نمو اقتصادي حقيقي مستدام حتى الربع الثالث 2024

تمكن الاقتصاد الوطني الحقيقي مع نهاية الربع الثالث من العام الجاري، من تحقيق أول نمو إيجابي منذ نهاية الربع الثاني من 2023 بمعدلٍ وصل إلى 2.8 %، مدفوعا بالنمو الحقيقي للقطاع غير النفطي بـ 4.0 %، إضافة إلى تلاشي ضغوط التباطؤ الذي لازم القطاع النفطي منذ نهاية الربع الأول من 2023، ليسجل بدوره نموا حقيقيا بـ 0.1 % ما أسهم في مجمله من دفع الاقتصاد الكلي نحو وتيرة النمو الجيدة، وقد شكل القطاع الخاص القوة الدافعة الكبرى وسط القطاع غير النفطي بنموه بمعدل حقيقي وصل إلى 4.3 % خلال الفترة نفسها، والذي يعد ثاني أسرع نمو للقطاع خلال عام ونصف العام الماضي، مستفيدا بدوره من ارتفاع مستويات السيولة المحلية الناتجة عن الإنفاق الحكومي المرتفع على الاقتصاد المحلي، إضافة إلى تصاعد مستويات الإنفاق الاستهلاكي الخاص، الذي سجل بدوره أعلى معدل نمو حقيقي منذ مطلع العام الجاري بـ 3.9 % (5.9 % بالأسعار الجارية)، وكان من إيجابياته على القطاع تحفيزه لوتيرة نمو الوظائف وإسهامه في خفض معدل البطالة بين المواطنين إلى أدنى مستوى تاريخي له عند 7.1 % بحلول منتصف العام الجاري.

جاءت هذه التطورات الإيجابية للاقتصاد الوطني خلال الفترة الراهنة، على الرغم من ضبابية المشهد المخيمة على أغلب اتجاهات الاقتصاد العالمي، التي نتج أغلبها عن السياسات المتشددة للبنوك المركزية العالمية في مواجهة التضخم العالمي الأكثر ارتفاعا خلال 4 عقود مضت، إضافة إلى اتساع دائرة الاضطرابات الجيوسياسية في عديد من مناطق العالم، وما تركته من آثار سلبية على سلاسل الإمدادات والتجارة العالمية، التي تأثرت أيضا بارتفاع وتيرة الحروب التجارية بين أغلب أقطاب الاقتصاد العالمي.

وقد نجح الاقتصاد الوطني في النأي بمقدراته إلى حد بعيد عن أغلب تلك الآثار العكسية التي يعانيها الاقتصاد العالمي، وتمكن من مواصلة نموه المستدام، وتحديدا في جانب قطاعه غير النفطي، واحتفظ على الرغم من تلك التحديات باستقراره المالي المنشود، بإقراره ميزانية حكومية محفزة لأغلب نشاطات الاقتصاد الوطني، وبمستوى عجز مالي لم يتجاوز 2.8 % بنهاية العام الجاري، إضافة إلى الدور التنموي الإيجابي الذي يقوم به صندوق الاستثمارات العامة، واستمرار تدفقات الاستثمار الأجنبي لجاذبية بيئة الأعمال المحلية، ما أسهم في مجموعه في تحقيق مزيد من متانة الأداء الاقتصادي محليا، ودفع بمحركات النمو المستدام، والقدرة على توليد الوظائف في أنشطة الاقتصاد الوطني المختلفة، التي كان من أبرز نتائجها تراجع معدل البطالة بين المواطنين إلى أدنى مستوى تاريخي له، ويتوقع مع تسارع معدلات التوطين في سوق العمل المحلية أن يستمر المعدل في التراجع بمشيئة الله تعالى.

ختاما، يحتفظ الاقتصاد الوطني بفرص واعدة، دفعت أغلب الهيئات والمؤسسات الدولية إلى رفع توقعات نموه، ورفع تقييمات ملائمته المالية، واقتران كل ذلك بمستويات متدنية جدا للتضخم تعد الأدنى ضمن مجموعة دول العشرين، إضافة إلى تمتعه بأدنى نسبةٍ من الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بما لا يتجاوز 28 % خلال الفترة الراهنة، وتوقعات استمرار ذلك طوال العامين المقبلين على أقل تقدير، واقترانه باحتفاظ المالية العامّة بمستويات ممتازة من الاحتياطيات المالية، التي تدعم استقرار الاقتصاد الوطني والعملة الوطنية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي