صندوق النقد يستبعد تسجيل عجز قريب للميزانية السعودية
استبعد مين تشو، نائب رئيس صندوق النقد الدولي، إمكانية أن تسجل السعودية عجزا في ميزانياتها، سواء في العام الجاري أو الأعوام القليلة المقبلة، وتوقع أن يبلغ فائض ميزانية المملكة 9.6 في المائة و8.6 في المائة من الناتج المحلي في 2013م و2014م، وهي معدلات اعتبرها جيدة.
جاء هذا ردا على سؤال "الاقتصادية"، في مؤتمر صحافي، ضمن فعاليات مؤتمر اقتصاديات الشرق الأوسط. وقال تشو: إن اقتصاد السعودية قوي، وسيستمر بفوائض جيدة في السنوات القليلة المقبلة.
وأكد أن وعي الحكومة السعودية بالمتغيرات الدولية والجيوسياسية في المنطقة، وتطبيقها العديد من الإصلاحات، "لن يؤثر في ميزانيتها في السنوات القليلة المقبلة، وستبقى تحقق فوائض".
وقدّرت الحكومة السعودية ميزانية توسعية لعام 2013م، بإيرادات تبلغ 829 مليار ريال، ومصروفات 820 مليار ريال، وتوقعت تحقيق فائض بحدود تسعة مليارات ريال.
وحققت الميزانية السعودية فائضا بحدود 386.5 مليار ريال في 2012م، وتوقعت تحقيق فائض بحدود تسعة مليارات ريال في 2013م، لتتجاوز بذلك فوائضها خلال العقد الأخير حاجز تريليوني ريال.
وكان صندوق النقد قد ذكر في تقرير صدر أخيرا، أن الدول العربية المُصدِّرة للنفط "لا تدخر مبالغ كافية من عائدات ثروتها النفطية"، وأنها قد "تعاني عجزا في الميزانية"، في بداية عام 2016م؛ إذا لم تتغير السياسات الحالية.
تجدر الإشارة إلى أن الإنفاق الحكومي السعودي في ميزانية عام 2012م، قد بلغ نحو 853 مليار ريال، لتبلغ بذلك نفقاتها في آخر عشر سنوات (2004م - 2013م)، نحو 5.76 تريليون ريال.
وبحسب التقرير، يتوقع الصندوق أن ينمو الإنفاق في دول مجلس التعاون بدرجة أكبر في السنوات المقبلة، وتنبأ بزيادة تتجاوز 4 في المائة سنويا في المتوسط، في الفترة من 2013م إلى 2018م، مقارنة بزيادة 15 في المائة على مدى العقد الماضي.
وفى ظل المؤشرات الحالية، يرى الصندوق أن القيود على الإنفاق "غير كافية للحيلولة دون أن تعاني ميزانيات هذه الدول عجزا"، والبحرين هي الدولة الوحيدة ضمن دول الخليج العربية الست التي تعاني عجزا حاليا، ويُتوقع أن تعاني عُمان منه أيضا في 2015م، ثم السعودية في 2018م.
وأضاف التقرير أنه إلى جانب النمو السريع للإنفاق، "فالإيرادات مُهدّدة جرّاء انخفاض أسعار الخام، وتراجع الطلب العالمي على نفط الدول العربية"، ويقول الصندوق إن أخطر تهديد للإيرادات هو "احتمال حدوث تخمة معروض في سوق النفط العالمية".
وقال: إن معظم الدول العربية المُصدِّرة للنفط، تحتاج حاليا إلى سعر يتجاوز 90 دولارا للبرميل، لتفادي حدوث عجز في الميزانية عند مستويات الإنتاج الحالية.
وبالعودة إلى حديث تشو في المؤتمر الصحافي، قال إن معدل نمو الاقتصاد السعودي تباطأ من 5.1 في المائة في 2012م إلى 3.6 في المائة في العام الجاري، مع تراجع إنتاج النفط، لكنه توقع أن يبلغ نموه 4.4 في المائة في العام المقبل، مع زيادة الإنتاج السعودي من النفط.
