شركاء الحكومة الجدد
كما تمتلئ مدرجات الملاعب بهم مناصرين لفريق ومشجعين لآخر، يتوافد الشباب السعودي إلى ميادين العمل الخيري والتطوعي مصطحبين معهم رغبات متجددة في التغيير، واهتمام متزايد بشؤون المجتمع، غير مكتفين هذه المرة بدور المتفرج، بل هم يصوبون أنظارهم نحو أرض الملعب، باحثين عن أدوار رئيسة كلاعبين في تشكيلة الفريق الأول! وما تنامي الفرق التطوعية الشبابية من الجنسين، والسرعة المذهلة في تشكلها وتحول الأفكار إلى مشاريع ثم إلى نتائج في ظاهرة لافتة للنظر لم يشهدها تاريخ المجتمع السعودي المحفوظ إلا علامة واضحة على الدور الذي يبحث عنه الشباب في الحياة العامة.
وفي استطلاع أجراه أخيرا فريق من جامعة ستانفورد الأمريكية على عدد من المجتمعات العربية ومنها السعودية، أشارت النتائج إلى أن واحداً من كل أربعة شباب منخرطين حالياً في عمل تطوعي. ويؤكد الاستطلاع ما يشير إليه متخصصون كثر من أن الشباب العربي غدا أكثر اهتماماً بشؤون مجتمعاتهم من كبار السن.
حسناً .. ماذا يعني هذا؟
هذا يعني الكثير، ففي مجتمع يمثل الشباب فيه نصفه تقريباً، وفي ظل توافر شبكات اجتماعية تقنية تنقل حاجات المجتمع وهمومه وأحداثه أولا بأول فإن الرغبة الشبابية في المشاركة الاجتماعية سوف تنمو بسرعة تتجاوز التقديرات، وتتنوع بصورة تتخطى الاهتمامات التقليدية للمتطوعين السابقين.
وبغض النظر عن وجهة نظرنا تجاه الربيع العربي، فإن تاريخ العرب الحديث انقسم إلى حقبتين: ما قبل الربيع وما بعده، وأبرز ملامح حقبة ما بعد الربيع العربي هي رغبة ـ لا تخطئها عين المراقب ـ من قبل الشباب العربي في مشاركة حقيقية في الحياة العامة، والشباب السعودي لن يكون استثناء من ذلك. ولأن الشباب رقم صعب في التوزيع الديمغرافي للمجتمع السعودي، فإن التحدي الكبير يتمثل في قدرة الحكومة على مواكبة هذا التحول في رغبة الشباب وتطلعاته.
إن الأنظمة القديمة للعمل الخيري والتطوعي إن وجدت (لا يوجد نظام شامل للعمل التطوعي في السعودية حتى الآن) التي أطرت تطوع الجيل السابق، وأعمالهم الخيرية لن تفي بحاجات جيل الشباب الحالي، ولن تواكب سرعة وتنوع رغباته المتجددة في مشاركة فاعلة في الحياة العامة من خلال عمل خيري أو مشروع تطوعي. وإذا لم تبادر الحكومة بتجديد وتحديث أنظمتها المتعلقة بالعمل الخيري والتطوعي، فإن المتوقع أن نخسر شريكا قويا ومخلصا يمتلك الكثير من الموارد المالية والوقتية والمهارية التي يمكن توظيفها في مسيرة التنمية والرفاه الاجتماعي.