أهمية التغذية للبراعم والناشئين
يعاني أغلب الناشئين مشكلة الجفاف والإصابات التي تنتج عن نقص بعض المواد الخاصة بتغذية العضلات ودون مراعاة للاعبين في مرحلة المراهقة الذين يحتاجون إلى تناول كميات من السعرات الحرارية أكثر من غيرهم، وذلك ليس بزيادة كمية الطعام في الوجبة، بل بزيادة عدد الوجبات، فلقد أثبتت الدراسات أن البرمجة الصحيحة للتغذية تكون من خلال زيادة عدد الوجبات لا زيادة كمية الوجبة، وبالطبع يتأثر النمو والأداء في حال عدم استهلاك كمية كافية من الطاقة.
لقد استعرضنا في مقالات سابقة أهمية انتقاء الإداريين والفنيين الذين يعملون في قطاعات الناشئين، واليوم نتعرض لموضوع آخر لا يقل أهمية عن كل ذلك، وهو من الأشياء التي نهملها ولا نهتم بها في عالمنا العربي، على الرغم من أنها تشكل عاملًا أساسيًا في بناء جسم الإنسان الرياضي بحيث يجب أن تتواكب التنمية البدنية والفنية والفكرية والنفسية مع التنمية الغذائية حتى تكتمل العناصر المكونة لإنسان رياضي متكامل في تكوينه البدني والفني، والتغذية علم يشرح علاقة الطعام مع نشاطات الكائنات الحية، فالطعام والشراب يمدان الإنسان بالطاقة لكل عمل يؤديه، والطعام يزود الإنسان بالمواد التي يحتاج إليها من أجل بناء جسمه وإصلاح أنسجته، ولكي ينظم عمل أعضائه وأجهزته.
وباعتبار أن البنية الجسدية هي العملية والخطوة الأولى للإعداد السليم للاعب الناشئ في كرة القدم وأساس تطوره المهاري والخططي والفني النفسي؛ لذا لا بد أن نبحث عن الطرق السليمة لبناء هذا اللاعب بشكل صحيح، فلا بد أن يعي الجميع شدة حاجة أجسام البراعم والناشئين إلى التغذية؛ لأنها تعوضهم عن المجهود الهائل الذي يطلب منهم أن يؤدوه خلال تدريباتهم ومبارياتهم؛ لأن الجهد العضلي الذي يبذلونه يتطلب منهم تطبيق أنظمة غذائية على أسس علمية، وتزداد هذه الأنظمة دقة وأهمية في مراحل إعداد الناشئين وقبل موعد بدء المنافسات الرسمية أو الودية أو الترويحية التي يعتزمون خوضها، ويجب ألا نتخوف من وضع برنامج غذائي، فهي مجموعة أغذية يحتاج إليها، ومن الضروري إذ ذاك أن يتعود الناشئ تناول الأغذية الطازجة والعصير الأخضر والنشويات والبروتينات، ويفضل أن يكون لهذه الأغذية منشأ حيواني غير مباشر؛ أي بتناول منتجات الحيوان لا الحيوان نفسه، كالزبادي البلدي والبيض، كما يجب أن يحتوي الغذاء على الأملاح المعدنية والفيتامينات والأجسام الدسمة المهضومة كالقشدة اللبانى والزيوت النباتية والأثمار المجففة والزيتية، على أن يقتصر تناول اللحوم على وجبة بعد التدريب وبكميات معتدلة. أما أساس التغذية فيجب أن يكون من المواد الغنية بمحتواها المعدن والفيتامينات، وأساس شرابهم العصير الأخضر وعصير الفواكه مثل البرتقال والتفاح وغيرهما.
إن نظامًا من هذا النوع يجعل الجملة الهضمية بحالة راحة هي في أشد الحاجة إليها، خاصة الكبد الذي يختص بدور بالغ الأهمية في تمثيل الأغذية، إذ إنه أداة الادخار للعضلات، ويمكن القول إن الكبد السليم بالنسبة للناشئين هو عنوان قوته وحيويته. فالكبد السليم يدخر النشا الحيواني والجليكوجين اللذين يوجدان كذلك في العضلات، واللذين يحرر تحولهما الكيميائي الطاقة اللازمة للجسم حسب الطلب، فإذا ما ضعف الكبد، ضعفت قدرة العضلات على أداء هذه المهمة الحيوية، وعجزت عن أداء حركات الإعداد البدني والفني، والكبد حساس جدًا تجاه التوتر والسهر وسموم الأغذية السريعة والخبز والمخبوزات والمقليات، والمواد الشحمية والدهنية.
ونظرًا لاختصاص الكبد بتأمين تنظيف السموم العضوية بالاشتراك مع الكليتين، فإن هذا العمل يتطلب مجهودًا قويًا، يجعل اتباع نظام غذائي معتدل ضروريًا لمساعدة الكبد على الاحتفاظ بقدرته زمنًا طويلًا، وعلى أداء مهمته على الوجه الأكمل. إن بعض الرياضيين يطبقون هذا المبدأ بدقة أكثر مما يجب، فهم يتبعون المذهب النباتي، أي أنهم يقصرون غذاءهم على النبات وحده، ولكن هذه مبالغة فيها؛ لأن جسم الناشئ الفتي في حاجة إلى المواد التي تبني عضلاته بناءً سليمًا، ولذا يجب أن تدخل اللحوم في غذائهم إلى جانب الخضار والفواكه لتكتمل الوحدة الغذائية بتوفير كل احتياجات الجسم من المواد الغذائية.
إن السرعة التي يحرق بها الجسم مدخراته من المواد البانية، يجعل تعويض هذه المدخرات هو أساس النظام الغذائي الذي يجب على الناشئ اتباعه؛ ولذلك يجب أن يحتوي هذا النظام على مصادر للفسفور، والمغنيسيوم، والكالسيوم، والحديد، والكبريت، والبوتاس، وعلى الأغذية التي تحتوي على الفيتامين (ب) المتوافر في الحبوب وغيرها، وتلعب الوجبات الغذائية الغنيّة وغير الثقيلة دورًا مهمًّا في بناء اللياقة البدنية سواء عند الناشئ أو الشاب، وهذه المرحلة هي مرحلة نموّ، ولذا فإنّ حاجتهم إلى الغذاء الصحي الذي يتوافر على المواد الأساسيّة كالبروتينات والفواكه والخضار والبقول واللبنيات حاجة ضروريّة لتأخذ الأجساد الفتية كفايتها من الطاقة اللازمة للنموّ، وكما قال أطبّاء الرياضة إنّ اللاعبين الناشئين والشباب، بل الرياضيين بصفة عامة في حاجة إلى تغذية فائقة يواجهون بها المجهود الهائل الذي يبذلونه.
ومع الأسف؛ فإن عددا كبيرا من المدربين العرب يطبقون بعض التدريبات الخاصة بالإعداد البدني دون مراعاة لتعويضهم عن طريق برامج غذائية مخصصة لذلك، حيث يعاني أغلب الناشئين مشكلة الجفاف والإصابات التي تنتج عن نقص بعض المواد الخاصة بتغذية العضلات ودون مراعاة للاعبين في مرحلة المراهقة الذين يحتاجون إلى تناول كميات من السعرات الحرارية أكثر من غيرهم، وذلك ليس بزيادة كمية الطعام في الوجبة، بل بزيادة عدة الوجبات، فلقد أثبتت الدراسات أن البرمجة الصحيحة للتغذية تكون من خلال زيادة عدد الوجبات لا زيادة كمية الوجبة، وبالطبع يتأثر النمو والأداء في حال عدم استهلاك كمية كافية من الطاقة.
التغذية هي إحدى الأعمدة التي يرتكز عليها بناء اللاعب الناشئ أو الشاب، وعلى الإداريين والمدربين الاهتمام ومتابعة برمجة تغذية اللاعبين، وكما هو معروف يحدث التدريب الرياضي تغيرات في أنسجة الجسم وأعضاء أجسام الناشئين، وهو ما يتطلب البروتين وباقي عناصر الغذاء الأخرى، وما يحتاجه من الراحة والنوم، وعلى المدرب مراقبة التعب والخمول والكسل لدى اللاعبين، وتقديم النصح بساعات إضافية من النوم أو الراحة، فهما مكملان لبرنامج التغذية.
وكما هو معروف أن اللياقة البدنية أهم عوامل نجاح لاعب كرة القدم بشكل عام، وهي تعتمد اعتمادًا كليًا على الصحة البدنية للاعب، وكلما كانت بنية اللاعب جيدة كانت لياقته مرتفعة؛ لذا كان لا بد من إيجاد برنامج غذائي يوازي البرنامج التدريبي، وتطويع هذه البرامج من أجل بناء أجسام الناشئين وفق الأسس الصحية والطبية المعروفة، مع الأخذ في الحسبان أن البنية الجسدية للناشئين تمر بمرحلة نمو مهمة؛ لأنهم يمرون بمرحلة المراهقة، وهذه المرحلة تتطلب بناء الجسد بطريقة سليمة حتى يتمكن من امتلاك جسم قوي يتحمل ضغط فترات الإعداد وتدريبات اللياقة البدنية والمهارات الفردية وفترات المنافسات الرسمية، على أن يتم إعداده وحسن تأسيس بنيته الجسمانية لتحمل التدريبات العنيفة في مستقبل أيامه عند احترافه لكرة القدم، حيث تمتد التدريبات اليومية لما يقارب 6 إلى 7 ساعات تدريب في اليوم الواحد، وإن لم تكن هنالك برامج للتغذية في مراحل الإعداد وعلى مدى استمرار الناشئ في أدائه لكرة القدم، فلن تكون هنالك جدوى من هذه الفترات؛ لأنه يمر بمرحلة نمو مهمة وحساسة وكل أجهزته العصبية وغيرها غير مكتملة، وقد يؤثر الإعداد البدني في نموه بشكل صحيح، وتساعد على المساهمة في عملية تطوير البنية الجسدية للاعب، وتحسن قدراته البدنية والحركية على النمو إذا لم تكن التغذية مبنية على ما يحتاج إليه الناشئ خلال كل فترة من فترات عمره.
ويؤثر ما نأكله من غذاء في صحتنا مباشرة، والأغذية إلى جانب أنها تشكل العنصر الأساسي للتكوين البدني، فهي تساعد على منع الإصابة ببعض الأمراض، كما أنها تساعد على الشفاء من أمراض أخرى، والتغذية الصحيحة لجسم الإنسان ووقايته من الأمراض توفر العناصر الغذائية التي يحتاج إليها جسم الإنسان من عناصر إنتاج الطاقة (الكربوهيدرات والبروتينات والدهون) والفيتامينات والأملاح المعدنية، ويحتاج جسم الشخص السليم إلى نحو جرام واحد من البروتين لكل كيلوجرام من وزنه، وتوفره الأغذية البروتينية كاللحوم بأنواعها والألبان والأسماك والبيض وبذور البقول في الطعام والإكثار من تناول الأغذية الغنية بالألياف كالحبوب مع غلافها وبذور البقول والخضراوات الورقية للاستفادة من تأثيراتها الوقائية ضد العديد من الأمراض مثل ارتفاع دهون الدم والكوليسترول.
ونحن في العالم العربي إن أردنا بناء جيل يحقق لهذه الأمة انتصارات تفرح أبناءها، علينا العناية ببناء أجسام أبنائنا الناشئين بطريقة صحية وطبية؛ لأن البنيات الجسمانية لدى اللاعب في أوروبا ودول العالم المتقدمة كرويًا هي التي تحدث الفارق بيننا وبينهم.
وأنتهز هذه الفرصة بحلول عيد الفطر المبارك لأتقدم بأطيب التهاني وأجمل الأماني للإخوة في جريدة الاقتصادية وكل الرياضيين في العالم العربي متمنيًا لهم جميعًا التقدم والرفعة والازدهار.