تحدي النظام

قرأت في مكان ما أن مجموعة أصحاب المطاعم التي أغلقتها أمانة محافظة جدة، لأسباب مختلفة قرروا أن يرفعوا دعاوى قضائية ضد الأمانة، بسبب مظلوميتهم وتأثير العقوبات في سمعتهم.
أعترف بأنني من أوائل من شجعوا مبادرة محافظة جدة للحفاظ على أرواح المواطنين. كما أعترف بأنني لا أزال أرى أن الأمانة على حق رغم الشكوى والتباكي الذي ظهر على ورق الصحف وأذاب الرصاص الذي تكتب به حروفها.
لكنني أعترف كذلك بأن "كل دقة بتعليمة"، ومن هنا يجب أن يتعلم طرفا القضية الفاعلان وهما الأمانة والتجار ما يخلصهما من المقاضاة والإغلاق. أما التجار فأمرهم هين وعليهم أولا أن يكونوا على رأس عمالتهم، وفي مطابخ مطاعمهم بدل السياحة في الداخل والخارج، وتوقع أن تكون عمالتهم على أعلى مستويات النظافة والاهتمام والعناية.
سوء حال المطابخ في مطاعمنا وفنادقنا معلومة لا يستطيع أحد أن ينكرها. بل إنني أذكر أنني في الأسبوع الماضي كنت ضيفا في أحد فنادق العاصمة، تتجاوز تكلفة الطبق فيه 300 ريال، وفي أثناء المرور على بوفيه السلطات، دعاني ابني لأشم رائحة إحدى السلطات التي كانت تفوح بالعفن.
هذه حال الكبار، فما حال الصغار! هنا من المناسب أن أذكر أن قوائم الطعام تخلو من أي معلومة صحية تتعلق بالمنتج الذي يقدمه المطعم. فبينما نجد المطاعم في دول العالم تفصل لك أنواع الزيوت التي تستخدمها ومصادر المواد التي تطبخها، بل حتى كمية السعرات الحرارية في كل وجبة تتناولها، تجد القوائم عندنا تتجمل بذكريات الزوار السابقين، ولا توفر أي معلومة عما ستأكل، برغم الأسعار المرتفعة.
أما قضية اختيار المواد التي ترغبها وهي لا تزال خارج المطبخ، فتلك موجودة ولكنها محدودة ببعض المواد وبعض المطاعم فقط. كما أن التعليمات التي تقضي بأن تكون منطقة الطهي مفتوحة لمن يريد أن يطلع عليها، لم تزل بعيدة كل البعد عن التنفيذ خصوصا في المطاعم الشهيرة والأكثر غلاء.
للأمانة ــ لا شك ــ من اسمها النصيب الأكبر، وهي مدعوة من قبل الجميع لجهد مستمر وكشف متواصل لعوامل الضرر الموجودة في مطاعمنا. وعليها في سبيل المحافظة على نفسها وموظفيها من المقاضاة والفساد والاستقصاد، أن تصور جميع عمليات الإغلاق وتوثيق الأسباب صوتا وصورة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي