أحزان الورقة والقلم !
تعاني شريحة كبيرة من الأطفال والشباب في المراحل التعليمية المختلفة بسبب مشكلات تتعلق بالكتابة وسوء الخطّ، وهذه المشكلة جوهرية إذا ما قسّمنا العملية التعليمية إلى جزئين رئيسين : القراءة والكتابة.
هذا الخلل يسمى اصطلاحاً (الديسغرافيا ) ويمكن أن تدلّ عليه عدة مؤشرات منها الأخطاء الإملائية وصعوبة الحفاظ على تنسيق كتابيّ ثابت. كالاحتفاظ بمسافات صحيحة بين الحروف والكلمات ، واستخدام السطور على الورقة للكتابة باستقامة.
الديسغرافيا عائق أمام المعلّم والطالب في ذات الوقت، فالمعلم بلا كتابة واضحة لا يمكنه تقييم تجربة التحصيل الدراسي لدى الطالب. والطالب بتأخره الدراسي عن بقية زملائه سيعاني العزلة والانفصال.
أسباب المشكلة قد لا تكون عضوية أو عقلية دائماً فقد تكون ناتجة من الثقافة المحيطة بالطفل ، مثل عدم الاهتمام باللغة الصحيحة واستخدامها معه كإحلال اللهجات المحلية التي تقلب الحروف وهذا يحصل في بعض الدول وليس جميعها.
أو بسبب إهمال القراءة سواء تلك المرتبطة بالتعلم أو الترفيه ويقع على الوالدين مسؤولية ملاحظة ذلك، فالقراءة بالتأكيد أفضل مصحح إملائي وكتابيّ يحظى به التلميذ خلال مقارنته بينها وبين ما يخط قلمه.
من جهة أخرى, تأتي الثقافة الإلكترونية الحديثة كمغيّب إجباري للورقة والقلم ، ففي حياتنا اليومية أصبحنا نستعيض عنهما بالنسخ التي توفرها أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة والألعاب.
يكتفي الإنسان باستخدام الأزرار لتنفيذ أوامر يقوم بها الجهاز، أو تسجيل معلوماته وبياناته بواسطة لوحة المفاتيح دون الحاجة لخطّها بالقلم.
وهكذا وعلى مرّ الزمن تفقد الأيدي مرونتها المعهودة في الكتابة، وبمجرد الاضطرار للكتابة سيشهد المرء فرقاً كبيراً وتغيراً ملحوظا في خطه ومحافظته على توازنه على الورقة.
أيضاً التلاميذ في المراحل المبكرة من المدرسة تكون خبرتهم بالألعاب الإلكترونية أكثر تطورا من خبرتهم في الورقة والقلم وأيديهم الصغيرة تشكلت على قبضة اللعبة.
وما إن يحاولون استخدام القلم بمساحته الضئيلة حتى يعانون مشكلات عضوية قد تثير فيهم الملل واليأس من تعلم الكتابة بشكل صحيح.