الملك الراحل .. تاريخ حافل بالمبادرات العربية والدولية
يسطر التاريخ صفحات حافلة من المواقف العربية والدولية للملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال فترة حكمه التي امتدت لنحو عشر سنوات، حيث شهدت الرياض حراكا سياسيا خلال فترة حكمه، حيث قاد عديدا من المبادرات والمصالحات لإيجاد توافق بين دول وقوى في المنطقة لبسط السلام والاستقرار في أقطار كثيرة في المنطقة وغيرها، وكان آخر المبادرات هي المصالحة التي قادها بين مصر وقطر لرأب الصدع العربي وإيجاد نوع من التوافق العربي العربي في ظل التحديات التي تواجه المنطقة العربية.
وقد بدأت مبادرات الملك عبدالله مبكرة عندما أطلق مبادرة السلام العربية، عندما كان وليا للعهد خلال القمة العربية في بيروت عام 2002، وتقضي بإنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل. وكان من أبرز بنود تلك المبادرة العربية التي قادها الملك عبدالله عدة سنوات: يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا، الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من حزيران (يونيو) في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية. وعندئذ تقوم الدول العربية بما يلي: اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة، إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل، ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة، يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلى قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنا للدماء، يدعو المجلس المجتمع الدولي بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة، يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تأكيد دعمها على المستويات كافة.
وكان من أبرز مبادراته، مبادرة للحوار بين أتباع الأديان السماوية (الإسلام، واليهودية، والمسيحية)، التي أطلقها في 14 آذار (مارس) 2008، أي بعد أقل من خمسة أشهر على زيارته التاريخية للفاتيكان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، ليكون أول ملك سعودي يزور هذا المكان المقدس لدى المسيحيين الكاثوليك في العالم. ومن بين مصالحاته كان توقيع معاهدة الصلح بين أطراف القيادات العراقية (سنة وشيعة) في تشرين الأول (أكتوبر) 2006 في لقاء تركز على محاولة جمع شتات هذه القيادات لتوحيد الصف ونبذ الخلافات الطائفية والسياسية. أما في شباط (فبراير) 2007، رعى الملك عبدالله اجتماع الفصائل الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في لقاء لمواجهة الاقتتال الفلسطيني الداخلي.
#2#
وفي عام 2014، بعد أسابيع قليلة من انتهاء أطول وأعمق وأكبر خلاف تشهده دول مجلس التعاون الخليجي في تاريخه، استمر أكثر من ثمانية أشهر، بمبادرة من الملك عبدالله. وبدأ الخلاف في الخامس من آذار (مارس) الماضي بإعلان السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر، وانتهى في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بإعلان الدول الثلاث عودة سفرائها مجددا خلال اجتماع خليجي تم في الرياض برعاية ملك السعودية. وفي 20 كانون الأول (ديسمبر)، أعلن الديوان الملكي السعودي أن قطر ومصر استجابتا لمبادرة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز "للإصلاح" بينهما، و"توطيد العلاقات بينهما وتوحيد الكلمة وإزالة ما يدعو إلى إثارة النزاع والشقاق بينهما".