وكانت السعودية قد سجّلت أكبر إنتاج نفطي في تاريخها، بضخ ما يقارب من 3.5 مليار برميل في العام الماضي 2012م، بزيادة قدرها نحو 200 مليون برميل، وبنسبة بلغت 4.3 في المائة عن مستوياتها الإنتاجية في عام 2011م.
وبلغ متوسط إنتاج السعودية من النفط يوميا في 2012م، نحو 9.8 مليون برميل.
وخفضت السعودية إنتاجها من النفط بنسبة كبيرة، بعد أن ظل عند مستويات قياسية بلغت نحو عشرة ملايين برميل يوميا، على مدى ثلاثة أشهر، تعويضا عن انخفاض إنتاج ليبيا.
وبحسب تقارير، خفضت السعودية إنتاجها إلى 9.75 مليون برميل يوميا في تشرين الأول (أكتوبر)، من 10.1 مليون برميل يوميا في أيلول (سبتمبر)، و10.19 مليون برميل يوميا في آب (أغسطس). وتوقعت تقارير متخصصة تراجع إنتاج السعودية من النفط العام الجاري إلى 9.5 مليون برميل يوميا.
وقال إن متوسط معدل التضخم في السعودية خلال العام الجاري يبلغ 3.6 في المائة، وهو معدل معقول وتحت السيطرة.
يشار إلى أن معدل التضخم في السعودية قد تراجع إلى 3 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) وفقا لسنة الأساس 2007؛ ليسجل أدنى مستوى في 13 شهرا، وفقا لما أظهرته بيانات لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية.
وذكر تشو أن هناك تحديات في السعودية، وهي نسبة نمو السكان المرتفعة 30 في المائة وهم من فئة الشباب، وهذا يتطلب توفير فرص عمل كبيرة، مما يضاعف العبء على القطاع الخاص ليتيح مزيدا من فرص العمل، ما يتطلب تعزيز ودعم القطاع الخاص ليكون أقوى على خلق الفرص ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية، كما يجب التوسع في تمويل القطاع ليزيد من حجم استثماراته.
ولفت إلى أنه يجب على السعودية التركيز أكثر على تطوير التعليم ليواكب متطلبات القطاع الخاص، إضافة إلى تعزيز الاستثمارات المحلية لمواجهة النقص في الاستثمارات الأجنبية نتيجة الظروف الاقتصادية الدولية المعروفة، وهناك الكثير من الفرص الاستثمارية والموارد في المنطقة والمطلوب استراتيجيات جديدة تدعم دور القطاع الخاص.
وقال إن الصندوق يتطلع إلى مساهمة أكبر من القطاع غير النفطي في السعودية، في الناتج المحلي الإجمالي حتى يقل تأثير قطاع النفط. وذكر أن متوسط نمو القطاع غير النفطي السنوي خلال الفترة من 2001م إلى 2013م، قد بلغ 6.6 في المائة، وهو نمو مشجع.
وذكر أن الاقتصاد الصيني يحتاج إلى توازن بين الاستثمارات والاستهلاك، حيث الاستثمارات تشكل 47 في المائة من الاقتصاد، وهذا معدل مرتفع جدا، وتحتاج لخفضه بنسبة 10 في المائة إلى فترة من خمس إلى ثماني سنوات ليصل إلى 37 في المائة.
وقال تشو إن الاقتصاد الصيني يؤثر بقوة في اقتصادات العالم، فتراجع الاستثمارات به بنسبة 1 في المائة يؤثر بنسبة 0.35 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي في السعودية، و0.2 في المائة في أستراليا، و0.1 في المائة في ماليزيا، و0.4 في المائة في تشيلي.
وعن الدول العربية التي يطلق عليها "دول الربيع العربي"، قال تشو إنها في مرحلة تحول وتحتاج لاستقرار اقتصادي وسياسي لتحقيق التنمية الاقتصادية. وأكد أن التنمية المستدامة وخلق الوظائف تبقى أهم التحديات أمام دول المنطقة.