دعوة لمنح العاملات في المناصب الإدارية والقيادية صلاحيات أوسع في صنع القرار

دعوة لمنح العاملات في المناصب الإدارية والقيادية صلاحيات أوسع في صنع القرار

نادى عدد من المتخصصات في الإدارة بضرورة تعديل الأنظمة واللوائح المتعلقة بعمل المرأة في المناصب القيادية والإدارية، لمنح المرأة التي تحتل منصبا قياديا في الدوائر والأقسام النسائية صلاحيات أكبر في مختلف القطاعات لتتمكن من تأدية دورها بالشكل المطلوب, خاصة فيما يتعلق بصنع القرار.
وأجمعت المتخصصات على أن غالبية تلك الدوائر تحولت إلى جهات تنفيذية فقط بفعل استئثار الأقسام الرجالية بصنع القرار ووضع الخطط والاستراتيجيات, مشيرين إلى أن تغيير المسؤولات وانضمام كفاءات جديدة للعمل لا يضيف أي شيء يذكر ولا يساعد على التطوير طالما ظل دور المرأة مهمشاً ولم تشرك فعلياً في صنع القرارات الإدارية.
وحول هذا الموضوع تقول بسمة السيوفي عضو الجمعية السعودية للإدارة "إن هنالك أسباب متعددة لهذا التهميش الحاصل للمرأة منها اعتقاد الرجل أن المرأة دون المستوى المطلوب للقيام بمهامها الإدارية والقيادية كما أسهمت ثقافة المجتمع بشكل كبير في تعميق هذه الفكرة، وزادت" فنحن لا نطالب بتفعيل دور المرأة في المناصب القيادية لمجرد أننا نريد الزج بها في كل مكان, ولكن أصبح تعطيل النصف الأنثوي في المجتمع شيئاً واضحاً لا بد من المبادرة لتعديله وإنصاف المرأة" وتضيف" إن أحد أهم الأسباب كذلك المركزية التي تعاني منها معظم الدوائر الحكومية".
وتؤكد السيوفي أن عزل المرأة عن المشاركة في صنع قرار يخصها ويعنى بشؤونها, وهي أكثر علماً بمتطلباتها, يؤدي إلى المزيد من التخبط والعشوائية وضياع النتائج نظراً لهلامية الأهداف, مما يعيدنا إلى النقطة نفسها على الدائرة ونستمر في حلقة مفرغة دون تحقيق أي تقدم يذكر.

بينما ترى الدكتورة هيفاء الدخيل أستاذة الإدارة والوكيلة السابقة لكلية العلوم الإدارية في جامعة الملك سعود أنه لا يوجد تهميش لدور المرأة في اتخاذ القرارات, إنما يوجد عدم توازن بين مسؤولية المنصب الوظيفي وصلاحية اتخاذ القرار سواء كان صاحب المنصب رجلا أو امرأة, وهذا ما يسبب تأخيرا في حل المشاكل الإدارية وتعطيل في الإنتاجية الوظيفية.
وهنا تقول الدكتورة مي العيسى عميدة في جامعة الملك سعود سابقاً" إن المرأة مغيبة بشكل كبير فيما يتعلق باتخاذ القرارات فمثلاً المرأة لا تحضر جلسات مجلس القسم ولا مجلس الكلية والجامعة, لذا فهي بعيدة تماما عن اتخاذ القرار, يقتصر دورها على بعض الأعمال الروتينية فعلى سبيل المثال مسألة التعيين يقتصر دور القسم النسائي على مقابلة المتقدمات للوظائف, ومن ثم إرسال النتائج للرجال وبعد ذلك يكون بيدهم اتخاذ القرار النهائي, موضحة أن تهميش المرأة وإبعادها عن محور اتخاذ القرار يسبب الإحباط تتسلم منصبا قياديا ولا تستطيع تنفيذ أي من الخطط التطويرية التي وضعتها لتحسين العمل".
وتضيف الدكتورة مي أن هذه الظاهرة حولت الأقسام النسائية لمجرد جهات تنفيذية وهذا ينطبق على معظم الأقسام النسائية في الدوائر الحكومية.
أما الأميرة فهدة بنت بندر بن محمد سيدة أعمال ورئيسة المجلس التنفيذي في الغرفة التجارية سابقاً فتقول " إن المرأة في مؤسساتنا الحكومية وبعض القطاعات الأهلية مازالت تواجه بعض العقبات فيما يتعلق باتخاذ القرارات, وهذه الظاهرة مشاهدة بشكل كبير يلمسها كل من يتعامل مع الأقسام النسائية, فعلى سبيل المثال لو نظرنا لوضع الأقسام النسائية في البنوك نجد أن الإدارات النسائية لا تستطيع إنهاء بعض الإجراءات دون الرجوع لقسم الرجال ما عدا الإجراءات الروتينية البسيطة كالإيداع أو التحويل, ما دفع الكثير من سيدات الأعمال إلى التعامل مباشرة مع الأقسام الرجالية تلافياً لطول الإجراءات وإهدار الوقت, مشيرة إلى أن هذه الظاهرة جعلت الأقسام النسائية تغلب عليها التقليدية والروتينية فلا نجد أي تطوير أو تحسين في سير العمل في تلك الأقسام, وتضيف "المرأة لها متطلبات لا يفهمها الرجل والهدف من وجود الأقسام النسائية هو تلبية هذه المتطلبات ولكن وفقاً للوضع القائم حالياً نجد أن الرجل يتخذ معظم القرارات التي تخص المرأة دون الرجوع إليها ما جعل من المرأة جهة تنفيذية فقط.
بينما تخالفهم الدكتورة إلهام الناصر رئيسة قسم التقنيات ومحاضرة في معهد الإدارة العامة,حيث تقول في بعض الأحيان هنالك قرارات تتخذ دون الرجوع للمرأة إلا أن ذلك لا يرجع سببه إلى تهميش متعمد للمرأة إنما يعود كون المرأة في قسم مستقل بعيد عن مواقع اتخاذ القرار, فمن خلال التجربة وجدت أن المرأة تستطيع أن تتخذ قرارات حاسمة تتعلق بإداراتها إذا كان هذا القرار في مصلحة العمل ولا يتنافى مع الأنظمة والقوانين.

