الإعلام الدولي ينبهر من مرونة انتقال الحكم في السعودية

الإعلام الدولي ينبهر من مرونة انتقال الحكم في السعودية

في الليلة الظلماء، إقليميا، افتقدت السعودية والخليج والأمتان العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، بدرا في سماء المنطقة، هو الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، سادس ملوك الدولة السعودية الثالثة، فكان عزاؤها بزوغ بدر جديد هو الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ليحمل الشعلة والمنار على هدي الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن وأبنائه من الملوك الراحلين، سعود وفيصل وخالد وفهد وأخيرا، الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
الصحافة العالمية، لم يكن لها من شغل شاغل، منذ إعلان النبأ الفاجع، سوى التركيز على هذا الرحيل، تخوفا من الفراغ، لكن هيهات، فقد جاءت قرارات البيعة للملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على نهج والده وإخوانه الملوك الراحلين، واضعة كل نقطة فوق حرفها الصحيح، لتقطع الشك باليقين. لقد أثبتت القرارات المباشرة للملك سلمان بن عبدالعزيز، مؤسسية الحكم في البلد، والالتزام التام بالتقاليد الموروثة في الانتقال السلمي السلس لمقاليد تولي العرش في البلاد، إذ لم يكتف بمنح الولاية لولي العهد، بل حسم ولاية ولي ولي العهد للأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ليتولى منصب الرجل الثالث في نظام الحكم.
السلاسة في انتقال الحكم سمة سعودية بارزة، وبها ضربت مثالا يُحتذى به، كما هي عادتها في سلاسة انتقال الحكم بين أفراد الأسرة الحاكمة، هي المسألة التي اتفقت عليها معظم الصحف العالمية. نبدأ الجولة هنا بالصحافة الفرنسية.
صحيفة ليبراسيون (يسارية - ليبرالية) أشارت إلى تولي سلمان بن عبد العزيز الحكم بعد رحيل أخيه، وتولي أخيه الأمير مقرن بن عبدالعزيز الأصغر سنا بين أبناء الملك عبدالعزيز، ولي العهد، وهو الذي كان يتولى منصب الرجل الثالث في البلاد، منذ تعيين الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز له، في منصب ولي ولي العهد في آذار (مارس) الماضي. أما لو فيغارو (اليمينية المحافظة) فعنونت مقالا حول الملك السعودي الراحل، "استراتيجية التوازن لدى الملك عبدالله". وترى الصحيفة أنه أجاد الجمع بين تقاليد الحكم والإصلاح، وأنه أحدث تغييرات لمصلحة مجتمع متعطش للإصلاح، كما بذل كل الوسائل لاحتواء التهديد الإيراني.
وتواصل الصحيفة أن الملك عبدالله بالرغم من توليه الحكم سنة 2005 إلا أنه كان في الحقيقة يمارس مهام الملك منذ أن تعرض أخوه العاهل السعودي الأسبق فهد بن عبدالعزيز لسكتة دماغية.
الملك عبد الله اتبع سياسة حصيفة للوقوف أمام التحديات التي واجهتها السعودية خلال فترة حكمه، وهي سياسة وضعت مصلحة البلاد فوق كل اعتبار؛ كما تقول الصحيفة.
وفي الصحافة الأمريكية، قالت "نيويورك تايمز" (المحافظة المعتدلة)، إن وفاة الملك عبدالله جاءت على إثر التهاب رئوي أدخله المستشفى في الواحد والثلاثين من كانون الأول (ديسمبر) المنصرم، وأشارت إلى أن وفاته جاءت في وقت يحتدم فيه الصراع الإقليمي وتغرق فيه المنطقة في الأزمات، في شبه قوس يمتد من العراق إلى سورية ولبنان، ويقفز من هنالك إلى اليمن، واضعا منطقة الخليج على مشارف فوهة برميل من البراكين.
واستطردت "نيويورك تايمز" قائلة، إن الملك عبدالله قوة فطنة أعادت تشكيل السعودية، وقد اكتسب سمعة باعتباره إصلاحيا حصيفا، وهي الصفة التي دخل بها التاريخ، في الحياة ومن بعد الرحيل.
