل أوسع منذ قمة قادة مجموعة الـ20 في الصين عام 2016. وكذلك ترسخت العلاقة أكثر في 2017.
نقطة التحول الكبرى كانت مع إطلاق "الرؤية السعودية- الكورية 2030"، التي مثلت نقطة تحول مهمة، لتأسيس مرحلة شراكة أكبر في قطاعات استراتيجية منها النقل والطاقة والاتصالات.
وشملت الرؤية السعودية- الكورية أكثر من 40 مشروعا ومبادرة مبدئية، حيث تعد كوريا واحدة من ثماني دول تتعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030، كما تم إنشاء صندوق مشترك للشركات الناشئة بقيمة 160 مليون دولار، يهدف إلى دعم الاستثمار المتبادل بين البلدين.
فيما يتعلق بملف التبادل التجاري، تعد كوريا الجنوبية شريكا تجاريا رئيسا للمملكة، حيث قامت بتصدير منتجات بقيمة 3.48 مليار دولار إلى المملكة في 2021.
وبلغ حجم صادرات النفط الخام معدل 18.5 مليار دولار، و1.68 مليار دولار من البترول المكرر، 0.36 مليار دولار كعام غير معاد التدوير، خلال الـ26 عاما الماضية.
كما زادت صادرات المملكة إلى كوريا الجنوبية بمعدل سنوي قدره 6 في المائة، من 4.73 مليار دولار في 1995 إلى 21.5 مليار دولار في 2021.
أما على الجهة الأخرى من ضفة الصادرات الكورية الجنوبية إلى المملكة، التي تمثلت بـ0.95 مليار دولار لقطاع السيارات، و0.12 مليار دولار لقطاع الحديد، و0.12 مليار دولار من الإطارات المطاطية، وخلال الـ26 عاما الماضية، زادت صادرات كوريا الجنوبية إلى المملكة بمعدل سنوي قدره 3.9 في المائة، من 1.29 مليار دولار في 1995 إلى 3.48 مليار دولار في 2021.
يقدر حجم اتفاقيات السعودية مع كوريا الجنوبية بنحو 30 مليار دولار، خلال زيارة ولي العهد، إلى سيئول، منها: مشروع "مجمع نيوم فيتا"، بين سامسونج للتجارة والهندسة مع PIF لبناء عشرة آلاف وحدة سكنية.
وكذلك اتفاقية بين هونداي روتيم مع هيئة السكك الحديدية السعودية على التعاون بما يخص مشروع السكك الحديدية في نيوم، وكذلك مشروع للهيدروجين الأخضر في نيوم بين مؤسسة الكهرباء الكورية وأكوا باور بـ13 مليار دولار.
كما شهدت زيارة ولي العهد إلى كوريا الجنوبية في 2022، توقيع خمسة عقود بين الشركات الكورية ووزارة الاستثمار السعودية، إضافة إلى توقيع 17 عقدا بين المؤسسات الكورية والسعودية.
وكذلك تم توقيع ثلاثة عقود بين شركة "إس-أويل" التابعة لأرامكو وشركات للإنشاءات المحلية، وتعد أرامكو المساهم الأكبر في شركة "إس-أويل"، إذ تمتلك أكثر من 63 في المائة من أسهم المجمع من خلال شركة "أرامكو لما وراء البحار" (بي في) التابعة لها.
فيما أبرمت اتفاقيات عدة للمشاريع المتعلقة بمشروع "مدينة نيوم الذكية"، وتوقيع اتفاقية مشروع "شاهين" أكبر استثمار أجنبي في كوريا الجنوبية بـ26 مليار ريال.
ويبلغ عدد الاستثمارات الكورية في السعودية 132 استثمارا، بإجمالي رأسمال يتجاوز ثلاثة مليارات دولار، وتتركز في قطاعات التعدين والمحاجر، والكهرباء والغاز والبخار وتكييف الهواء، والنقل والتخزين، والصناعة التحويلية، والتشييد.
ومن أبرز الاستثمارات الكورية الجنوبية شركة سامسونج العربية السعودية، وشركة دي أل السعودية، والعالمية للصناعات البحرية، ورابغ للكهرباء، والعالية للبوليمرات، والسعودية لأنابيب الصلب.