لأول مرة .. القطاع الخاص يتجاوز نمو «الحكومي» و «النفطي»
قال الدكتور محمد الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط، "إن سبب الموازنة في تقديرات حجم الإيرادات والإنفاق، في ميزانية المملكة الجديدة، أن السعودية دولة محافظة في تقديراتها، ولا تميل للدخول في مجازفات".
وأضاف الجاسر، أن "قراءة أسعار البترول في العالم من أصعب القراءات، وتعد أصعب أيضا من قراءة أحوال الطقس"؛ لذا فإن وزارتي "البترول" و"المالية" عند إقرارهما تقديرات حجم الإيرادات في ميزانية 2014م، المقدرة بـ 855 مليار ريال، أسوة بحجم الإنفاق المتوقع؛ قد درستا جميع التغيرات الحاصلة، أو التي يمكن أن تحصل في أسواق النفط.
وتابع: "تأتي تلك التقديرات، مضافة إليها الإيرادات غير النفطية للسعودية، وهي راعت أيضا الاحتياجات الإنفاقية للبرنامج التنموي للمملكة"، مضيفا أن الأرقام المعلنة "حصيفة، وقد تميل إلى الحذر".
وأرجع أسباب الحذر في التقديرات، إلى أن السعودية "من المعروف عنها دوما، أنها محافظة وحصيفة حيال اتخاذ القرارات"، وقال: "الاقتصاد السعودي قوي بنفسه، ومن مصادر قوته أنه محافظ، ويتلافى الدخول في مجازفات".
وأوضح، أن نمو القطاع الخاص في السعودية، يتجاوز نمو القطاعين الحكومي والبترولي، وهو ما يعكس خطط الحكومة، الهادفة لقيام القطاع الخاص بدور أكبر.
#2#
وأضاف الجاسر: "للمرة الأولى، يتجاوز دخل القطاع الخاص حاجز تريليون ريال، كما إن القدرة الاستيعابية للاقتصاد السعودي نمت بشكل كبير، فيما وصلت مُعدّلات التضخم إلى مستويات منخفضة، عند ٣.١ في المائة، في الشهر الأخير من العام الجاري".
وعن حجم الدَّين السعودي، وما يقابله من زيادة في مُعدّلات الإنفاق في الميزانية بشكل سنوي، قال: "حجم الدَّين انخفض إلى مستوى متدن جدا، وهذا دليل على السياسة الحصيفة للمملكة، وأعتقد أن السعودية لا تنظر عند إقرار ميزانيتها، إلى التوسع في الإنفاق أو الانكماش، لكنها تنظر إلى احتياجات تنموية وطموحات للاقتصاد السعودي ترغب في تحقيقها".
وشدّد على أن الميزانية تنموية، وأن الدولة لم تنظر إليها على أنها "ميزانية توسعية أو انكماشية"، بقدر ما هي ميزانية لتلبية الاحتياجات الموضوعية للتنمية في السعودية، وقال: "المشاريع التي أعلن عنها في الميزانية، تعكس احتياجا فعليا بالنسبة للمواطن، وبالنسبة للاقتصاد السعودي".
وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط، أن الميزانية التي جاءت متزامنة مع العام الأخير لخطة التنمية التاسعة، تتضمن عديدا من المؤشرات الإيجابية، الدالة على متانة اقتصاد المملكة، وحصافة السياسات التي يدار بها.
وقال: "يؤكد هذا فاعلية النهج التنموي، الذي تتبناه حكومة المملكة، الذي يهدف لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، ترتقي بمستويات المعيشة، ونوعية الحياة للمواطنين، وتستند إلى هيكل اقتصادي متنوع، ودور فاعل للقطاع الخاص، وكفاءة متنامية في استخدام الموارد الاقتصادية، ترتقي بالإنتاجية وتعزز تنافسية المنتجات الوطنية".
ونوه، في تصريح صحافي أمس، بالمؤشرات التي حققها الاقتصاد السعودي، حيث سجّل الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري مُعدّل نمو حقيقي قدره 3.8 في المائة، القطاع الخاص 5.5 في المائة، والإقراض المصرفي 16 في المائة؛ موضحا أن هذا دفع نمو القطاع غير النفطي، الذي حقق بدوره مُعدّل نمو حقيقي بلغ 5.1 في المائة.
وأشار إلى تسجيل الرقم القياسي لتكاليف المعيشة، وهو أهم مؤشرات المستوى العام للأسعار، ارتفاعا طفيفا في العام الجاري، بلغت نسبته 3.35 في المائة، عما كان عليه في العام الماضي.
وواصل مُعدّل البطالة انخفاضه، نتيجة زيادة التوظيف، حيث تضاعف عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص، من 723.9 ألف مواطن إلى 1.447.246 مواطنا ومواطنة في عام 1434هـ.
وأشار الجاسر، إلى أن الميزانية ستعطي قوة دفع إضافية للأداء الاقتصادي والتنمية الاجتماعية في السعودية، بما تتضمنه من برامج ومشاريع خدمية وإنمائية جديدة، بلغت تكاليفها الإجمالية 248 مليار ريال، سيكون لها مردود واضح على مؤشرات النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.
وقال: "أولت الميزانية اهتماما خاصا بتنمية الموارد البشرية، من خلال تخصيص نسبة كبيرة من الإنفاق على التوسع الكمي والتطوير النوعي، للخدمات التعليمية والتدريبية والخدمات الاجتماعية والصحية، كما اهتمت بتوسيع وتطوير خدمات البنية التحتية والتقنية والخدمات البلدية، وخدمات المياه والصرف الصحي والكهرباء؛ إسهاما في نشر ثمار التنمية في جميع مناطق المملكة".
ووصف اقتصاد المملكة بـ "المزدهر والمبشر"، لما يزخر به الوطن من إمكانات ضخمة، موضحا أن بناء المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، يتطلب تضافر جهود القطاعين الحكومي والخاص في إطار من الشراكة والتفاعل.
وشدّد على أهمية مبادرة القطاع الخاص، لتنفيذ مشاريع ريادية، قادرة على إحداث تحولات واسعة وعميقة في بيئة الإنتاج وهيكلية الاقتصاد الوطني وكفاءة تشغيل قوة العمل الوطنية.
وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط، في ختام تصريحه، أن "التحدي الأكبر" أمام الجميع، هو تمثل توجيهات خادم الحرمين الشريفين، في الحرص على حسن وكفاءة تنفيذ ما احتوته الميزانية من برامج ومشاريع إنمائية، تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطن وتحقيق رفاهيته؛ وأن هذا يتطلب استنهاض قدرات الجهات الحكومية، لتنفيذ ما يخصها من برامج ومشاريع بكفاءة عالية وفي أوقاتها المحددة.