لوحة الحياة في عالم الحيوان

في هذا العالم المتنوع، تظهر ألوان الحيوانات كلوحة فنية وعلمية تروي قصصا مدهشة وتوضح تنوعا مذهلا واستراتيجيات بيئية فريدة تبين قدرة الكائنات الحية على التكيف والبقاء. تفتح لنا هذه الألوان نافذة إلى عالم مذهل يستحق الاكتشاف والتأمل.
ألم تدر في خلدك تلك الأسئلة الملحة لماذا تتنوع ألوان الحيوانات بين الأسود والبني والأبيض والرمادي، لماذا يبدو حمار الوحش مخططا والنمر مرقطا، والأسماك زاهية الألوان ولامعة؟
هذا ما شغل بال هوبي هوكسترا عالمة الأحياء والتطور أعواما عديدة في محاولة لفهم كيفية تحكم الجينات في تلون فراء الثدييات، ما جعل بعض زملائها الباحثين في علم الأسماك والطيور يسخرون منها، لم يوقفها ذلك واستمرت تبحث عن كيف يظهر اللون الرمادي البني الباهت على الأرانب الأوروبية، والظباء، مقارنة باللون الأزرق البراق على طائر رفراف النهر، واللون البرتقالي الزاهي على أسماك المهرج، وكذلك فإن اللون الأبيض للخدين في حيوان الهامستر، أو البقع التي تبدو على النمر وروعة ألوان الطاووس، أو سمكة بيتا، أو طائر الجنة!
رغم كل هذا الجمال والتنوع إلا أن لوحة الألوان في الثدييات فقيرة إلى حد ما، فلا يوجد فيها لون أخضر، ولا أزرق، ويكاد لا يوجد الأحمر. فقط نجد قليلا أو كثيرا من المزج بين بعض الظلال صفراء أو برتقالية اللون بشكل باهت ورتيب.
يعزى السبب في ذلك إلى أن الثدييات كانت تظهر خلال الليل، حيث الألوان غير مرئية وبالتالي فقدت الثدييات القدرة على التمييز بين الأحمر والأخضر والأزرق، لذا فشلت في جذب وإبهار الشريك، لأنه لا يرى ألوانها الزاهية لإصابته بعمى الألوان!
مع تطور الحياة وتغيراتها بدأ لون الحيوانات الثديية يبهت ويقل تنوعها وانحصرت في ألوان محددة، ما سهل على العلماء دراستها وتحديد لون جلودها من خلال نوع واحد فقط من الخلايا يسمى الخلايا الصبغية التي بدورها تنتج نوعين من الأصباغ وهما: الأويميلانين، وهو المسؤول عن اللون الأسود، والفيوميلانين الأصفر البرتقالي.
وقد لعبت عالمة الأحياء هوكسترا من جامعة هارفارد دورا رئيسا في توضيح الآليات التي تحدد أيا من هاتين الصبغتين تنتجه الخلية. وبقي سؤالان رئيسان، ظلا بلا إجابة فترة طويلة: كيف ترسم الطبيعة هذه النقاط، والخطوط، وغيرها من أنماط الألوان؟
وتمكن ريكاردو مالارينو، زميل هوكسترا أن يتعرف على الجين الذي يتحكم في الخطوط والأنماط ويحدد بالضبط متى تتشكل من خلال التجارب التي أجراها علـى فئران العشب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي