التعليم والتدريب التبادلي للإجهاز على البطالة (1 من 2)

تبرز، البطالة كمعضلة وظاهرة اقتصادية خطيرة، وإشكالية مجتمعية‏،‏ واحدة من أهم التحديات التي تجابه مجتمعنا السعودي، كالمجتمعات الإنسانية الأخرى، لذا تعمل الدول والحكومات دومًا وأبدًا على التعاطي معها، كما تحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين، أعزّها الله، على تقديم البرامج ذات الخصوص، وتوفير الحلول الناجعة لهذه المعضلة؛ لتحقيق التنمية المستدامة والتقدم والازدهار لمجتمعنا، حيث يرتكن إيقاع نمو اقتصادنا المتصاعد على خفض معدلات البطالة‏. وأخيرا قدمت حزمة متكاملة في هذا الخصوص من برنامج نطاقات لسعودة الوظائف وحافز، وغيرهما من البرامج الفاعلة في هذا الشأن.‏
يأتي التعليم بالتدريب أو التعليم المنتهي بالتوظيف، أو ما يُعرف بالتدريب التبادلي، كأحد الحلول المبتكرة التي بادرت بها بعض الدول التي تعاني إشكالية البطالة، من خلال تحقيق التعاون المثمر والمزاوجة بين المؤسسات التعليمية (المدارس ومعاهد التدريب والجامعات) من ناحية، والقطاع الخاص، (قطاع الصناعة والتجارة) من ناحية أخرى، وتقوم فلسفة هذا التعليم على إتاحة الفرصة الكاملة للشباب للتعليم الجيد المقرون بالعمل المتميز، برواتب كحوافز مالية شهريًا، عبر التوسع فيما يُطلق عليه: ''استراتيجية التدريب التبادلي'' الذي يسهم في إيجاد مخرجات تعليمية، مدرّبة، ومؤهلة، تجمع بين مهارات التعليم، والتدريب المهني والفني والتقني واكتساب خبرات العمل المبكّرة، إضافة إلى التحلي بالسلوكيات الواجب توافرها للطالب والمتدرب؛ لسد احتياجات سوق العمل الفعلية.
تقوم فكرة هذا التعليم التبادل أو فلسفته على المشاركة الفعّالة، بين القطاع الخاص والمعاهد التعليمية والمهنية والفنية والتقنية والجامعات، جنبًا إلى جنب مع تطوير مراكز التدريب القائمة وتفعيل دورها، وإيجاد آلية لتطوير، وتعظيم معطيات التعليم الفني، والتدريب المهني، وربطه فعليًا وعمليًا بسوق العمل، من خلال إنشاء أو تطوير كليات مجتمعية، تنهض بإعداد عمالة فنية، متخصصة في المجالات الخدمية والصناعية كافةً، ذات مهارة عالية تتفق مع احتياجات الأسواق المحلية والإقليمية على السواء، يقوم بتمويل هذه البرامج شركات القطاع الخاص ومصانعه، بل تمنح الطالب والمتدرب شهريًا رواتب تشجيعية؛ حيث يمكّنه التعليم والتدريب من الحصول على فرصة عمل في تلك المصانع، ويعتبر (التدريب التبادلي) نقلة نوعية حديثة في نظم التدريب، لاشتماله على عناصر أساسية مهمة من شأنها إبراز مدى استيعاب الطالب المتدرب المهنة التي اختار التدريب عليها، وذلك عبر إجراء اختبارات القدرات للراغبين وترتيب زيارات للمصانع، كما تتم بموازاة ذلك صياغة عقد ثلاثي بين المتدرب أو ولي أمره والمدرسة أو الجامعة والمصنع يتم بموجبه تدريب الطالب في المنشأة الصناعية وتعيينه بعد التخرج فيها.
تتم بموازاة ذلك إحداث مركز مستقل لتطوير وتحديث مناهج التعليم الفني، والتدريب المهني، ذي شخصية اعتبارية مستقلة لمواكبة القفزات الحاصلة في التعليم الفني ومتغيراته الإقليمية والعالمية؛ وتخصيص موازنة مالية تتناسب مع توجهات الدولة من أجل الارتقاء بمستوى هذا النوع من التعليم والتدريب؛ والعناية بالمعلمين والمدربين في المدارس الفنية ورفع كفايتهم الفنية وزيادة مكافآتهم وحوافزهم، مع الاهتمام بصيانة المعامل والورش وتحديثها؛ وتدعيمها بالأجهزة الحديثة وأحدث وسائل التدريب لتأهيل خريجيها للعمل؛ والتوسع في إنشاء المجمعات الصناعية والتقنية، محل التعليم والتدريب المنشود.
ما أحوجنا ونحن نخوض غمار منظومة التحديث والتطوير والإصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - إلى تقديم مشروع متميز لإصلاح التعليم الفني والتدريب المهني والتقني، من شأنه تطوير نظم التدريب والمتابعة وتطبيق نظام التدريب التبادلي في كل من التعليم الفني والتدريب المهني النظامي (ثلاث سنوات دراسية بعد المتوسطة) ومراكز التدريب وكذلك البرامج التدريبية القصيرة التي يتم تنظيمها للباحثين عن عمل لإحدى الوظائف المطلوبة، حيث يعد هذا النوع من التعليم (التدريب التبادلي) هدفًا لمعظم الدول الساعية للنهوض، والحريصة في الوقت نفسه على القضاء على البطالة عبر تحديث وتطوير مشروعها التعليمي للتعليم الفني والتدريب المهني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي