التسعيرات الجديدة لوثيقة التأمين .. حرب قادمة بين الشركات
توقع مختصون ومحللون تأمينيون أن تراوح أسعار التأمين الالزامي للمركبات بين 550 ريالا و700 ريال، مشيرين إلى أن إلزام مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' بتطبيق التسعيرات الجديدة اعتبارا من أمس، تماشيا مع التقرير الإحصائي ''الإكتواري''، سيوجد حرب أسعار لدى الكثير من شركات التأمين، كما أن ارتفاع الأسعار سيشعل حربا داخلية في أروقة بعض الشركات وتحديدا بين إدارة المبيعات والإدارة الفنية المعنية بتقييم الأخطار وتحليلها.
واعتبروا أن الوضع "غير واضح"، ودللوا على ذلك بتطبيق زيادة الأسعار فيما يخص التأمين الشامل، متسائلين عن تطبيق الأسعار الجديدة هل سيشمل العملاء الجدد أم العملاء الحاليين؟ وإذا طبق على العملاء الحاليين، فكيف سيطبق؟ وهل ستكون الزيادة على الجميع أم على كل عميل على حدة بحسب معدل الخسائر للسنوات الماضية؟ مطالبين بقرارات واضحة ومعقولة وملزمة للجميع، إضافة إلى آلية تطبيق زيادة تتسم بالشفافية للجميع ولمصلحة العملاء وشركات التأمين.
وبدأت أمس، شركات التأمين السعودية تطبيق التسعيرات الجديدة لوثيقة التأمين الإلزامي على السيارات، لتصبح ملزمة وسارية المفعول، تماشياً مع تعليمات مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" التي دعت شركات التأمين إلى تزويدها بالتقارير الإكتوراية الخاصة بوضع الأسعار حسب المعايير الفنية والعلمية والمبنية على معلومات وتقارير تعكس حالة السوق وتغييراته.
#2#
وقال نصر محمود أبو عبيد عضو مجلس الإدارة التنفيذي المدير العام للشركة العالمية المتحدة المحدودة: "أعتقد أن جميع الشركات ستلتزم بالتسعيرات الجديدة لوثيقة التأمين الإلزامي على السيارات في الأول من نيسان (أبريل)، فهي ملزمة حسب نص قرار مؤسسة النقد العربي السعودي بحسب التقرير الإحصائي "الإكتواري" لكل شركة على حدة بحسب ما يقرر لها الخبير الإكتواري، مستدركا: "التسعيرات الجديدة ليست للتأمين الإلزامي فقط إنما تنطبق أيضاً على أسعار التأمين الشامل التي ستشهد ارتفاعا ملحوظاً في الفترة القادمة، ولا أعتقد أنه سيكون هناك أي التفاف على ما يقرره الخبير "الإكتوراي" وإلا أصبحت الشركة عرضة للعقوبات بحسب اللائحة التنفيذية لشركات التأمين".
وأضاف: "في اعتقادي أن الوضع غير واضح حتى الآن فيما يتعلق بتطبيق زيادة الأسعار فيما يخص التأمين الشامل على وجه الخصوص فهل تطبيق الأسعار الجديدة على العملاء الجدد أم على العملاء الحاليين لشركات التأمين؟"، متسائلا: "وإذا طبق على العملاء الحاليين فكيف سيطبق؟ هل ستكون الزيادة على الجميع أم سيطبق على كل عميل على حدة بحسب معدل الخسائر للسنوات الماضية؟".
وطالب أبو عبيد بأن تكون هناك قرارات واضحة ومعقولة وملزمة للجميع وآلية تطبيق الزيادة فيها من الشفافية لمصلحة جمهور العملاء وشركات التأمين، كاشفا أن مؤسسة النقد العربي السعودي منذ فترة حددت نسبة عمولات الوسطاء والوكلاء، ولقد انعكس هذا التخفيض على نتائج دخل شركات الوساطة والوكلاء حيث انخفض دخل الشركات بأكثر من 35 في المائة وهذا ما أدخل أغلب الشركات في مواقف صعبة في ظل ارتفاع تكلفة أداء العمل ليصل إلى العملاء بطريقة جيدة وبحسب أصول المهنة.
وأشار إلى أنه تمت مناقشة هذا التأثير ضمن اللجنة التنفيذية لشركات وساطة التأمين، وتم الرفع لمؤسسة النقد العربي السعودي بمرئيات اللجنة، ومدى تأثير هذا التخفيض في نتائج أعمال شركات الوساطة والوكلاء، آملا أن تكون هناك إعادة نظر من قبل مؤسسة النقد لما واجهته الشركات نتيجة لهذا التخفيض.
ونفى حدوث تلاعب من قبل شركات التأمين وخاصة حول تحديد خصومات متفق عليها ضمنياً بين العملاء و شركات التأمين تعدل عند تجديد الوثائق، وقال: "لن يجرؤ أحد على الإقدام على مثل هذه الخطوة، وأعتقد أن قرارات مؤسسة النقد العربي السعودي واضحة بهذا الخصوص"، لافتا إلى وجود رقابة صارمة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي سواء على شركات التأمين أو الوسطاء أو الوكلاء، ومن يخالف ذلك سيكون عرضة لتطبيق اللوائح والإجراءات المنصوص عليها في نظام التأمين التعاوني.