جانب من المسؤولية يقع على المرأة

وهنا توضح الأميرة فهدة أن هنالك جزءا كبيرا لنشأة هذه الظاهرة يقع على عاتق المرأة, حيث ترى أنه على كل امرأة تتسلم منصبا في أي دائرة حكومية أو مؤسسة أن تصر على الحصول على كافة الصلاحيات التي يتطلبها المنصب بحيث تتمكن من اتخاذ القرارات التي تخدم مصلحة العمل وتكون كذلك وفقاً للأنظمة والقوانين.

إعادة النظر في الأنظمة والقوانين

تؤكد الدكتورة هيفاء أن الهياكل التنظيمية الحالية تحتاج إلى إعادة نظر لكي تتوازن المعادلة بين المنصب الوظيفي والصلاحية الرسمية, وإذا تحقق ذلك سوف نتلافى كثيرا من المشاكل مثل تجاوز الصلاحية الوظيفية أو الإحباط بسبب أن الوظيفة أصبحت مجرد تنفيذ للأوامر ولتعليمات فقط.
وتؤيدها السيوفي فتقول "نحتاج إلى سن أنظمة تنظم عمل المرأة بشكل ييسر اندماجها في منظومة المجتمع كما أننا في حاجة ملحة للتوعية بأهمية الدور الذي تلعبه المرأة في ظل تمسكها بدينها وعقيدتها وأن يعي الرجل في القطاعين الحكومي والخاص هذه الأهمية فيسهم في إشراك المرأة في العمل واتخاذ القرار, ومن ثم يأتي دور التشريعات والقوانين التي تحمي حقوق المرأة.

تثقيف المرأة في مجال الإدارة

تقول الدخيل لكي نواكب التطورات في العمل الإداري بشكل عام وعملية اتخاذ القرار بشكل خاص, يجب أن نعمل على تحسين مهارات اتخاذ القرار من خلال حضور المؤتمرات والندوات وقراءة الأبحاث وتعلم من الخبرات السابقة.
فيما دعت السيوفي إلى تبني برامج لتدريب وتطوير الحس القيادي لدى المرأة السعودية, تعمل على توعية المرأة وتعريفها بما لها وما عليها خصوصاً في مجال الوظيفة, يسندها في ذلك الأنظمة والتشريعات التي تتوافق مع الواقع ولا تتعارض مع ثوابتنا وعقيدتنا.

وضع المرأة في تحسن

وهنا تقول الدكتورة هيفاء " في الوقت الحالي يجب أن تلعب المرأة دورا فعالا في إعداد وتنفيذ خطط التنمية في المملكة, أنا متفائلة وذلك بسب وجود إرادة صادقة وحماس لتحسين وتطوير العمل الإداري بشكل عام, ولكن لا يزال هناك مجال كبير لتحسين وتطوير الثقافة التنظيمية في جميع المنظمات, كما نحتاج إلى دعم المسؤولين في تعديل الهياكل التنظيمية لتعادل بين مسؤولية المنصب الوظيفي وصلاحية اتخاذ القرار".
كما ترى الأميرة فهدة وضع المرأة الحالي أفضل من السابق وتقول"لكن مازال أمامنا الكثير من العقبات التي نحتاج إلى التخلص منها, ولكني متفائلة جداً بأن القادم سيكون أفضل بالنسبة لوضع المرأة في مجال العمل وصنع القرار".
وتؤيدها السيوفي فتقول "إن وضع المرأة في السنوات الخمس الماضية تحسن بشكل ملحوظ, فنهاك المزيد من المشاركة والفاعلية حيث أثبتت المرأة جدارتها على الصعيدين المحلي والدولي.

الأكثر قراءة