وأضافت الصحيفة أن عهد الملك عبدالله كان جهدا مستمرا لتحقيق التوازن بين التقاليد الاجتماعية ومتطلبات العالم الحديث، بما يعنيه ذلك من مهام وتحديات الفترات الانتقالية من نظم راسخة إلى آخر أكثر استجابة للغة العصر. ومن جانبها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" اليومية الاقتصادية اليمينية المحافظة، إن الملك عبدالله قائد شجع الاستقرار في مواجهة الحركات التي أثارت الاضطراب في العالم العربي.
وأوضحت الصحيفة أن الملك عبدالله حصّن السعودية بعزلها القوى المثيرة للقلاقل في الشرق الأوسط، بانتصاره لقيم الاستقرار والاستمرار بالإصلاح.
وأضافت أن الملك عبدالله صب تركيزه في سنواته الأخيرة، على التهديدات الأمنية الداخلية والخارجية التي تواجه وطنا شاهده وهو ينمو ليصبح عملاقا للنفط ومركزا للتوازنات السياسية والاقتصادية والروحية في المنطقة.
أما مجلة "فورين بولسي" وهي من الدوريات المرجعية في العلاقات الدولية والشؤون السياسية، فرأت أن وفاة الملك عبدالله تأتي في وقت حساس للمملكة الغنية بالنفط، التي تعاني تأثير تراجع أسعار النفط محليا، وتواجه تهديدات متطرفي "داعش"، وتزايد تأثير وانتشار عملاء إيران عبر الشرق الأوسط، حيث يتولى وكلاؤها أدوارا قوية بشكل متزايد في العراق ولبنان وسورية، وأخيرا في اليمن.
من هنا فقد أشارت المجلة إلى أن أول تحديات الملك سلمان تكمن في مواجهة الأزمة في اليمن، التي أطاح المتمردون الحوثيون بحكومتها.
وتعتقد المجلة أن انخفاض أسعار النفط يمثل تحديين للملك سلمان، الأول أن المملكة كانت لعقود تعزز استقرارها الداخلي من خلال نظام رعاية اجتماعية سخي، يقدم للمواطنين رعاية صحية وتعليما ومزايا أخرى مجانا من الخدمات المتزايدة، ومن ثم سيصير الأمر أكثر صعوبة مع بقاء أسعار النفط على هذا النحو المتدني.
والثاني أن السعودية استخدمت نفطها لبناء جيش قوي مزود بأحدث الأسلحة الأمريكية، لكنها تواجه تحديات "داعش" في العراق وسورية على حدودها الشمالية.
وأضافت المجلة أن نشوب حرب طائفية في اليمن سيعزز قوة القاعدة، ويزودها بالمزيد من المجندين من بين اليمنيين السنة الساخطين الذين يرون في صعود الحوثيين تهديدا وجوديا، علاوة على ما يمثله من تهديد إقليمي مزدوج للسعودية، من الحوثيين ومن القاعدة.
أما مجلة تايم (الأسبوعية المعتدلة) فتناولت في تقريرها وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مشيرة إلى أنه توفي تاركا خلفه ما تبدو خطة جيدة يأمل المحللون الأمريكيون في أن تضمن استمرار العلاقات المستقرة بين واشنطن والدولة الغنية بالنفط، التي تقع في معظم شبه الجزيرة العربية
وترى المجلة أن هذا الانتقال السلس للحكم في السعودية قد أسهم في تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم، ومبايعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليا للعهد. وتعد المجلة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الرهان الإصلاحي المهم في بنية الحكم والمجتمع في البلاد.
وجاء في المجلة كذلك، أن الملك سلمان بن عبدالعزيز هو الابن الخامس والعشرون من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، وهو من أكثر أركان العائلة المالكة السعودية أهمية منذ عقود، إذ هو أمين سر الأسرة الحاكمة ومجلسها والمستشار الشخصي لمعظم إخوانه من الملوك الراحلين.

الأكثر قراءة