إلى ذلك، أكد عماد الحسيني العضو المنتدب لشركة الوسطاء السعوديين أن تطبيق التسعيرات الجديدة لوثيقة التأمين الإلزامي على السيارات جاءت لتعالج بعض الأخطاء في التسعيرات السارية وذلك للحد من شدة التنافس بين شركات التأمين، علماً بأن التسعيرات الإكتوراية عادة تطبق للأفراد والشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة فقط لأن الشركات الكبيرة يتم التسعير لها بموجب معدل الخسارة للسنوات السابقة.
أما بالنسبة للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة فتأخذ تسعيرات الإكتواري على أنه يجب أن يراعى سجل الحوادث والمخالفات التي تمت على الوثيقة عند التجديد.
واشار إلى أن الهدف من التسعيرات هو رفع الأسعار وتحديد المبلغ الأدنى الذي يمكن لشركة التأمين اكتتاب الخطر به، وهذا القسط يأخذ في الحسبان المصروفات الإدارية التي تحتاج إليها الشركة لإدارة المحفظة التأمينية، وتعتبر العمولة التي تدفع للوسطاء قسما من المصروفات الإدارية ولذلك يجب ألا يكون هناك تخفيض للعمولة حيث إن الوسيط يقوم بعمل يقلل من مصروفات شركات التأمين لإدارة المحفظة.
ولذلك لا أرى سبباً يحث شركات التأمين على تخفيض العمولة التي حددت سابقاً من مؤسسة النقد العربي السعودي والتي هي بالكاد تكفي لتغطية مصروفات الوسيط.
وحول تقديم خصومات متفق عليها ضمنيا بين العملاء وشركات التأمين تٌعدل عند تجديد الوثائق، أوضح الحسيني أن اتفاق الخصومات الضمني بين العملاء وشركات التأمين لا يمكن الأخذ به لأن شركات التأمين التي ستقوم بذلك تكون قد قامت بعمل غير أخلاقي وهو ما يخالف مبادئ التأمين الأساسية من حيث الصدق ومبدأ منتهى حسن النية، إضافة إلى أن ذلك سيعرضها للمساءلة القانونية من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، ولكن يمكن لشركة التأمين اعتماد مبدأ تخفيض القسط المبني على معدل الخسارة، ويمكن إعطاء خصم عند التجديد للمؤمن الذي يكون سجله خاليا من الحوادث والمخالفات وذلك لتشجيع المؤمن على الانتباه واتباع تعليمات إدارة المرور التي تحث دائماً على مبدأ القيادة الآمنة.
#3#
من جهته، توقع سليمان بن معيوف الخبير التأميني بحسب التقارير الإكتوارية أن أسعار التأمين الإلزامي للمركبات ستلامس في المتوسط 550 ريالا، وستكون أسعار بعض الشركات فوق 700 ريال، مما سيخلق حرب أسعار للكثير من شركات التأمين.
وأكد أن ارتفاع الأسعار سيشعل حربا داخلية في أروقة بعض الشركات بين إدارة المبيعات والإدارة الفنية المعنية بتقييم وتحليل الأخطار، مشيرا إلى أن إدارة المبيعات في شركات التأمين ستعمل المستحيل من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من حصة السوق وجمع أكبر قدر من الأقساط التأمينية متناسية أو متجاهلة معدلات الخسارة التي قد تفوق حجم أقساط التأمين.
#4#
وقال: "أما الإدارات الفنية فسيكون عليها دور كبير في محاولة تطبيق الاعتبارات الاكتتابية وحساب القسط العادل وخفض معدلات الخسارة لتكون مربحة أو على الأقل مرضية في سبيل إقناع معيدي التأمين بالنتائج المالية لتجديد اتفاقيات إعادة التأمين"، مشيرا إلى أن من نتائج تطبيق الأسعار الجديدة الإيجابية خروج بعض شركات التأمين من المنافسة على منتج التأمين الإلزامي على المركبات وخصوصاً تلك الشركات التي لا تطبق الاعتبارات الاكتتابية الفنية وتنافس بأسعار بعيدة كل البعد عن الواقع، كما أن بعض الشركات ستقوم بتقديم خدمات تحسينية على منتجها لغرض استهداف العملاء وجذبهم.
وأضاف ابن معيوف أن العديد من شركات التأمين ووسطاء التأمين ستحاول الالتفاف على تطبيق تعليمات تطبيق الأسعار الجديدة من خلال التلاعب بمعدلات الخسارة الفعلية للوثائق، وذلك بالإفصاح عن أرقام غير صحيحة، أو تعليق المطالبات وعدم دفعها كيلا تظهر في معدل الخسارة، ومن ثم تقديم خصومات للعملاء عند تجديد الوثائق.
وتوقع أن تذهب بعض الشركات إلى أبعد من ذلك من خلال المبالغة في تقدير التعويضات كاستقطاع من قيمة القسط الأصلي، وهذا يعتبر بمثابة خصم خاص واستثنائي (ضمني غير قانوني) يتم الاتفاق عليه مسبقا بين العميل وشركة التأمين كمحاولة لتفادي عدم تطبيق الأسعار الجديدة.
واعتبر ابن معيوف دور مؤسسة النقد العربي السعودي كمشرع للتأمين في إلزام الشركات بتطبيق الأسعار الجديدة إيجابياً، وقال: "لكن يجب على مؤسسة النقد استكمال دورها بمراقبة شركات التأمين في تنفيذ التعليمات على أرض الواقع من خلال تطبيق الإجراءات الجزائية والقانونية على كل من يخالف التعليمات فرداً كان أو شركة"، مطالبا بوجود فرق عمل ميدانية من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي لمراقبة الشركات ضرورة ملحة حتى يتم تطوير وتحسن السوق.